ما هي قصة التاريخ المفقود لهيئة قضايا الدولة؟.. المستشار الدكتور حسين مدكور يجيب


أكد المستشار الدكتور حسين مدكور، رئيس هيئة قضايا الدولة، أن الهيئة تُعد من أعرق الهيئات القضائية المصرية، غير أن جزءًا مهمًا من تراثها القانوني اختفى في ظروف غامضة بين السرية والإهمال والتدخلات السياسية والاحتلال البريطاني.
البداية مع بيولا كازيللي
يروي المستشار مدكور أن القصة تعود إلى عام 1924 حين تولى رجل القانون الإيطالي بيولا كازيللي رئاسة إدارة قضايا الحكومة.
كازيللي، الذي أحب مصر وشعبها، قرر أن تُعامل الفتاوى والعقود التي تصدرها الإدارة على أنها أسرار دولة لا يجوز إفشاؤها.
فجمعها في كتاب دوّن على غلافه: "سري للغاية – 180"، ليضع بذلك أول حجر في طريق ضياع الإرث القانوني للهيئة.
الاحتلال يخفي الفتاوى
اقرأ أيضاً
هيئة قضايا الدولة تستعد لإطلاق أكبر حركة ترقيات في تاريخها استعدادًا للاحتفال بمرور 150 عامًا على إنشائها
مدحت الكمار: المقترح المصري القطري يضع الاحتلال أمام اختبار حقيقي أمام المجتمع الدولي لإنهاء الحرب
أوهام التوسع الإسرائيلية.. خطاب نتنياهو بين السياسة والدين !
قيادي بحماة الوطن: المقترح المصري القطري بهدنة غزة يقطع الطريق على مخططات الاحتلال
”صوت الشعب” يدين استمرار مخططات الاحتلال في تهجير الفلسطينيين
أسامه جمعة: الموقف العربي الإسلامي الموحد رسالة إنذار حقيقية لإسرائيل ومواجهة قوية لأوهام الاحتلال
رئيس هيئة قضايا الدولة يستقبل مفتي الجمهورية
مدحت الكمار: البيان العربي الإسلامي صفعة لمخططات الاحتلال ودليل على وحدة الموقف
”قضايا الدولة تكرم مستشارين قدّما نموذجًا في التضحية خلال انتخابات الشيوخ”
”ترقية نخبة من مستشاري قضايا الدولة بقرار جمهوري”
خلال زيارة رسمية.. رئيس جهاز التنظيم والإدارة يهنيء رئيس هيئة قضايا الدولة
شهادات من قلب الاحتلال| مرصد الأزهر يفضح جرائم الحرب في غزة
ويضيف مدكور أن الأزمة لم تتوقف عند السرية، بل جاء الاحتلال البريطاني ليضع ثقله في إخفاء بعض الفتاوى التي كانت تحد من سلطاته.
ففي مجلس النواب عام 1941، طالب النائب الوفدي عبد الحميد عبد الحق بتوضيح فتوى من قضايا الدولة حول قانون الطوارئ، تؤكد أن الحاكم العسكري لا يملك حق القبض على المواطنين إلا في حالات محدودة.
لكن وزير المالية وقتها التزم الصمت، وهو ما اعتُبر دلالة على أن الفتوى موجودة بالفعل لكنها حُجبت عن الرأي العام.
دور الملك والسلطة السياسية
وأوضح رئيس هيئة قضايا الدولة أن السلطة الملكية كان لها دور أيضًا في إخفاء بعض الفتاوى.
ويشير إلى قضية الشيخ علي عبد الرازق بعد صدور كتابه الإسلام وأصول الحكم عام 1925، الذي رفض فيه فكرة الخلافة.
فقد غضب الملك فؤاد، وأصدرت هيئة كبار العلماء بالأزهر قرارًا بعزله وتجريده من شهادته.
لكن عبد العزيز باشا فهمي، وزير الحقانية آنذاك، أحال النزاع إلى إدارة قضايا الحكومة لتحديد اختصاص الأزهر.
ورغم أهمية القضية، لم تُعلن الفتوى أبدًا، وظلت طي الكتمان حفاظًا على التوازن السياسي في ذلك الوقت.
بين السرية والإهمال
ويشدد المستشار مدكور على أن الاحتلال والملك لم يكونا وحدهما سبب ضياع الإرث، بل ساهمت أيضًا الأنظمة الإدارية التي تعاملت مع الوثائق القديمة باعتبارها عبئًا يجب التخلص منه.
وبذلك تكاملت عوامل الضياع:
السرية المطلقة التي فرضها كازيللي.
الإهمال الإداري الذي أضاع المستندات.
التدخل السياسي والاحتلال الذي تعمد إخفاء الفتاوى المؤثرة.
يختتم رئيس هيئة قضايا الدولة حديثه مؤكدًا أن هذه الذخيرة القانونية كانت يمكن أن تمثل مرجعًا مهمًا للأمة، لكنها تحولت إلى صفحات مفقودة في التاريخ.
ويقول: "إنه الإرث الذي لم يُكتب له أن يبقى، وبقيت قضايا الدولة تبحث عن جذوره حتى اليوم."