فاض الكيل ولن يستمر الصمت كثيرا …. جار أم رقيب؟
دكتور / عربى عيسى

عندما تتحوّل الجيرة من ودٍّ وسلام… إلى وصاية ومراقبة!
مع الزياده السكنيه حاليا وخاصة بمحافظات القاهرة والجيزه والاسكندريه ؛ وبحثنا فى سجل القضايا ودهاليز المحاكم وجدنا بداية مشكلة قضايا الجيران بالمحاكم بدءت من داخل مبنى سكني ، ولا بد أن تجد ذاك الجار الذي يرى نفسه " كبير الغفر المسؤول " عن ما يجب وما لا يجب داخل المبنى، لا يُزعجه الضجيج في الشارع، ولا أصوات الشوارع الخلفية، لكنّه يُعاني من ضحكة طفل في شقة جاره، أو صوت حركة بسيطة على الأرض، وكأن البناية تحوّلت إلى محكمة تفتيش، وشقّتك أصبحت قفصًا زجاجيًا تحت المراقبة الدائمة.
هل الجيرة أصبحت قائمة على الشكوى... أم الاحترام؟
هل من حق أحد أن يُملي عليك كيف تعيش في بيتك؟ متى تفتح الباب؟ متى تتكلم؟ متى يلعب أطفالك؟ ومتى تصلح ماسورة مكسورة؟
بيتي ليس على "الريموت كنترول" الخاص بك!
لكل إنسان مساحة من الخصوصية، لكل بيت حرمة، ولكل جار حد يقف عنده.
من حقي أن أعيش داخل منزلي بأريحية، بصوتي، وحركتي، ولعب أطفالي، وضحكي، وصيانتي لمحتويات شقتي. لا أحتاج موافقتك ولا إذنك، لأن ما يجري بين جدراني هو شأني وحدي، طالما لا أتجاوز حدود الضوضاء المفرطة أو الأذى المتعمّد.
اقرأ أيضاً
”إي فاينانس” تشارك في تفعيل منصة محكمة استئناف القاهرة الرقمية وبرنامج الترجمة والاستعلام المميكن
17 يوليو .. محاكمة وفاء عكة في اتهامات بالتزوير والتشهير والسب والقذف ضد طارق زيدان
محافظ القاهرة يهنئ العاملين بعيد الأضحى خلال جولة تفقدية ويؤكد على تطوير الأداء وتحسين الخدمات للمواطنين
عقب افتتاح دولة رئيس مجلس الوزراء للمقر الرئيسي لجهاز حماية المستهلك بالقاهرة الجديدة
جامعة القاهرة ترفع درجة الاستعداد القصوى وحالة الطواريء بجميع مستشفياتها خلال عيد الأضحي
خلال لقائه بوزير المالية في الإسكندرية.. أحمد الوكيل: حزمة تيسيرات ضريبية جديدة تعكس الشراكة الحقيقية بين الحكومة والقطاع الخاص
نجلة محافظ الشرقية الأسبق تستغيث من أقاربها: استغلوا نفوذهم لسلب حقوقي
السفارة التركية بالقاهرة تنظم فعاليةً بمناسبة يوم الإفطار العالمي
التعاون والشراكات سلاح فعّال لمواجهة التجارة غير المشروعة عالميًا
برلماني يؤكد أهمية تعديل قانون الضريبة العقارية وتطبيق الرقمنة ودعم النشاط الصناعي
السفارة التركية بالقاهرة تنظم فعاليةً بمناسبة يوم الإفطار العالمي
عبده أبو عايشة: توجيهات الرئيس السيسي بشأن الإيجار القديم تعكس حرص الدولة على البعد الاجتماعي وحماية الأسر
لكن في زمنٍ أصبحت فيه الجدران رقيقة، باتت النفوس أكثر ضيقًا، وبعض الجيران أقل تسامحًا.
فكل ضجة عابرة تُعامل كـ"جريمة صوتية"، وكل خطوة طفل تُحسب بالميكرومتر، وكأننا نعيش في صالة مكتبة لا عمارة سكنية!
