خالد مصطفى يكتب: ملف المياه قضية وجود بالنسبة لمصر

من قال إن الرئيس السيسى سيفرط فى حقوق مصر المائية فقد جانبه الصواب تماماً فالرجل كان واضحاً منذ اليوم الأول بأن مياه النيل بالنسبة لمصر قضية وجود وليست مجرد ملف تفاوضى وان كل خطاباته وتصريحاته فى هذا الشأن كانت تحمل رسالة واحدة المساس بحقوقنا المائية خط أحمر وأن الدولة ستستخدم كل الأدوات الممكنة للحفاظ عليها سواء عبر التفاوض
أو التحرك الإقليمى والدولى
أو الإجراءات الداخلية لتعزيز الأمن المائى هذا الموقف الثابت ليس مجرد كلام إعلامى بل سياسة دولة قائمة على عدم التنازل عن شبر من الأرض أو نقطة من المياه من يزعم أن الرئيس السيسى سيفرط فى حقوق مصر المائية يظلم الحقيقة ويتجاهل الواقع فمياه النيل عند مصر هى حياة ووجود لا تقبل مساومة ولا تحتمل تفريطاً لأن الرئيس السيسى أعلنها مراراً لن نسمح لأحد بالمساس بحقوقنا المائية والموضوع دا خط أحمر فالرئيس قيادة تعرف قيمة الوطن وشعب يقف خلفها وجيش يحميها كلهم على قلب رجل واحد لحماية كل قطرة ماء كما تُحمى الأرض والعرض والتاريخ سيشهد أن مصر لم تنحنى أمام التهديدات أو الضغوط وأنها خاضت معركتها المائية بثبات وإصرار حتى النهاية من يظن للحظة أن الرئيس السيسى قد يفرط فى حقوق مصر المائية فهو لا يعرف معنى كلمة مصر ولا يقرأ تاريخها ولا يفهم حاضرها مياه النيل بالنسبة لنا ليست مجرد مصدر بل هى الدم الذى يجرى فى عروق الوطن وحق أزلى محفوظ بدماء الأجداد وصبر الأجيال
الرئيس السيسى قالها وكررها المساس بحقوق مصر المائية خط أحمر والخط الأحمر عند مصر ليس شعاراً بل عهد وقسم تلتزم به الدولة والشعب والجيش مصر التى حمت أرضها عبر التاريخ لن تسمح لأحد أن ينتزع منها قطرة واحدة وستدافع عن نيلها بكل ما تملك من إرادة وقوة حتى يظل النهر شريان الحياة كما كان أمانة فى يد الأجيال القادمة أما الحديث عن استخدام الولايات المتحدة لسد النهضة كورقة ضغط على مصر ليس مجرد خيال سياسي بل
هو سيناريو ممكن ضمن لعبة النفوذ الإقليمي والدولي لأن سد النهضة يعتبر مشروعاً استراتيجياً لإثيوبيا ومصدر قلق وجودي لمصر من ناحية الأمن المائي حيث يمكن أن يتحول إلى أداة في يد القوى الكبرى لتحقيق مصالحها والولايات المتحدة بحكم نفوذها في القرن الإفريقي وعلاقاتها مع أديس أبابا قد تجد في السد ورقة مساومة مع القاهرة سواء في ملفات سياسية اقتصادية أو حتى عسكرية فهذا الضغط قد يتجسد في التأثير على مسار المفاوضات بين مصر وإثيوبيا والسودان لصالح أجندات معينة ربط المساعدات أو التعاون العسكري مع مصر بمواقف أكثر مرونة في قضايا إقليمية دعم تقني
أو مالي غير مباشر لإثيوبيا بما يعزز موقفها التفاوضي محاولة الضغط على مصر لتمرير تهجير الفلسطينيين لكن في المقابل لدى مصر أوراق قوة أيضاً منها ان مصر موقع استراتيجي يتحكم في ممرات التجارة العالمية وأنها قوة عسكرية إقليمية مؤثرة ووجودها بين تحالفات عربية وإفريقية يمكن أن توازن أي ضغط خارجي اذاً القضية في النهاية معقدة وتمتزج فيها ملفات المياه والسياسة والجغرافيا ما يجعل سد النهضة أكثر من مجرد مشروع طاقة
بل سلاح جيوسياسي يمكن أن يستخدم في أي لحظة سد النهضة لم يعد مجرد مشروع إثيوبي لتوليد الكهرباء بل أصبح سلاحاً سياسياً شديد الحساسية يمكن أن يوضع على طاولة المساومات بين القوى الكبرى وعلى رأسها الولايات المتحدة التي تدرك جيداً أن أمن مصر المائي هو خط أحمر بما ان واشنطن التي تتحرك دائماً بمنطق المصالح قد ترى في السد ورقة ضغط ثمينة لاستخدامها متى أرادت دفع القاهرة نحو مواقف أكثر توافقاً مع سياساتها
في قضايا الإقليم سواء في ملفات الشرق الأوسط أو البحر الأحمر أو حتى العلاقات مع القوى الكبرى الأخرى فمجرد إشارة أمريكية إلى دعم الموقف الإثيوبي أو التراخي في الضغط عليها كفيل بزيادة العبء التفاوضي على مصر
ورغم ذلك مصر ليست بلا أوراق فهى عسكرية يحسب لها ألف حساب وعلاقاتها متشعبة مع مما يجعل من أي محاولة للضغط عليها لعبة محفوفة بالمخاطر على الطرف الآخر فالمعركة الحقيقية لم تعد فقط حول مياه النيل بل حول من يملك حق فرض إرادته في المنطقة وإذا حاولت الولايات المتحدة تحويل السد إلى أداة ابتزاز فإن القاهرة قادرة على قلب المعادلة وتحويل التهديد إلى فرصة لتقوية تحالفاتها وبناء موقف تفاوضي أكثر صلابة هنا الصراع على سد النهضة يتحول من أزمة مائية إلى اختبار إرادات ومصر مرت بمثل هذه الاختبارات عبر تاريخها الطويل ولم تكن يوماً الطرف الذي يُملى عليه الشروط