الرئيس الفنزويلي يدعو إلى قمة عالمية للسلام: ”فلسطين ليست وحدها”


في كلمة قوية خلال اجتماع وزاري طاريء دعت إليه كولومبيا وجنوب إفريقيا في إطار مجموعة لاهاي، أعرب الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو موروس عن إدانة بلاده الشديدة لما وصفه بـ"الإبادة الجماعية المستمرة ضد الشعب الفلسطيني"، مطالبًا المجتمع الدولي بتحرك عاجل وفوري لوقف ما اعتبره "أعظم جريمة في التاريخ المعاصر".
وقال مادورو، خلال كلمته، إن ما يحدث في غزة ورفح ونابلس "ليس صراعًا بين طرفين، بل خطة ممنهجة لتدمير شعب ومحو هويته"، مشيرًا إلى أن الهجمات خلفت نحو 60 ألف قتيل وأكثر من 138 ألف جريح منذ أكتوبر 2023.
وأضاف الرئيس الفنزويلي أن "العدوان على فلسطين ليس حديثًا، بل يعود إلى عام 1948 مع بداية الاحتلال والتهجير القسري".
وأكد الرئيس مادورو أن بلاده "ترفع صوتها بقوة باسم الشعب الفنزويلي والحكومة البوليفارية"، داعيًا إلى وضع حد لما وصفه بـ"الإفلات من العقاب" الذي يتمتع به من ينفذون هذه الجرائم، وسط "تقاعس مخزٍ من المؤسسات الدولية"، على حد تعبيره.
وانتقد مادورو أداء كل من محكمة العدل الدولية والمحكمة الجنائية الدولية، واصفًا إياه بـ"البطيء والمتحيز"، مؤكدًا أن "العدالة الدولية اليوم مختطفة لصالح القوى الغربية، وأصبحت أداة ضغط على الدول الضعيفة".
كما عبّر عن دعم فنزويلا الكامل للمقررة الخاصة للأمم المتحدة فرانشيسكا ألبانيزي، معتبرًا أن تقريرها الأخير حول الوضع في الأراضي الفلسطينية المحتلة "وثيقة نابعة من الكرامة والحقيقة"، داعيًا لحمايتها من "الهجمات والوصم الذي تواجهه بسبب مواقفها الجريئة".
واقترح مادورو عقد قمة عالمية كبرى للسلام ومناهضة الحرب، تهدف إلى "وقف المجازر، ونزع السلاح النووي من إسرائيل، وإلزامها بالخضوع للقانون الدولي"، على أن تُبنى هذه القمة على "مقترح سلام عادل وفعال ودائم، ينبثق من الشعوب لا من النخب التي تستفيد من الحرب".
وختم مادورو كلمته بتجديد دعم بلاده الكامل لفلسطين، قائلاً: "ستظل فنزويلا دائمًا إلى جانب فلسطين.. ستعيش فلسطين، وستنتصر فلسطين".
وإليكم نص كلمة الرئيس مادورو كاملة:
أصحاب المعالي، غوستافو بيترو، رئيس جمهورية كولومبيا بوغوتا.. سيريل رامافوزا رئيس جمهورية جنوب أفريقيا بريتوريا.
إلى شعوب العالم إلى حركات حقوق الإنسان إلى ضمير الإنسانية المتمرد إلى الشعب الفلسطيني البطل إلى دول غرب آسيا، من جمهورية فنزويلا البوليفارية، نرحب بأمل واحترام بالعقاد هذا الاجتماع الوزاري الطارئ الخاص الذي دعت إليه جمهورية كولومبيا بالاشتراك مع جمهورية جنوب أفريقيا، في إطار مجموعة لاهاي المعالجة بشكل منسق وعاجل الفظائع التي لا تزال ترتكب ضد الشعب الفلسطيني. يمثل هذا الاجتماع استجابة أخلاقية وسياسية أساسية في وقت تواجه فيه البشرية جمعاء تحدي الرعب والإفلات من العقاب.
بالنيابة عن الشعب الفنزويلي والحكومة البوليفارية، وباسمي نرفع أصواتنا بقوة، متأثرين بمعاناة الشعب الفلسطيني، ومستانين بشدة من تقاعس العالم تجاه أعظم جريمة في التاريخ المعاصر: الإبادة الجماعية المستمرة ضد فلسطين.
هذه ليست مأساة حديثة. فرغم أننا شهدنا منذ أكتوبر / تشرين الأول 2023 مرحلة إبادة قاسية للغاية خلفت ما يقرب من 60 ألف شهيد، و 138,520 جريحا، وآلاف المفقودين تحت الأنقاض، إلا أن هذه الإبادة الجماعية لم تبدأ قبل 21 شهرًا؛ بل تعود إلى عام 1948، مع بداية الاحتلال الصهيوني والتهجير القسري للشعب الفلسطيني من أرضه، وإقامة نظام استعماري إجرامي استخدم التهجير والقمع والحصار والإرهاب كسياسات دولة.
