السبت 19 يوليو 2025 07:38 صـ 23 محرّم 1447هـ

رئيس التحرير محمد يوسف رئيس مجلس الإدارة خالد فؤاد حبيب

رئيس التحرير محمد يوسف رئيس مجلس الإدارة خالد فؤاد حبيب

    آراء وكتاب

    مقاومة ”غزة” المذهلة

    كما قلنا هنا قبل أسبوعين ، فلا نهاية منظورة للنيران من "غزة" إلى إيران ، وهذا الذى يجرى فى سوريا وجنوبها و"السويداء" اليوم ، قد ينتقل قريبا إلى لبنان ، ويدخل كيان الاحتلال طرفا مباشرا بالنارفى احترابات الدم الداخلية ، وربما تتجدد الحرب على إيران مع اقتراب موعد إطلاق "آلية الزناد" فى أكتوبر المقبل ، ولا يبدو أن حرب إبادة "غزة" قابلة لتوقف نهائى قريبا ، رغم التذبذب الحاصل فى مؤشرات بورصة مفاوضات الوساطة الجارية بالدوحة والقاهرة ، فالأمر مرتبط ابتداء وانتهاء بتوجه واشنطن والرئيس الأمريكى "دونالد ترامب" الضائع فى متاهته الدولية ، وقد تذهب به هلاوسه مع نصائح "بنيامين نتنياهو" قائده الميدانى إلى اعتقاد بائس ، قد يرى معه أن الطريق لنيله "جائزة نوبل للسلام" مفروش بالدماء ، وبدماء العرب والفلسطينيين بالذات .


    وعلى جبهة الدم الفلسطينى ، تبدو مواقف "ترامب" ذيلية تماما لكيان الاحتلال ، ومفضوحة أكثر من مواقف "نتنياهو" نفسه ، الذى يغلف كلامه أحيانا بمسحة خداع ، وكلنا يذكر ما جرى على مائدة عشاء "نتنياهو" فى المكتب البيضاوى ، فكلما سألوا "ترامب" عن موقفه من شئ أحاله إلى "نتنياهو" ، وقتها سأل بعض الصحفيين "ترامب" عن موقفه من خطته الشهيرة لتهجير الفلسطينيين وإقامة "الريفييرا" إياها فى "غزة" ، ولم يجد "ترامب" عندها ما يقوله ، وأشار إلى "نتنياهو" طالبا منه المساعدة ، ورد "نتنياهو" متقمصا شخصية "ترامب" نفسه ، وقال أن الرئيس الأمريكى يريد ترك حرية الاختيار للفلسطينيين فى التهجير "الطوعى" (!) ، وعندما سألوا "ترامب" عن رأيه فى حل الدولتين وإقامة دولة فلسطينية ، لم يحر جوابا إلا بتكرار الإشارة باليد إلى "نتنياهو" ، وكان رد "نتنياهو" صريحا فى رفض إقامة أى كيان فلسطينى مستقل ، وتصميمه على جعل قضايا الأمن كلها فى يد "إسرائيل" من نهر الأردن إلى البحر المتوسط ، وإن كان لا يمانع ـ كما قال ـ فى حكم جيوب الفلسطينيين لأنفسهم إداريا ، وعلى نحو ما بدا فى دعم الاحتلال لعملاء مثل "ياسر أبو شباب" فى "غزة" أو "تامر الجعبرى" فى الخليل ، وألا تكون هناك من سلطة فلسطينية فى "رام الله" أو فى "غزة" ، وحتى فى تفاصيل النقاش اليومى حول هدنة الستين يوما فى "غزة" ، لا يمل "ترامب" من إشاعة أجواء تفاؤل مصنوع ، ويذهب بالتوقعات من زحف أسبوع لأسبوع ، وهو ما صار موضعا لسخرية و"تريقة" الإعلام "الإسرائيلى" نفسه ، وحين وضع "نتنياهو" العصى فى العجلات ، وعرض ما يسميه خرائط إعادة انتشار لقوات الاحتلال فى "غزة" ، تبقى 40% من إجمالى مساحة القطاع تحت سيطرة جيش الاحتلال ، ثم لجأ إلى لعبة "القص واللصق" ، وتقديم خرائط مراوغة جديدة ، اعترض عليها المفاوض الفلسطينى كما الوسيط المصرى ، وكان تعليق "ترامب" العلنى ظاهرا فى مغزاه ، إذ اعتبر أن الحديث عن انسحاب "إسرائيلى" ـ أو إعادة انتشارـ مضيعة للوقت والجهد ، فما يهمه هو ما يهم "نتنياهو" بالضبط ، أى أن يجرى تبادلا متفقا عليه للأسرى والرهائن ، واستهلاك وقت الهدنة فى فرض شروط على "حماس" وأخواتها ، تنزع سلاحها وتنفى قادتها ، وتسحب مئات آلاف الفلسطينيين من الشمال إلى ما يسمونه "المدينة الإنسانية" فى "رفح" ، ودفعهم فيما بعد ـ مع تجدد الحرب بعد الهدنة القصيرة ـ إلى مصير التهجير "الاختيارى" بألفاظ "نتنياهو" ، و"المدينة الإنسانية" المزعومة تشبه ما أسموه "منظمة غزة الإنسانية" الأمريكية "الإسرائيلية" ، كلاهما عمل إجرامى بامتياز ، ومثلما تحوات نقاط مساعدات المنظمة الإجرامية إلى "مصائد موت" لآلاف الفلسطينيين إلى اليوم ، فإن "المدينة الإنسانية" إياها ليست سوى معسكر اعتقال نازى ، كما اعترف بذلك حتى "إيهود أولمرت" رئيس وزراء العدو الأسبق ، لا يقصد منه إلا أن يكون محطة احتجاز للفلسطينيين ، والتهيئة لنقلهم نهائيا إلى سيناء المصرية .


