قوات الدعم السريع.. من مليشيات الجنجويد إلى واحدة من أكثر الجماعات المسلحة دموية في السودان
شهدت السودان تحولات سياسية وأمنية عميقة خلال العقدين الأخيرين، وكان أبرزها بروز قوات الدعم السريع، التي انطلقت من مليشيات الجنجويد، والتي ارتبطت على مدى سنوات طويلة بالقتل والنهب وحرق القرى في دارفور، لتصبح قوة شبه رسمية تابعة للدولة لكنها تمارس أعمال عنف وابتزاز بحق المدنيين.
النشأة والتحول من الجنجويد إلى الدعم السريع
تعود جذور هذه القوات إلى مليشيات الجنجويد، ميليشيات قبلية عربية يقودها موسى هلال وشارك فيها لاحقًا ابن عمه محمد حمدان دقلو المعروف بـ"حميدتي". هذه المليشيات تورطت في حرب دارفور عام 2003، وارتكبت جرائم واسعة النطاق تشمل القتل الجماعي، واغتصاب النساء، وحرق القرى ونهب الممتلكات. وتشير التقارير إلى مقتل أكثر من 450 ألف شخص وتشريد نحو 2.5 مليون شخص نتيجة أعمال العنف تلك.
في عام 2013، أصدر البشير مرسومًا يقنن وجود هذه القوات تحت اسم "قوات الدعم السريع"، وأصبحت تابعة لجهاز الأمن والمخابرات الوطني تحت قيادة حميدتي مباشرة. وفي 2017، منح البرلمان السوداني هذه القوات وضعًا رسميًا كقوة مستقلة ضمن القوات المسلحة، مع صلاحيات واسعة تفوق أي رقابة حقيقية.
المهام الرسمية والواقع الفعلي
رغم أن القانون يحدد مهامها في دعم الجيش وحماية البلاد، فإن الواقع على الأرض يشير إلى أن قوات الدعم السريع مارست العنف الوحشي بحق المدنيين، سواء في النزاعات القبلية أو مواجهة التمرد. وقد شملت أدوارها:
-
مواجهة التمرد في دارفور: شاركت في معارك مثل "دونكي البعاشيم" و"قوز دنقو"، والتي رافقتها انتهاكات ضد المدنيين تشمل القتل والحرق والاغتصاب.
-
فض الاعتصامات: كان لها دور أساسي في فض اعتصام القيادة العامة عام 2019، ما أدى إلى مقتل عشرات المعتصمين، إصابة المئات، واختفاء عشرات آخرين.
-
الإطاحة بالحكومات: ساهمت في إسقاط حكومة عبد الله حمدوك في 2021، وتعطيل مسار الانتخابات، مؤكدة دورها كقوة خارج نطاق السيطرة المدنية.
التمويل والسيطرة على الموارد
اعتمدت قوات الدعم السريع على السيطرة على مناجم الذهب في جبل عامر وجنوب كردفان، التي شكلت مصدرًا ماليًا ضخمًا لتعزيز قوتها. وقد أظهرت تقارير أن إيرادات الذهب بين 2014 و2016 بلغت نحو 123 مليون دولار، كما أسهمت هذه الموارد في تمويل العمليات العسكرية والتجنيد.
القوة العسكرية والانتشار
تتكون القوات من حوالي 60-100 ألف عنصر موزعين في مختلف الولايات، مجهزين بما يقارب 10 آلاف سيارة رباعية الدفع مصفحة، مع أسلحة رشاشة ومتوسطة ووحدات مدرعة خفيفة من طراز "بي تي آر". تنتشر مراكزهم في الخرطوم وبعض المدن الرئيسية، بالإضافة إلى نقاط استراتيجية على الحدود مع ليبيا وإريتريا.
الخلاف مع الجيش النظامي واشتباكات 2023
نشأت الخلافات بين قوات الدعم السريع والجيش النظامي بسبب رفض الجيش دمجها ضمن القوات المسلحة الموحدة، إذ اعتبرها ميليشيا خارجة عن القانون. في أبريل 2023، تصاعدت هذه الخلافات إلى اشتباكات مسلحة في مناطق مثل مطار مدينة مروي والعاصمة الخرطوم، ما أدى إلى سقوط عشرات المدنيين وتشريد آلاف الأسر، إضافة إلى دمار واسع في الممتلكات.
دورها في نشر العنف والتهديد المستمر
تظهر الأحداث الأخيرة أن قوات الدعم السريع ليست مجرد قوة مساعدة للجيش، بل أداة للعنف المنظم والتحكم بالقوة في السياسة والمجتمع. من التمرد في دارفور إلى فض الاعتصامات، ومن التوسع العسكري إلى الاشتباكات مع الجيش النظامي، تظل هذه القوة تهديدًا مستمرًا لأمن المدنيين واستقرار السودان.
الخاتمة
يبقى تاريخ قوات الدعم السريع شاهداً على تحول مليشيات غير شرعية إلى قوة شبه رسمية مارست العنف المنظم وانتهاكات حقوق الإنسان بشكل ممنهج. من الجرائم ضد المدنيين في دارفور إلى فض الاعتصامات، وأدوارها في السياسة، تظل هذه القوات مثالاً صارخًا على خطر الميليشيات المسلحة على الدولة والمجتمع، مما يستدعي رقابة صارمة وجهود مستمرة لإعادة السيطرة على مثل هذه القوات.



















العدد الجديد من جريدة الميدان «1027»
العدد الجديد من جريدة الميدان «1022»
غدًا العدد الجديد من «جريدة الميدان» في الأسواق
العدد الجديد من جريدة الميدان «983»
الميدان تهنئ أفراح عائلات المعداوى والسماديسى بحفل خطوبة الدكتور حسن والأستاذة أريج
الميدان تهنئ عائلات أبو طلحة بقرية الشريف بالبحيرة بمناسبة حفل زفاف كريمتهـم
الكاتب الصحفي محمود أبو السعود يهنئ المستشار ربيعي حمدي لاجتياز سيادته برنامج...
بحضور تامر أمين ونزار الفارس.. المستشار هيثم عباس يحتفل بعيد ميلاده