الأحد 13 يوليو 2025 01:59 صـ 16 محرّم 1447هـ

رئيس التحرير محمد يوسف رئيس مجلس الإدارة خالد فؤاد حبيب

رئيس التحرير محمد يوسف رئيس مجلس الإدارة خالد فؤاد حبيب

    آراء وكتاب

    ”بوتين”يصفع ”ترامب”

    مع طغيان حوادث الحروب الأمريكية "الإسرائيلية" فى منطقتنا ، توارت إلى الظل وقائع حرب أوكرانيا ، وإن بدت تطوراتها متصاعدة فى عامها الرابع ، رغم إعلان الرئيس الأمريكى الحالى "دونالد ترامب" قبل نحو عام ، أنه سيوقف حرب أوكرانيا خلال 24 ساعة من لحظة دخوله إلى البيت الأبيض مجددا ، ثم مرت الشهور تلو الشهور ، وقضى "ترامب" نصف سنة فى رئاسته الجديدة ، ولكن دون أن تنطفئ نار الحرب ، بل زاد لهيبها ، ربما لأن صاحب القرار فى حرب أوكرانيا هو الرئيس الروسى "فلاديمير بوتين" وليس "ترامب" ، الذى أجرى مع "بوتين" ست مكالمات هاتفية رسمية مطولة ، وأعرب بعد الاتصال الأخير عن إحباطه من "بوتين"، وأوحى بالعودة إلى مد أوكرانيا بالصواريخ والذخائر بعد توقف جزئى محدود ، فيما كان رد "بوتين" عاصفا فى الميدان الحربى ، ورقيقا ـ ربما ساخرا ـ فى الميدان الدبلوماسى ، وداعيا "ترامب" من خلال تصريحات الكرملين والخارجية الروسية إلى الاستمرار فى بذل جهوده الحميدة لإحلال السلام (!) .
    ولكن ماهو الفارق ؟ ، الذى

    يجعل كلمة الرئيس الأمريكى تبدو مسموعة آمرة فى منطقتنا وحروبها ، بينما يجرى تجاهلها بخشونة فى حرب أوكرانيا ، رغم إشارات "ترامب" المتعددة لعلاقة صداقة خاصة غامضة الدواعى مع الرئيس الروسى ، الجواب المباشر ظاهر فى حالة العالم اليوم ، وهو يمر بمراحل انتقال عسيرة من عالم القطب الأمريكى الواحد إلى دنيا تعدد الأقطاب ، وفيما تبدو منطقتنا المنكوبة أشبه بالربع الخالى إلا من سطوة أمريكا المتصلة لعقود طويلة مريرة ، بينما يطل النفوذان الصينى والروسى على نحو خجول ، وعبر نوافذ متناثرة من إيران إلى مصر والجزائر ، بينما الوضع فى شمال العالم مختلف ، ومن حول أوكرانيا وشمال المحيط الهادى بالذات ،.

    ورغم وجود اختراقات صينية اقتصادية غالبا فى منطقتنا ، غير أن أثرها الإجمالى يبدو محدودا بالذات فى حوض الثروة الخليجية ، بينما تتصاعد أمارات التنافس فى المنطقة الأوراسية ، ومن حول الثقل الجبار للصين المدعوم من روسيا ، وعبر تكتلات من نوع "تحالف شنجهاى" ، وروابط روسيا مع كثير من جمهوريات آسيا الوسطى الخارجة من معطف الاتحاد السوفيتى السابق ، مع تضاعف معدلات التبادل التجارى والتكنولوجى بين بكين وموسكو ، وهو ما جعل اقتصاد روسيا يبدو عصيا على الكسر ، رغم فرض الغرب مازاد إلى اليوم على العشرين ألف عقوبة على الاقتصاد الروسى ، إضافة لعلاقة تحالف متنامية بين السلاح الروسى والسلاح الصينى ، وإن احتفظ كل طرف بهامش استقلال ضرورى ، جعل معدلات نمو وامتياز السلاح الصينى تفرض نفسها ، فالصين توالى تطوير أسلحتها البحرية ، وتدخل باقتدار فى مضمار صناعة حاملات الطائرات ، .

    إضافة إلى سبق مذهل تحققه فى مجال صناعة القاذفات الشبحية ونظم الدفاع الجوى الأحدث ، وهو ما كان له أثره الظاهر فى علو كعب باكستان خلال حربها القصيرة الأخيرة مع الهند ، التى تفاخر "ترامب" بدوره فى إيقافها ، وإن ردت عليه الهند الأقرب للتحالفات الأمريكية بالإنكار، فيما سكتت باكستان الأقرب عسكريا للصين ، وإن بدت الصورة فى قلب آسيا وجنوبها أكثر تعقيدا ، فلا تزال موسكو هى المورد الأول للسلاح إلى الهند ، بينما الخلافات التاريخية الحدودية بين الهند والصين متصلة ، ولا تعيق حركة التبادل التجارى .

