أحمد عرابى : زعيم 9 سبتمبر .. خائن ١٣ سبتمبر !
رباب حرش محافظة الشرقيةصغار في الذهاب وفي الاياب .. اهذا كل شانك ياعرابي
مطلع لاحدي قصائد احمد شوقي , نظمهم لهجاء وانتقاد احمد عرابي الذي رسم شهر سبتمبر ثلاث مراحل ملئت بالمتناقضات لحياة احمد عرابي التي الخصها في 9-13-29 سبتمبر , كانت ولاتزال تحمل في طياتها سؤالا لا اجابة له هل عرابي زعيم….ام خائن !؟
تلك المتناقضات دفعتني لاختلاس زيارة لمنزله الكائن بهرية رزنة التي تبعد عن مدينة الزقازيق قرابة 100 كيلو وبعيدا عن احتيالي وطريقته فقد كان المنزل مفاجأة شديدة لي لم اتوقع ان اجده بتلك الكيفية من الاهمال الفادح التي اشرفت عليه مسئولي المجلس الاعلي للاثار وساترك الصور تصفه وتؤكد عليه
هذا المنزل مكون من ثلاث حجرات الاولي للضيوف والثانية عبارة عن فرن اما الثالثة فهي للمعيشة ومنها باب يؤدي الي الدور العلوي حيث تقع غرفة صغيرة كانت مخصصة لاحمد عرابي حسب رواية احفاده , ويصل الحجرات الثلاث صاله رفيعة علي هيئة رقم 6 وتقع غرفة الضيوف في مقدمة المنزل بحيث تبدو منعزلة عنه وهو مبني من الطوب كعادة الريف في ذلك العصر ويحمل بابه نقوش مميزة ظلت طرازا لفنون الاخشاب لعصور طويلة بدأت من الاسلامي وحتي عصرنا الحديث .
وفي لقاء مع احفاده بالقرية ومنهم عبد الفتاح 63 سنة بالمعاش ليروي ماسمعه من اجداده عن عرابي انه تزوج ب 12 سيدة من مصر والسودان واثيوبيا وسيلان وان قريتهم هرية رزنة حظيت بزوجته الاولي وضمت ابنائه واحفاده الفقراء فقط اما الأغنياء اولاد الهانم علي حد قوله فهم بالقاهرة والصلات مقطوعة ولم توصل بالمرة وان بزواج عرابي من الهانم تمت ترقيته ليقود الجيش بعدما كان في رتب صغيرة واشار الي ان اشقائه من احفاد عرابي يعملون في حرف بسيطة فمنهم موظف الصحة وبائع الطعمية والسباك والقهوجي اما النساء فهن ربات منزل ومما سمعه ايضا ان عرابي كان يحتفظ في ذلك المنزل بوثائق عسكرية سرية الا ان علي صبري وعبد الحكيم عامر عضوي مجلس قيادة ثورة يوليو جاءا الي القرية واخذا كل الوثائق التي كانت في صندوق خاص وانه مصدر فخر لعائلته وللقرية التي اسقطها المسئولين من حياتهم ومن خريطة مصر فهي الفقر في كل
……….نصبت مصر عرابي زعيما في 9 سبتمر لوقفته الشهيرة بعابدين امام الخديو توفيق وقوله لقد خلقنا الله احرارا ولم يخلقنا تراثا او عقارا وظل عرابي زعيما حتي معركة التل الكبير …ففي اقل من ثلاثين دقيقة حسمت تلك المعركة , حصدت نيران المدفعية البريطانية ارواح مايزيد عن 6 الاف من الفلاحين المصريين والقي القبض علي احمد عرابي في خيمته حتي قبل ان يكمل ارتداء حذائه العسكري حسب اعترافاته التي ادلي بها اثناء نفيه الي جزيرة سيلان واضاف انه احتجز في مبني ثكنات قصر النيل بالقاهرة وعقدت المحاكمة التي قضت باعدامه ولكن تم التخفيف فيما بعد الي النفي مدي الحياة الي جزيرة سيلان بالهند
