خالد مصطفى يكتب: نعوش الموت وصراخ الوطن

الهجرة غير الشرعية صارت مقبرة مفتوحة لأحلام شبابنا الذين يتركون خلفهم أهلاً وبيوتاً بحثاً عن فرصة حياة كريمة لكنهم لا يجدون، إلا الغرق أو العودة في صناديق خشبية الهجرة غير الشرعية تحولت إلى نزيف وطني مؤلم نزيف يحمله فقراء دفعهم اليأس وغياب الفرص إلى تسليم حياتهم لتجار البشر يبيعون لهم الوهم بتذكرة نحو الجنة الأوروبية فإذا بها تذكرة بلا عودة لأن الهجرة غير الشرعية ليست مجرد رحلة محفوفة بالمخاطر بل حكم بالإعدام على أجيال كاملة شبابنا لا يهاجرون إلى أوروبا فقط بل يهاجرون من أمل مفقود إلى موت محقق لأن نعوش الموت القادمة من ليبيا
ليست مجرد أجساد تعود صامتة إلى قراها وبلداتها بل هي صرخة بحجم وطن إلى متى سيبقى شباب مصر يركبون قوارب الهلاك بحثاً عن الحياة فيعودون محمولين على الأكتاف لتعود إلينا النعوش من شواطئ ليبيا فى توابيت مغلقة تحمل أجساد شباب في عمر الزهور كانوا يحلمون بغد أفضل فإذا بالبحر يبتلعهم ويعودون إلى أهلهم صامتين بلا أحلام بلا مستقبل بلا حتى وداع فمن ينقذ شباب مصر على الدولة ان تقوم بالعمل الجاد لفتح فرص عمل حقيقية داخل الوطن وتحويل طاقات الشباب إلى مشروعات إنتاجية وصناعية وزراعية وعلى المجتمع المدني والإعلام ان يقوما بالتوعية بمخاطر الهجرة غير الشرعية وبناء ثقافة أن الكرامة والأمان في الوطن أهم من سراب أوروبا وعلى الأسر ان تؤدى دورها الحقيقى في دعم أبنائها نفسياً ومادياً والوقوف ضد سماسرة الموت الذين يبيعون لهم الوهم كما يجب ان تقوم الدولة بتشديد العقوبات على تجار البشر وملاحقة الشبكات التي تستغل الشباب وتدفعهم للموت المسألة ليست مجرد مأساة فردية بل قضية وطنية كبرى فالشباب هم دماء مصر ومستقبلها وإنقاذهم يبدأ بإرادة حقيقية لتغيير المعادلة بدلاً من أن يكون البحر هو طريق الموت لأن عملية الإنقاذ لن تأتى ببيانات التعازي وحدها بل بقرارات حقيقية وعلى الأسر ان تتمسك بأبنائها وأن تدرك أن الموت في البحر ليس بديلاً عن الصبر والعمل والإصرار داخل الوطن وألا تسلمهم لوهم قاتل وألا ترضى أن يكون البحر قبراً لأحلامهم الوهمية لإن ما يحدث اليوم ليس مأساة عابرة بل معركة على مستقبل أمة فإذا فقدنا شبابنا على شواطئ ليبيا والبحر المتوسط فماذا يبقى لنا من الغد فلنضع جميعاً قاعدة واضحة تتضمن لا هجرة غير شرعية بعد اليوم ونفتح أبواب الأمل هنا ونغلق أبواب الموت هناك لأن مصر التي أعطت العالم أقدم حضارة قادرة أن تعطي أبناءها حياة كريمة على أرضها بدل من أن يطاردوا وهماً ينتهي في نعش فهذه ليست حوادث متفرقة بل مأساة وطنية متكررة فكل نعش قادم من هناك هو شهادة إدانة لواقع يطرد الشباب من أحضان وطنهم إلى قوارب الموت شباب لم يجدوا فرصة عمل تحفظ كرامتهم ولا حياة كريمة تزرع فيهم الأمل فباعوا أحلامهم لسماسرة الوهم الذين يتاجرون بدمائهم إننا نخسر في كل نعش عائد من ليبيا مستقبل وطن نخسر عقلاً كان يمكن أن يبتكر وذراعاً كان يمكن أن يعمل وقلباً كان يمكن أن يبنى فلنجعل من هذه المأساة نقطة تحول لا خبراً عابراً ولنعلن بوضوح لا هجرة غير شرعية ونصنع لهم الأمل هنا أو نموت جميعاً واقفين لا غارقين ويجب ان لا نصل لنقطة اللاعودة ونترك المأساة ونبحث عن المسئول عنها فمن المسؤل هل نلوم البحر الذي ابتلعهم البحر بريء فالبحر لم يدعوهم إليه بل نحن الذين دفعناهم دفعاً إلى البحر هل نلوم أوروبا التي أغلقت أبوابها أوروبا لم توعدهم بشيء فالحقيقة المُرّة أن الجرح فينا نحن في وطن لم يمنح أبناءه فرصة كريمة للعيش في مجتمع ترك سماسرة الموت يبيعون الوهم علناً لزهرة شبابنا بلا رادع لكننا نكتب ونكتب لا نكتب الآن لنجلد أنفسنا فقط بل نكتب لنصرخ كفى
كفى نعوشاً عائدة من ليبيا كفى شباباً يموتون على أعتاب البحر كفى أحلاماً تتحول إلى جنازات لأن إنقاذ شباب مصر ليس خياراً بل واجب وطنى مفروض على الجميع فيجب أن يفتح لهم الوطن أبواب الأمل لا أبواب البحر وان يكون لدينا قوانين تحاصر عصابات التهريب كما نحاصر الإرهاب كما نريد من إعلامنا ان يزرع وعياً
ولا يترك الوهم يسيطر على عقول البسطاء لإن كل نعش عائد من ليبيا ليس نعش شاب فقط بل هو نعش جزء من مستقبل مصر فلنقف جميعاً صفاً واحداً أمام هذا النزيف الدولة المجتمع الأسر كلهم مخطئون ويجب عليهم أن لا يتركوا البحر يبتلع أبناءنا بعد الآن.