    فالصين هى الشريك التجارى الأول للهند كما لباكستان ولروسيا نفسها ، والوضع ذاته سائد لصالح الصين مع الاتحاد الأوروبى وأمريكا ذاتها ، فضلا عن الاجتياح الصينى التجارى مع أفريقيا ، وتلك حالة يحاول "ترامب" أن يحد منها بحروبه الجمركية ، ولكن من دون نجاح كبير حتى اليوم ، فالطاقة الإنتاجية للصين تعدت منافسيها بأشواط بعيدة ، وربما لم يعد لأمريكا من امتياز ظاهر إلا فى مجال شركات التكنولوجيا الكبرى ، وهو المجال الذى تزاحم فيه الصين بقوة ، وتصنع لنفسها فضاء عالميا متسعا ، بدا فى توسع منظمة "بريكس بلس" ، التى انضمت إليها "أندونيسيا" ـ أكبر دولة مسلمة ـ

    فى قمة البرازيل الأخيرة ، وتلعب الصين مع روسيا أدوارا متناسقة فى دعم "بريكس" وتوسيع نفوذها الاقتصادى ، وقد صار أكبر من النفوذ الاقتصادى لمجموعة "الدول السبع الكبرى" الملتفة حول واشنطن ، وإن كانت مشكلة "بريكس" أنها جسد اقتصادى تجارى بلا ذراع عسكرى جامع ، بينما التعاون العسكرى فى قلب "البريكس" بين الصين وروسيا ذاهب إلى آفاق متطورة ، لها الدور الأساسى فى خدمة صناعة السلاح الروسى المتقدم تكنولوجيا، وإلى حد أن "مارك روته" سكرتير حلف شمال الأطلنطى "الناتو" قال مؤخرا ، أن روسيا تنتج سلاحا فى ثلاثة شهور قدر ما ينتجه الغرب كله فى سنة كاملة .


    والمعنى ببساطة مما سبق ، أن يد أمريكا تبدو طليقة ناهية آمرة فى منطقتنا ، بينما تبدو اليد نفسها مقيدة فى مناطق أخرى ، وربما مشلولة فى حرب أوكرانيا مثلا ، ويستطيع "ترامب" هناك أن يقول ما يشاء ، لكن روسيا بدعم صينى هى التى تفعل ما تشاء ، واللعبة هناك محجوزة مفاتيحها للرئيس الروسى ، وهذا ما تشهد به وقائع الشهور الستة الأخيرة منذ عودة "ترامب" للرئاسة ، فقد تصور "ترامب" أن ادعاءاته "السلامية" قد تجدى هناك ، وأن بوسعه اقتسام كعكة أوكرانيا مع موسكو ، وسارع إلى عقد اجتماعات ومفاوضات سلام من "الرياض" إلى "اسطنبول" ، لكن بوتين احتفظ دائما بالكرة بين أقدامه ، وأرهق "ترامب" وأغرقه فى دوامة الاقتراحات والمبادرات والمراوغات ، التى كانت رؤية "بوتين" فيها ظاهرة بلا التباس ، فهو يعطى "ترامب" من طرف اللسان حلاوة ، لكنه لا يحيد أبدا عن أهدافه المعلنة فى حرب أوكرانيا ، وهو يدرك أنها حرب ذات طابع عالمى تجرى فى الميدان الأوكرانى ، تواجه فيها روسيا تحالفا من 54 دولة تقودها أمريكا ، وسعى "بوتين" إلى تحييد واشنطن وإخراجها قدر الإمكان من ساحة المواجهة الجارية ، ثم الانفراد بأوروبا وإنهاكها فى الميدان العسكرى ، واستنفاد كثيرا من بهلوانيات "ترامب" وتنازلاته المعلنة لصالح موسكو ، ومن نزعته العدوانية المتعالية على حلفاء أمريكا الأوروبيين ، ومن احتقاره البادى للرئيس الأوكرانى "فلوديمير زيلينسكى" ، وعبر الشهور الستة الماضية ، بدا أن خطة "بوتين" تؤتى أكلها ، رغم عودة "البنتاجون" إلى مد أوكرانيا بشحنات صواريخ "باتريوت" بعد انقطاع موقوت ، اشتكى فيه "ترامب" من نقص المخزونات الأمريكية ، فيما واصلت أوروبا إمداد الميدان الأوكرانى بكل ما تملك من سلاح ، وتظاهرت بقبول شروط "ترامب" رفع إسهامها المالى فى موازنة "الناتو" إلى 5%من الناتج القومى ، وإن راوغت بتأجيل التنفيذ الكامل إلى عام 2035 ، لكن "ترامب" بدا سعيدا بإنهاك أوروبا ، وهو ما ظهرت ملامحه فى دول أوروبا الغربية الكبرى ،.