حيث اقام احمد عرابي علاقات ممتازة مع قادة الجالية الاسلامية وساهم في احداث تنمية ثقافية وتعليمية لديهم من خلال الاهتمام بتدريس اللغتين العربية والانجليزية وانشاء المدارس الزاهرة كما نقل عنه المسلمون بعض التفاصيل الحياتية حتي في الملبس فانتشر الطربوش والبنطلون . ومن الحقائق التي يمكن استنتاجها من تعاملات بريطانيا مع عرابي انها تعاملت معه كما لو كان هو ورفاقه في المنفي متحفا مفتوحا فما من وفد او مسئول تردد علي الجزيرة الا ورتبت له السلطات البريطانية لقاءات مع عرابي مما يوضح سعهيا لتحقيق فوائد متنوعة من تلك السياسة كان اطرفها لقائه بالمستثمر توماس ليبتون ملك الشاي وسعيه للتقرب بشدة من عرابي ورفاقه بالمنفي ودعاهم للاقامة اسبوع في مزارع الشاي التي يمتلكها علي سبيل الضيافة والتقدير وهناك عرض علي عرابي مايشبه الصفقة المالية للاستفادة من اسمه في ترويج منتجاته من الشاي الا ان عرابي رفض
ياتي 13 سبتمبر من عام 1901 ليصدر العفو عن عرابي واعادته الي مصر وذلك بعد ارساله اعتذارات الي الملكة فكتوريا مما تسبب في كراهية المصريين له وهو ماسجلته جريدة الاهرام حيث نشرت تصريحا لاحمد عرابي تحت عنوان , عودة عرابي .....جاء فيه علي لسانه : لا ادري كيف حصلت علي هذا العفو ولكن لا اري اي حرج في ابداء الامتنان لما لقيته من تعطف من جانب الحكومة البريطانية واذا كنت لم اعرب عن شكري وامتناني بالكفاية فانني احفظ جميل الملك وحكومته من صميم الفؤاد ثم افصح عرابي عن رغبته في زيارة انجلترا بعد عودته لمصر بغرض تقديم الشكر للملك ادوارد السابع .................
وقد اثارت تلك التصريحات زوبعة من الانتقادات داخل مصر سجلها امير الشعراء احمد شوقي في قصائد هجاء لعرابي عبرت عن السخط العام عليه .. عاد عرابي ليقيم مع اولاده بعمارة البابلي شارع الملك الناصر المتفرع من شارع خيرت بحي السيدة زينب ليفاجئ المصريين بتصريح اخر في جريدة المقطم بتاريخ 13 اكتوبر 1901 ضمن حديث له يعتذر فيه عن الثورة لتشن بعده الصحف المصرية بكافة اطيافها هجوما حادا عليه متهمة اياه بالتسبب في احتلال مصر مما دفع عامة الشعب لسبه واهانته كلما رأوه ووصل الامر باحد الاشخاص الي صفع عرابي علي وجهه في الشارع امام المارةعلي احد المقاهي المجاورة لمنزله واعتزله الشعب حتي ارغموه علي الالتزام ببيته كأنه محدد الاقامة حتي فارق الحياة يوم الخميس الموافق 29 سبتمبر 1911
وقد سجلت جريدة الاهرام خبر وفاته بقولها : انتقل الي رحمة الرحمن الواحد العادل القاهر المحي المميت الديان ,احمد عرابي الشهير الذي قلب بثورته وجه المسالة الشرقية وغير توازن القوات الاوروبية وجر علي مصر الاحتلال وعلي السودان الشركة الانجليزية وجعل شرقي افريقيا ووسطها نهبا بين الدول والامم بعد ان كان خالصا لمصر من مصب النيل وحافة العريش واطراف برقة وسواحل الصومال الي خط الاستواء بل الي سواحل الباسفيك فاضاعت ثورة عرابي هذا الملك المترامي الاطراف وهدمت اوروبا هذه السلطنة الافريقية وذهب اليوم عرابي تاركا لامته الحسرة والغصة ولجميع الامم ايضا العظة والعبرة .
ومن المفارقات أن يمثل حفيده كل عام وقفة جده عرابي
أمام الخديو
في احتفالات عيد الشرقية القومي والموافق التاسع من
سبتمبر وقد اكتفت الشرقية بذلك فلاهي اهتمت بقريته أو منزله ولادرست تاريخه لتراجع موقفها من عرابي !!