    ومع ما يبدو عليه الموقف العربى من هزال و"تحلل رمى" ، فلا أحد ينتصر حقا لغزة سوى شعبها ومقاومتها ، ولا حس ولا خبر فى القصور أو فى الشوارع ، ولا يوجد مسئول عربى ولا حتى فلسطينى فعل ما يشبه أو يقارب ما فعلته وتعاقب عليه الإيطالية "فرانشيسكا ألبانيزى" المقررة الخاصة للأمم المتحدة بشأن الأراضى الفلسطينية المحتلة ، التى تصرخ كل يوم منددة بحرب الإبادة الجماعية للفلسطينيين فى "غزة" والضفة ، وتطالب كل دول العالم بمقاطعة "إسرائيل" العنصرية ، وبادرت إدارة "ترامب" إلى معاقبتها مؤازرة للكيان وجيشه الإجرامى ، الذى يصفه "نتنياهو" بأكثر الجيوش أخلاقية فى العالم ، بينما هو أكثر الجيوش انحطاطا ووحشية فى التاريخ ، وهو يواصل حرب إبادة البشر والحجر والبشر المدنيين المسالمين ، وبالذات الرضع والأطفال والنساء ، وبطاقة نيران ومحارق جهنمية ، يستشهد فيها ما يزيد على مئة فلسطينى يوميا ، وتدير واشنطن المحرقة الرهيبة من بعيد ومن قريب ، وتدعم حرب الإبادة بقنابلها الثقيلة الخارقة للتحصينات ، وحتى بقاذفات "بى 2" النووية ، كما قرر الكونجرس الأمريكى مؤخرا ، ومع كل ذلك الهول الإبادى ، لا يجد "نتنياهو" ولا "ترامب" حرجا فى الحديث عن السلام وعن "جائزة نوبل" ، ويتقبل "ترامب" ممتنا ترشيح حكومة "نتنياهو" للرئيس الأمريكى لنيل الجائزة ، وكأننا فى كوميديا سوداء من مسرح العبث ، يرشح فيها مجرم حرب نظيره لنيل جائزة سلام ، مع تواطؤ وعجز غير مسبوق فى المجتمع الدولى وقبله وبعده فى المجتمع العربى ، فلم تعد من قيمة تبقت لأى قانون دولى ، وإن حدث العكس أحيانا ، كما جرى مع إصدار المحكمة الجنائية الدولية لأمر اعتقال بحق "نتنياهو" ، تغض دول أوروبية الطرف عنه ، وتسمح بمرور طائرة "نتنياهو" فى أجوائها ، رغم كونها من الأعضاء المؤسسين لاتفاقية روما المنشئة للمحكمة الجنائية الدولية ، ثم تضرب بقراراتها الملزمة عرض الحائط ، ولا تعتقل المجرم المطلوب ، ولا تمنعه من المرور بأجوائها ، ومع كامل العرفان والإعجاب بالمظاهرات المناهضة لحرب الإبادة فى أغلب عواصم أوروبا ، وإن لم تنجح فى زحزحة مواقف الحكومات إلا قليلا ، وباستثناءات باهرة فى أيرلندا وأسبانيا وبلجيكا والنرويج وسلوفينيا وغيرها ، تضاف إلى صحوة حكومات فى عالم الجنوب ، من كولومبيا ونيكارجوا وفنزويلا إلى جنوب أفريقيا وغيرها ، إلا أن يقظة الكثير من الضمائر ، لم توقف النار المصبوبة فوق رءوس الفلسطينيين حتى الآن ، ولا أفادت فى وقف مآسى تقطيع أجساد الفلسطينيين إلى أشلاء ، لا يجد الفلسطينيون حتى فرصة تنفس لتكفينها ودفنها ، لكن "غزة" الوحيدة الفريدة المعانية ، وكما لم يحدث لشعب آخر بإطلاق التاريخ الإنسانى ، "غزة" التى يكتوى أهلها بنار المحرقة ، ويقاسون قتلا وتشريدا وتعطيشا وتجويعا ، لو وزع على كل أهل الأرض لأرهقهم ألما ، "غزة" التى هى تحت الإبادة تواصل كتابة أسطورتها الخاصة جدا ، عذاب أسطورى مصحوب بصمود أسطورى إجبارى ، ورفض كامل لترحيلهم من الوطن المقدس ، ورفد لجماعات المقاومة المسلحة بمدد يومى من المقاتلين الاستشهاديين ، آلاف الشباب ينضمون لجماعات المقاومة المحاصرة ، وإذا كان لا بد من موت فلتكن الشهادة الأكرم عند الله والناس ، وهو ما يفسر هذه الحيوية الفياضة المتجددة لأعمال المقاومة ، برغم دمار كل شئ ، وبرغم هدم البيوت والشوارع وحرق الخيام كلها تقريبا ، ورغم دخولنا إلى الشهر الثانى والعشرين من عمر حرب الإبادة الأمريكية "الإسرائيلية" ، فلا تزال جماعات المقاومة الفلسطينية بكامل عافيتها وعنفوان عملها الفدائى ، وتخوض حرب استنزاف ضد جيش الاحتلال ، وتدير كمائن عبقرية تنهك جيش الاحتلال وكيانه ، الذى ظن أن استشهاد القادة يطفئ نار المقاومة ويمزق خلاياها ، ويقرب ساعة القضاء على "حماس" وأخواتها ، خصوصا مع حصار مطلق ، لا تذهب معه إلى المقاومة طلقة رصاص ولا شربة ماء ، لكن المقاومة كانت كشعبها فى رفض الاستسلام ، وولدت بعد ذهاب القادة قوافل من القادة الجدد ، يخوضون عملياتهم كجيش هائل التنظيم ، ويصنعون سلاحهم وبنادقهم وعبواتهم الناسفة بأيديهم ، ويحولون قذائف العدو وصواريخه التى لم تنفجر إلى سلاح للمقاومة بالهندسة العكسية ، وهكذا صرنا فى الشهرين الأخيرين إلى قاعدة "كمين كل يوم" ، وفى كل مكان من "خان يونس" إلى "الشجاعية" و"التفاح" و"جباليا" و"بيت حانون" ، وبذكاء عقول تحفظ الإيمان بالله وبفلسطين فى القلب ، وبجرأة تقفز بوقائع القتال إلى تعرض مباشر من المسافة صفر ومن دونها ، وبتزايد متصل من قتلى ضباط وجنود العدو ، صعد بأرقام خسائر العدو إلى عشرة آلاف قتيل وجريح حتى اليوم بحسب ما تعلنه "إسرائيل" ذاتها ، وما خفى كان أعظم وأفدح كثيرا .
    وبالجملة ، فإن جيش الاحتلال يقتل المدنيين عشوائيا وبخسة همجية ، بينما المقاومة تقاتل بشرف على نحو أسطورى مذهل ، و"أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وإن الله على نصرهم لقدير " صدق الله العظيم .