هل الضحك صار تهمة؟
هل اللعب بات مخالفة تُوجب المحاسبة؟
أن تُطلب منك حياة بلا صوت، يعني أن تُطلب منك ألا تعيش.
فأطفالي لن يُربّوا على الصمت الإجباري، ولن أتحرك في بيتي على رؤوس الأصابع خوفًا من شكوى!
نحن نتحدث عن الحياة الطبيعية… لا الحفلات، ولا الإزعاج المتعمّد.
عن صيانة غسالة، تركيب باب، إصلاح ماسورة… خلال أوقات النهار، كما يسمح العُرف والقانون.
فهل من المنطق أن يُعتبر كل هذا تعديًا؟
هل أصبحت الحياة اليومية خرقًا للنظام… وسببًا للخلاف؟
ماذا يقول القانون؟
القانون المصري واضح في هذا الشأن:
حرمة الحياة الخاصة مصونة
المادة (57) من الدستور المصري تنص بوضوح:
"للحياة الخاصة حرمة، وهي مصونة لا تُمس."
وهذا يشمل كل ما يدور داخل البيت، ما دام لا يشكل خطرًا مباشرًا على الغير.
يعني ببساطة: لا يحق لجارك أن يُراقبك، أو يُحاسبك على أصواتك، أو يتدخّل في شؤون منزلك.
التلصص والمراقبة مجرّمان
المادة (309 مكرر) من قانون العقوبات تنص على:
"يعاقب بالحبس مدة لا تزيد عن سنة كل من اعتدى على حرمة الحياة الخاصة للمواطن..."
يعني أن الجار الذي يترصّدك، يُسجّل عليك، أو يتعمد مراقبة كل صغيرة وكبيرة، قد يكون تحت طائلة العقوبة القانونية.
منع أعمال الصيانة؟ هذا غير قانوني
من حق أي ساكن إجراء صيانة داخل شقته في حدود التوقيتات المقبولة عرفًا (غالبًا من 9 صباحًا حتى 9 مساءً)، ما دام لا يسبب ضررًا جسيمًا للآخرين.
ولا يحق لأي جار أن يمنع أو يعترض أو يفرض وصايته على طريقة أو وقت إجراء هذه الأعمال، طالما التزم الطرف الآخر بالهدوء النسبي والمواعيد المناسبة.
الترصّد يهدم الجيرة… لا يبنيها!
الجار الذي يحوّل حياته إلى جهاز إنذار دائم ضد أي صوت أو حركة، يُحوّل العمارة إلى بيئة خانقة مليئة بالتوتر وسوء الظن.
الجيرة لا تُبنى بالشكاوى، بل بالتحمّل والتسامح والتقدير المتبادل.
الذي يريد الهدوء الكامل عليه أن يسكن في عزلة، لا وسط بشر يتحركون، يتنفسون، يعيشون؛ لان جارك ليس من فرض عليك ان تقوم بالسكن جنبه ؛ لكنك ارتضيت السكن فى هذا المبنى بارادتك ولكنك لن تحكم المكان بارادتك ؛ حريتك داخل حدود حقك ؛ ولايجب ان تتعدى على حرية جارك ؛ ابحث عن الهدوء فى مكان قم باختياره او منزل خاص بك !!!
ما الحل إذًا؟
-
تحدث مع جارك بلطف إن انزعجت حقًا.
-
تواصل باحترام، لا بصدام.
-
فرّق بين الصوت الطبيعي والإزعاج المتعمّد.
-
وتذكّر أن الحياة لا تُقاس بمدى الصمت… بل بمدى حسن العِشرة.
الرسالة الأخيرة:
إلى كل جار يظن أنه يملك حق "الإدارة" على من حوله…
تذكّر أن الجدران تصنع المباني، لكن النفوس تصنع الجيرة.
وأن الصبر ليس ضعفًا… لكن له حد.
وأن القانون لا يحمي فقط من الضجيج، بل يحمي من التعدي والترصّد أيضًا.
"من كان يؤمن بالله واليوم الآخر، فليكرم جاره."
والإكرام لا يعني المراقبة… بل التفاهم والرحمة وسعة الصدر لأصوات الحياة ، لان للصبر حدود ، واتقى شر الحليم اذا غضب .