مؤسسات مجتمع مدني تطلق حملة عدالة سكنية للنساء


أطلقت خمس مؤسسات مجتمع مدني حملة "عدالة سكنية للنساء" ايمانا بأن الحق في السكن ليس مطلب معيشي وفقط، بل هو حجر الأساس لـ حياة آمنة ومستقرة. هو حق نسوي وإنساني، أولوية من أولويات البقاء، ومؤشر حقيقي على العدالة الاجتماعية والمواطنة الفعلية.
في مصر، ما زالت النساء في موقع هشّ عندما يتعلق الأمر بامتلاك السكن أو الاستقرار فيه. حيث تتجلى بوضوح الفجوة النوعية في العديد من محاور الحياة ومنها امتلاك الأراضي والبيوت، وتُعزز تلك الفجوة سياسات اجتماعية واقتصادية وقانونية لا تٌراعي أوضاع النساء، ولا تعترف بتجاربهنّ المتنوعة في الوصول إلى بيت مستقر.
وقالت الحملة في بيان صحفي إن هناك تجارب واقعية لنساء من خلفيات مختلفة: أمهات مٌعيلات، وناجيات من العنف، ونساء يواجهنّ خطر الإخلاء من مساكنهنّ نتيجة مقترحات لتعديل قانون الإيجار القديم. هذه المقترحات جاءت بعد صدور حكم المحكمة الدستورية العليا الذي جاء بعدم دستورية تثبيت الأجرة، وأوصى المشرّع بإعادة النظر في تنظيم العلاقة الإيجارية من هذه الزاوية، دون أن يتطرّق بأي شكل إلى إنهاء أو فسخ عقود الإيجار الممتدة. ورغم ذلك، بادر كلاً من الحكومة والبرلمان إلى طرح تعديلات تشمل إنهاء هذه العقود، دون تقديم أي ضمانات حقيقية أو بدائل واضحة، مما يعكس تجاهلًا متعمدًا لواقع الفئات الأكثر هشاشة، وعلى رأسهنّ النساء، ويُهدد بطرد آلاف منهنّ من منازلهنّ في غياب سياسات حمائية تٌراعي أوضاعهنّ.
الحق في السكن حق مكفول لهنّ بموجب المادة (78) من الدستور المصري، التي تنص على أن الدولة تضمن الحق في السكن الملائم والآمن والصحى دون تمييز. كما تُقر المعاهدات الدولية، وفي مقدمتها العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، أن لكل إنسان الحق في مستوى معيشي لائق، يشمل السكن المناسب بوصفه من مقومات الحياة الكريمة.
ومع ذلك، تبقى النساء في مصر الأكثر تأثرًا عند غياب الأمان السكني. فعوامل الهشاشة تتعدّد: من انخفاض الدخل، إلى الإعالة المنفردة، إلى الانفصال دون حماية قانونية كافية، إلى قلة وجود الدعم العملي لمساعدة النساء في الوصول إلى السكن الاجتماعي. حتى في ظل بعض السياسات التي تٌعلن عن تخصيص وحدات للمطلقات والأرامل، نجد تحديات تُعيق تحقيقها منها الشروط الصعبة والأسعار غير المناسبة لأغلب النساء.
وطالبت الحملة بوقف أي تعديلات تشريعية تؤدي إلى الإخلاء القسري دون بدائل آمنة.
إدماج منظور مٌراعي للنساء، واضح في جميع النقاشات والسياسات المتعلقة بالسكن.
إجراء تقييم نوعي لتأثير تعديل قانون الإيجار القديم على النساء والفئات الأكثر هشاشة.
توفير ضمانات قانونية وسكن بديل لائق ومتاح للنساء غير القادرات على مجاراة أسعار السوق العقارية.
هذه الحملة هي دعوة مفتوحة لكل من تسعى أو يسعى إلى مجتمع عادل، يضمن للنساء حقهنّ في الحياة الكريمة، والمأوى، والاستقرار. هي نداء من قلب البيوت المهددة، من النساء اللاتي يدافعنّ عن حقهنّ في البقاء، وعن رؤية للسكن كحق لا كامتياز.
فلنصغِ إلى هذه الأصوات، ولنضع قضية المواطنة وحقوق النساء في السكن ضمن أولويات التشريع والنقاش العام.