    [email protected]

    اقرأ أيضاً

    غزة إسرائيل الابادة الأمريكية المقاومة

    استطلاع الرأي

    أسعار العملات

    العملة شراء بيع
    دولار أمريكى 49.3414 49.4414
    يورو 53.7723 53.8961
    جنيه إسترلينى 62.9153 63.0675
    فرنك سويسرى 56.0507 56.1898
    100 ين يابانى 33.3726 33.4470
    ريال سعودى 13.1553 13.1826
    دينار كويتى 160.5278 160.9055
    درهم اماراتى 13.4325 13.4633
    اليوان الصينى 6.8549 6.8693

    أسعار الذهب

    متوسط سعر الذهب اليوم بالصاغة بالجنيه المصري
    الوحدة والعيار الأسعار بالجنيه المصري
    عيار 24 بيع 3,629 شراء 3,686
    عيار 22 بيع 3,326 شراء 3,379
    عيار 21 بيع 3,175 شراء 3,225
    عيار 18 بيع 2,721 شراء 2,764
    الاونصة بيع 112,849 شراء 114,626
    الجنيه الذهب بيع 25,400 شراء 25,800
    الكيلو بيع 3,628,571 شراء 3,685,714
    سعر الذهب بمحلات الصاغة تختلف بين منطقة وأخرى
    مصر 24 أول خبر المطور بوابة المواطن المصري حوادث اليوم التعمير مصري بوست

    مواقيت الصلاة

    السبت 07:38 صـ
    23 محرّم 1447 هـ 19 يوليو 2025 م
    مصر
    الفجر 03:24
    الشروق 05:06
    الظهر 12:01
    العصر 15:38
    المغرب 18:56
    العشاء 20:26