خالد مصطفى يكتب: غزو الإخوان الصامت لمؤسسات الدولة

في السنوات الأخيرة ورغم الضربات الأمنية والسياسية التي تلقاها تنظيم الإخوان الإرهابي في مصر إلا أن هناك مؤشرات متزايدة على محاولات جادة من التنظيم لاختراق مؤسسات الدولة مجدداً عبر تجنيد عناصر جديدة بطرق أكثر خفاءً وتنظيماً بأسلوب جديد يعتمد على التخفي وتجنيد عناصر تبدو بعيدة تماماً عن الفكر الإخواني حتى ولو ظاهرياً لكنها تحمل في داخلها ولاءً أيديولوجياً للتنظيم وتعمل
على تنفيذ أجندته في الخفاء
كلنا نتفق أن تنظيم الإخوان تلقى ضربات قاصمة بعد ثورة 30 يونيو إلا أن ما لم يدركه كثيرون أن هذا التنظيم لم يمت بل أعاد تموضعه بهدوء وأعاد بناء شبكاته داخل الدولة ليس بالشعارات هذه المرة ولكن بالتخفي والتسلل نحن أمام جيل جديد من اخوان يطلق عليهم اخوان الظل فهم عناصر مدربة على الانصهار في مؤسسات الدولة هدفهم تنفيذ مخطط بعيد المدى لاختراق الدولة من الداخل وإعادة بناء النفوذ التنظيمي عبر أقنعة الدولة
حيث يستهدف التنظيم خلال هذه الخطة الوظائف الحساسة مثل إدارات الموارد البشرية وتكنولوجيا المعلومات والمجالس المحلية والأحزاب السياسية حيث يسهل من خلالها التلاعب في التعيينات والوصول إلى البيانات الحيوية وخلق شبكات دعم غير مرئية داخل مؤسسات الدولة و لم تعد الخلايا النشطة هي النموذج الوحيد المستخدم بل أصبحت الخلايا النائمة التي تظهر ولاءً للدولة لكنها تنشط عند الحاجة هي السلاح الأكثر استخداماً لضمان البقاء تحت الرادار الأمني حيث بدأ التنظيم فى استغلال الأزمات الاقتصادية لإغراء بعض الشباب عبر الدعم المالي أو الوعد بالوظائف
أو خلق إحساس بالهوية والانتماء في ظل فراغ فكري و سياسي يعيشه البعض و أصبحت النقابات المهنية ومجالس الإدارات و بعض منظمات المجتمع المدني هدفاً استراتيجياً للتجنيد حيث يمكن من خلالها التأثير في الرأي العام وزعزعة الثقة في الدولة من الداخل
فوجود عناصر تحمل فكراً متطرفاً داخل مؤسسات سيادية أو تنفيذية يعرض الدولة لخطر التجسس أو التسريب أو التخريب
المنظم الذى يؤدى لزعزعة ثقة المواطن بالدولة عندما يرى المواطن أن أصحاب الفكر المتطرف عادوا مجدداً للمواقع التنفيذية يشعر بالخذلان والخوف وهو ما تستثمره منصات معادية بالخارج لزعزعة الاستقرار الداخلى
لأن تسلل هذه العناصر قد يؤدي إلى عرقلة المشاريع الكبرى أو خلق مراكز قوى داخل المؤسسات تعمل ضد الإصلاح أو تسعى
لإفشاله عمداً فيجب فرض آليات صارمة للتحقق من الخلفيات الفكرية والولاءات الحقيقية للمرشحين في المناصب الحساسة
و تعزيز الوعي داخل مؤسسات الدولة
كما يجب تدريب الموظفين على اكتشاف علامات التطرف وتثقيفهم بطرق الوقاية
من الاختراق الفكري والتنظيمى وذلك
عبر التعاون مع الجهات التنفيذية لضمان التصدي لأي محاولة لاختراق أو تجنيد جديد بالإضافة لتحديث آليات الفحص الأمني والفكري بشكل مستمر لأن التنظيمات المتطرفة تطور أدواتها باستمرار ويجب على الدولة ألا تظل أسيرة لأساليب تقليدية في المواجهة المستمرة بين الطرفين لان معركة الدولة مع جماعة الإخوان لم تنتهِ بإزاحة قيادتها عن السلطة بل هي مستمرة في مواجهة حرب صامتة تعتمد على التخفي والاختراق الناعم والمطلوب اليوم يقظة دائمة وإجراءات استباقية وتكاتف وطني لمنع هذا التيار الظلامي من العودة إلى مفاصل الدولة بأي شكل من الأشكال