ما نراه اليوم في غزة ورفح ونابلس، وفي جميع أنحاء فلسطين، ليس صراعًا بين أنداد. إنها خطة ممنهجة لتدمير شعب ومحو هويته، ومحو ذاكرته.
إنها جريمة ضد الإنسانية، يُغذيها التدفق المستمر للأسلحة والأموال وتقنيات المراقبة والحماية الدبلوماسية من القوى الغربية، التي تُصر على إنشاء جيب عسكري في غرب آسيا.
لقد أصبح نظام نتنياهو ، تحت سيطرة نخبة صهيونية جعلت من الحرب والعنصرية عقيدة للدولة، أكبر تهديد للبشرية.
كل قنبلة تسقط على مستشفى أو مدرسة أو منزل فلسطيني لا تقتل أرواحا بريئة فحسب، بل تدمر أيضا أسس السلام العالمي، وتقوض الشرعية الدولية، وتهدد مستقبل منظومة الأمم المتحدة ذاتها.
لا شرعية ولا نظام يصمد أمام هذه الوحشية التي تفلت من العقاب.
للأسف، فشلت المؤسسات التي أنشئت لحماية الإنسانية تصرفت محكمة العدل الدولية والمحكمة الجنائية الدولية ببطء مخز، إن لم يكن بتهاون مطلق.
هذه الهيئات التي يفترض بها إنفاذ القانون الدولي وحماية الشعوب المستهدفة، استعمرت من قبل المصالح الغربية أصبحت أدوات ضغط على الضعفاء، وليس على الأقوياء أبدًا. العدالة الدولية اليوم مختطفة.
من كاراكاس، نقول بثقة تامة القضية الفلسطينية ليست قضية إقليمية أو دينية. إنها الخط الفاصل بين العدالة والهمجية.
إنها المعركة الأخلاقية في عصرنا الدفاع عن فلسطين هو دفاع عن الإنسانية نفسها.
الصمت في وجهها خيانة لروح كل الشعوب التي ناضلت من أجل استقلالها وكرامتها.
بقوة المحرر سيمون بوليفار، وبالوضوح الأخلاقي والسياسي للقائد هوغو تشافيز، من أجل السلام والعدالة ومستقبل البشرية، أؤكد مجدداً عزمنا الراسخ على تعزيز النضال حتى نجد طريق السلام الدائم في فلسطين.
فلسطين ليست وحيدة. فنزويلا كانت وستظل دائماً إلى جانبها ستعيش فلسطين. ستنتصر فلسطين.
أرجو منكم، أيها الرؤساء المحترمين، أن تتقبلوا تأكيداتي على تقديري العالي.
من فنزويلا، تدين هذا الاستعمار المؤسسي، وهذا النفاق الهيكلي، وهذا الاستخدام غير المتكافئ والانتقائي للقانون لا يمكن الاستمرار في استخدام البنية القانونية الدولية كأداة لمعاقبة الدول ذات السيادة في الجنوب العالمي، مع منح امتيازات الإفلات من العقاب المرتكبي جرائم واسعة النطاق ضد الإنسانية.
وبالمثل، تؤكد مجدداً أن لفلسطين الحق في الوجود والمقاومة والعيش بحرية، في دولة كاملة السيادة عاصمتها القدس الشرقية، وفقاً لقرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة.
لا حل عادل دون الإنهاء الفوري للاحتلال، ودون إلغاء نظام الفصل العنصري، ودون تعويض كامل عن الأضرار التي لحقت بها على مدى عقود.
وفي هذا الصدد، اقترحت عقد قمة عالمية كبرى للسلام ومناهضة الحرب بهدف بناء حل جماعي وحازم يوقف المجزرة، وينزع سلاح النووي من النظام الإسرائيلي، ويلزمه بالخضوع للنظام القانوني الدولي.
ينبغي أن تبنى هذه القمة على مقترح سلام عادل وفعال ودائم، ينبثق من الشعب لا من النخب التي تستفيد من الحرب.
كما نود أن تعرب عن احترامنا ودعمنا للعمل الشجاع الذي تقوم به المقررة الخاصة للأمم المتحدة فرانشيسكا البانيزي، بشأن حالة حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
يُعد تقريرها الأخير عملاً نابعاً من الكرامة والحقيقة، وقد تعرضت بسببه للهجوم والتهديد تعرب فنزويلا عن تضامنها الفعال معها، وتقديرها المستحق لشجاعتها، ودعوتها لمواصلة مهمتها، رغم العقوبات والوصم الذي تواجهه صوتها ضروري حقيقتها تزعج الأقوياء، لكنها ستنقذ المظلومين.