الأنبا رافائيل خلال مؤتمر شباب الاول بالإسكندرية : الكتاب المقدس يستحيل تحريفه.. والتاريخ يشهد له


أكد الأنبا رافائيل، الأسقف العام لكنائس وسط القاهرة، خلال عظته في مؤتمر الشباب الأول لإيبارشية برج العرب والعامرية، الذي أقيم في كنيسة السيدة العذراء مريم و الشهيد أبي سيفين بمنطقة عبد القادر بحري في الإسكندرية، أن الكتاب المقدس لا يمكن أن يتعرض للتحريف. واستعرض في كلمته مجموعة من الأدلة المنطقية والتاريخية التي تدعم هذا الإيمان وتؤكد صدقه.
و أوضح أن الكتاب المقدس قد كُتب في عصور سابقة على اختراع الطباعة، حيث كان يتم نسخه يدويًا. وقد كانت المخطوطات تُنسخ بدقة متناهية، مشيرًا إلى أن أي كتاب بأقل قيمة لم تكن تحظى بعمليات النسخ، بينما كانت الكتب المقدسة تُنسخ بعناية استثنائية قبل أن تتعرض النسخة الأصلية للتآكل مع مرور الزمن، وذلك حرصًا على الحفاظ على نصها.
وأضاف أنه يوجد في العالم حوالي 5800 مخطوط يوناني للعهد الجديد، بالإضافة إلى العديد من المخطوطات باللاتينية والسريانية والقبطية، وبعضها يعود إلى فترات قريبة من زمن كتابة النصوص الأصلية. وهذا يجعل احتمال التحريف مستحيلًا من الناحيتين التاريخية والعلمية.
تحدث الأنبا رافائيل عن الانتشار الواسع لترجمات الكتاب المقدس بمختلف اللغات واللهجات حول العالم، مشيرًا إلى أنه يمكن لأي شخص اليوم قراءة الكتاب المقدس بلغته الأم من خلال تطبيقات مثل هولي بايبل ويوفيرجن موضحاً أن النص متاح بجميع اللغات، بدءًا من العربية ووصولاً إلى الصينية واليابانية والهندية، مما يحول دون أي محاولة لتغيير أو تحريف النصوص.
أوضح أن الكتاب المقدس قد ساهم في تأليفه نحو 40 كاتبًا عبر فترة زمنية تمتد إلى 1600 عام، قادمين من خلفيات وثقافات متنوعة. ومن بين هؤلاء الكتاب كانوا رعاة غنم، أطباء، صيادو سمك، فلاسفة، وكتبة في البلاطات الملكية مؤكداً أن على الرغم من اختلاف العصور والبيئات التي عاش فيها هؤلاء الكتاب، إلا أنهم كتبوا بإلهام واحد وروح موحدة، مما يعكس وحدة الرسالة الإلهية.
أكد أن الكتاب المقدس لا يمكن تحريفه، موضحًا أن نقله عبر العصور تم بدقة استثنائية على أيدي النسّاخ الذين اعتبروا كل كلمة من النصوص المقدسة أمانة يجب الحفاظ عليها دون أي زيادة أو نقصان وبيّن أن عملية النسخ في العصور القديمة كانت تُنفّذ يدويًا بحرص شديد ودقة علمية، حيث قال: لم يكن النسّاخ يضعون علامة (إكس) على الأخطاء، بل كانوا يعيدون نسخ الكلمة كما هي، لأنهم كانوا يرون فيها كلمة مقدسة لا يجوز التلاعب بها.
و ستكمل حديثه أن تواجد آلاف النسخ من الكتاب المقدس في مختلف اللغات والثقافات حول العالم يجعل فكرة تحريفه أمرًا غير ممكن سواء من الناحية العقلية أو المنطقية. وأشار إلى أنه من غير المعقول أن يتفق الأوروبيون والآسيويون والأفارقة على تحريف نص واحد في وقت واحد.
وأشار إلى أن جميع نسخ الكتاب المقدس متاحة في أنحاء العالم، ولا توجد نسخة مخفية ولا يمكن لأحد أن يجمع جميع النسخ لتغيير محتواها، فهذه مسألة تفوق قدرات أي إنسان موضحاً أنه على من يزعم أن الكتاب المقدس قد تم تحريفه أن يجيب عن ثلاثة أسئلة أساسية: من الذي قام بالتحريف؟ ومتى حدث ذلك؟ وأين وقع؟، مؤكدًا أنه لا توجد إجابة علمية أو تاريخية واحدة موثوقة على هذه الأسئلة، مما يجعل هذه الادعاءات غير صحيحة.
أشار إلى أن آباء الكنيسة منذ القرون الأولى انخرطوا في تفسير الكتاب المقدس وشرحه وتوثيقه. فقد قام آباء مثل أوريجانوس في القرن الثاني الميلادي بالاستشهاد بآيات من الأناجيل والرسائل، مما يدل على أن هذه النصوص كانت ثابتة ومعروفة منذ وقت مبكر جدًا.
وأكد أنه حتى في حال فقدان كافة النسخ القديمة، فإنه يمكن إعادة تجميع الكتاب من كتابات آباء الكنيسة الأوائل، حيث استشهدوا تقريبًا بكل آية في شروحاتهم وتعاليمهم.
أشار إلى نص من سفر الرؤيا يحذر من إجراء أي تغييرات على النصوص المقدسة، حيث يقول: أشهد لكل من يسمع أقوال هذا الكتاب: إن كان أحد يزيد عليها، سيزيد الله عليه الضربات المكتوبة فيه، وإن كان أحد يحذف منها، سيحذف الله نصيبه من سفر الحياة مضيفاً أن هذا النص يجعلني أشعر بالخوف من إضافة أو حذف أي حرف.
و أشار انه لا يوجد أي دليل تاريخي يدعم فكرة تحريف الكتاب المقدس، بل إن الواقع يشير إلى عكس ذلك، حيث لم تخفِ النصوص الأخطاء أو المعاصي المرتبطة بالشخصيات البارزة في التاريخ المقدس، مما يدل على صدقها وشفافيتها.
أشار إلى أنه لو كانت هناك نية لتحريف الكتاب المقدس لمصلحة اليهود، لكانوا قد حذفوا القصص التي تُظهر نقاط ضعفهم، مثل كذب إبراهيم، أو خداع يعقوب، أو بيع إخوة يوسف له، وحتى خطيئة داود ولكنهم تركوها لأنها تمثل الحقيقة، وهذا يُعتبر دليلاً على الأمانة وليس التحريف.
كما أضاف أن الشعوب عادةً ما تتجنب تسجيل الهزائم أو العار في تاريخها، لكن الكتاب المقدس قد نقل كل ذلك بصدق، بما في ذلك فترات العبودية في مصر أو الغزو البابلي، مُشيرًا إلى أنه لا يوجد شعب يكتب عن نفسه كعبد، بينما الكتاب المقدس يعترف بأن شعب إسرائيل عاش كعبيد لمدة 400 سنة، وهذا يعكس صدقه وعدم تجميله للحقائق.
اختتم حديثه بالتأكيد على أن الكتاب المقدس ليس مجرد مجموعة من الأحداث التاريخية، بل هو شهادة حقيقية تعكس العلاقة القوية بين الله والإنسان مشيرا إلى أن مصداقية النصوص الواردة فيه تعد أبرز دليل على كونه كلمة الله التي لا يمكن تحريفها .