لان الإخوان لا يعتمدون الآن على الخطاب الدعوي أو الحلقات المغلقة بل صاروا يتسللون عبر بوابات قانونية من خلال مسابقات التعيين الترقية الوظيفية الانتقال بين الإدارات الحكومية أو حتى عن طريق الواسطة والنفوذ العائلي
في بعض المحافظات خاصة في الدلتا والصعيد
وإختراق النقابات المهنية والجامعات والجمعيات الخيرية وحتى بعض مراكز الشباب تحولت إلى منصات تغلغل فيها الإخوان مجدداً عبر وجوه شابة لا تحمل ملامح التنظيم القديمة لكنها تنفذ نفس الأجندة لكن بصوت منخفض وأسلوب محسوب حيث اصبح
العنصر الإخواني الجديد لا يرفع شعار الإسلام هو الحل بل يرفع شعار أنا مع الدولة حيث يكتفي العنصر بالتظاهر بالولاء وينفذ تعليمات قياداته في صمت وأصبح دوره الآن بعيداً المواجهة بل التمركز والتهيئة للمرحلة القادمة
والحديث الآن لم يعد عن فكر بل عن مشروع متكامل له قيادة وتنظيم وتمويل خارجي وأجندة تستهدف شلّ مفاصل الدولة من الداخل و تمرير قرارات تؤدي للفوضى الإدارية
و زرع الإحباط في صفوف الموظفين الشرفاء بالإضافة للتجسس على سياسات الدولة وتمرير معلومات لجهات معادية
هذه العناصر لا تحارب من الخارج، بل تتحرك من المكاتب والمؤتمرات وأروقة الوزارات وأصبح خطرها صامت وتأثيرها تراكمي
ونتائجه كارثية و مدمرة فيجب على الدولة ان تفتش عن حل لهذا اللغز لان المعركة أصبحت معركة وعي لا تقل عن معركة السلاح فيجب
عمل فلترة دقيقة للعناصر الإدارية بالمناصب الحساسة كما يجب إعادة النظر في سجلات التعيين والترقية والندب في مؤسسات الدولة خلال السنوات الماضية، خصوصًا بعد 2011
و فتح ملفات التنظيم الخاص في الريف والمحليات لأن الكثير من الاختراقات بدأت من المجالس القروية الصغيرة أو الإدارات تعليمية
فلا تستهينوا بالأطراف فالأفاعي تبدأ من هناك فيجب تفعيل منظومة رقابة أمنية وفكرية داخل المؤسسات و لا بد من تواجد خلية تحليل أمني داخل كل وزارة وجهة حكومية تتابع بذكاء المؤشرات لا الأشخاص فقط
و تمكين العناصر الوطنية المخلصة
ان محاربة الإخوان داخل مؤسسات الدولة يجب ان تحدث بتمكين
البديل الحقيقي
و الكفاءات الشريفة التي لم تلوثها يد التنظيم أو المصالح الضيقة لأن التنظيم الآن لا يخطط لمظاهرة بل يخطط لوظيفة لا يرفع شعار يسقط النظام بل يدخل في النظام نفسه ويخترقه من الداخل الاختراق بدأ والمعركة الحقيقية لم تبدأ بعد فإما أن نواجه الغزو الصامت بعين مفتوحة أو ننتظر أن نصحو يوماً فنجد الإخوان قد عادوا إلينا من الباب الخلفي موظفين ومسؤولين وصناع قرار فإذا ثبت أن هناك يداً داخلية ساعدت ولو عن غير قصد فإنها دعوة عاجلة لمراجعة ملفات العاملين
في مثل هذه المرافق الحساسة والتدقيق في الخلفيات الفكرية والتنظيمية خصوصاً أن جماعة الإخوان باتت تستخدم أساليب غير تقليدية في زرع أفرادها ليتمحور الحدث من مجرد الحريق
كسلاح معنوي وتنظيمي في يد جماعة اعتادت اللعب في المساحات الرمادية ولكم فى سنترال رمسيس آية ياأولى الألباب