القصة الكاملة لمشوار حسين صدقي


" أوصيكم بتقوى الله .. و أن يحرقوا كل أفلامه ما عدا سيف الإسلام خالد بن الوليد "، هكذا كانت آخر كلماته التي اوصى بها أبنائه قبل وفاته بدقائق، الفنان حسين صدقي ، يحيل اليوم ذكري ميلاده، وفي هذا الإطار رصد”الميدان “مشوار حياته الفنية والشخصية.
ولد حسين صدقي يوم 9 يوليو عام 1917 بحي الحلمية الجديدة في القاهرة ، لأسرة متدينة " توفي والده و كان صدقي لم يتجاوز الخامسة ، فكانت والدته التركية لها الدور الأول و الأهم في تنشئته ملتزمًا و متدينًا فكانت حريصة على أن يذهب ابنها للمساجد و المواظبة على الصلاة و حضور حلقات الذكر و الأستماع إلى قصص الأنبياء.
درس حسين صدقي التمثيل في الفترة المسائية بقاعة المحاضرات بمدرسة الأبراهيمية و كان زملائه جورج أبيض، عزيز عيد، وذكي طليمان ، ثم حصل على دبلوم التمثيل بعد عامين من الدراسة .
كان معروف عن صدقي الخجل و لقبه كل من حوله بالشخص الخجول، حيث كان يجلس في المقاهي بالقاهرة مثل مقهى ريجينا يشرب الينسون و يستمع إلى أخبار الفن و الفنانين.
اشتهر حسين صدقي بتقديم الأفلام ذات الطابع الاجتماعي و الذي يبث قيم و مباديء عليا و لعل صداقته بعدد من رجال الأزهر الشريف هو ما دفعته لاستلهام تلك القصص السينمائية .
بلغ رصيده الفني حوالي 32 فيلمًا سينمائيًا عالج من خلالها العديد من المشكلات و من أبرزها العامل ، "الأبرياء" ، "ليلى في الظلام "، "المصري أفندي" ، "شاطيء الغرام" ، "طريق الشوك" ، "الحبيب المجهول" .
في عام 1942 أسس الشركة السينمائية "أفلام مصر الحديثة" لتخدم الأهداف التي يسعى لترسيخها في المجتمع .
اتجه الفنان حسين صدقي بجانب التمثيل إلى المشاركة بالإنتاج و الإخراج في عدد من الإعمال السينمائية ، كما أنه اقتحم العمل المسرحي من خلال عمله بفرقة "جورج ابيض" و "مسرح رمسيس" .
و في مطلع 1956 دعا صدقي عبرمجلة الموعد الصادرة في يناير 1956 إلى إنقلاب فني حيث دعا العقليات الفنية الموجودة آنذاك بأن يهجروا الآفاق الضيقة التي يعملون بها و يواجهوا الغزو الأجنبي بغزو مصري و عربي آخر ، فكان يدعو لأستخدام أحدث تقنية في ذلك الوقت الألوان و السكوب في إنتاج الأفلام المصرية و انطاقها بشتى اللغات لتقديمها لشتى شعوب العالم و الحرص على إنتاج سينما نظيفة و يقول عن الغزو الأجنبي الفني " كما يصدرون هم أفلامهم التي يعتزون بها ، علينا أن تكون لنا أفلام نعتز بها و نصدرها اليهم " و يضيف " اكيد سنصل و سنقيم في بلادنا صناعة سينمائية نظيفة " .
كان يربط الفنان حسين صدقي صداقة قوية بالشيخ محمود شلتوت و الذي وصف صدقي "بأنه رجل يجسد معاني الفضيلة و يوجه الناس عن طريق السينما إلى الحياة الفاضلة التي تتفق مع الدين ".
و ارتبط أيضا بصداقة قوية مع الشيخ عبد الحليم محمود شيخ الأزهر وقتئذ و كان صدقي يستشيره في كل امور حياته .
اعتزل الفن في الستينات و وافق صدقي على الترشح في البرلمان و ذلك بعد أن طالبه أهل حيه و جيرانه بذلك فكان حريصا على حل مشاكلهم و عرض مطالبهم و لكنه لم يكرر التجربة ، لأنه لاحظ تجاهل المسئولين للمشروعات التي يطالب بتنفيذها و التي كان من بينها منع الخمور في مصر.
بعد أن أنهى صدقي مشواره الفني معتزلا الفن في اوائل الستينات ، أوصى أولاده بحرق ما تصل اليه أيديهم من أفلامه بعد رحيله لأنه يرى أن السينما من دون الدين لا تؤتي ثمارها المطلوبة .
و قبل وفاته بدقائق قال لاولاده :" اوصيكم بتقوى الله و احرقوا كل أفلامي ما عدا سيف الله خالد بن الوليد " و يفارق حسين صدقي الحياة يوم 16 فبراير 1976و بعد أن لقنه الشيخ عبد الحليم محمود الشهادة وقت وفاته حسبما ذكرت زوجته السيدة "فاطمة المغربي" في أحاديثها الصحفية.