    ففيما بدت بريطانيا وألمانيا أكثر تصميما على مواجهة "بوتين" ، وتصعيد نبرات العداء لروسيا فى تصريحات وأفعال رئيس الوزراء البريطانى "كير ستارمر" والمستشار الألمانى الجديد "فريدريش ميريتس" ، وزيادة توريد المال السلاح والصواريخ بعيدة المدى إلى أوكرانيا ، وتأييد ودعم اختراقات أوكرانية خاطفة ، كان أهمها ضرب قاذفات استراتيجية فى مطارات شرق روسيا ، فيما بدا "ترامب" متفهما لضرورات الرد الروسى ، الذى جاء خلافا لتوقعات كثيرة ، وركز على قصف المطارات وقواعد الدعم الأوروبى فى كل مساحة أوكرانيا ، ولم يلجأ لقصف نووى تكتيكى ، بل وجه طاقته لقضم تدريجى متسارع لأراضى المقاطعات الأربع التى أعلنت روسيا ضمها (لوجانسك ودونيتسك وزاباروجيا وخيرسون) ، وأضاف إليها بعد تحرير مقاطعة "كورسك" الروسية مقاطعات أخرى ، لم تتوقف عند حد اقامة مناطق عازلة فى مقاطعتى "خاركيف" و"سومى" ، بل أضافت توغلا عسكريا مدروسا إلى قلب مقاطعة "دنيبرو بتروفسك" غرب نهر "دنيبرو" ، وهو ما أشار إلى انفتاح شهية روسيا لضم المزيد من أراضى أوكرانيا ، ربما وصولا إلى "أوديسا" على شاطئ البحر الأسود ، ولا يبدو "بوتين" فى عجلة من أمره ، ولا فى حاجة إلى تغيير مسمى "العملية العسكرية الروسية الخاصة" ، فهو لم يعلن الحرب كاملة حتى الآن ، ولا حالة الطوارئ الشاملة ، ويسعى لامتصاص الضربات المعادية المؤذية إعلاميا لهيبة روسيا ، ويوفر جهده لكسب أراضى ما يسميه روسيا الجديدة أو "نوفو روسيا" ، وإنهاك الخصوم الأوروبيين ، وهو ما دفع الرئيس الفرنسى "إيمانويل ماكرون" لمعاودة التواصل الهاتفى مع "بوتين"، ربما لحجز مكان فى تفاوض محتمل مع روسيا ، التى باتت أغلب الآراء الغربية تسلم بانتصارها فى الميدان الأوكرانى .


    وبالجملة ، فات الميعاد على إمكانية قلب حقائق الميدان فى أوكرانيا ، وليس بوسع "ترامب" مواصلة استعراضاته السلامية هناك ، حتى وإن تحجج بخذلان "بوتين" ، الذى يدير اللعبة ويصفع "ترامب" بهدوء قاتل ، وبتماسك أعصاب لاعب الشطرنج المحترف ، وليس بشطحات "ترامب" المغرم بإطلاق التصريحات ، وليس بإطلاق القنابل والصواريخ والطائرات الأمريكية المهزومة فى الميدان الأوكرانى .


    [email protected]


    أ

    أوكرانيا روسيا ترامب بوتين

    استطلاع الرأي

    أسعار العملات

    العملة شراء بيع
    دولار أمريكى 49.3414 49.4414
    يورو 53.7723 53.8961
    جنيه إسترلينى 62.9153 63.0675
    فرنك سويسرى 56.0507 56.1898
    100 ين يابانى 33.3726 33.4470
    ريال سعودى 13.1553 13.1826
    دينار كويتى 160.5278 160.9055
    درهم اماراتى 13.4325 13.4633
    اليوان الصينى 6.8549 6.8693

    أسعار الذهب

    متوسط سعر الذهب اليوم بالصاغة بالجنيه المصري
    الوحدة والعيار الأسعار بالجنيه المصري
    عيار 24 بيع 3,629 شراء 3,686
    عيار 22 بيع 3,326 شراء 3,379
    عيار 21 بيع 3,175 شراء 3,225
    عيار 18 بيع 2,721 شراء 2,764
    الاونصة بيع 112,849 شراء 114,626
    الجنيه الذهب بيع 25,400 شراء 25,800
    الكيلو بيع 3,628,571 شراء 3,685,714
    سعر الذهب بمحلات الصاغة تختلف بين منطقة وأخرى
    مصر 24 أول خبر المطور بوابة المواطن المصري حوادث اليوم التعمير مصري بوست

    مواقيت الصلاة

    الأحد 01:59 صـ
    16 محرّم 1447 هـ 13 يوليو 2025 م
    مصر
    الفجر 03:20
    الشروق 05:03
    الظهر 12:01
    العصر 15:37
    المغرب 18:59
    العشاء 20:30