خالد مصطفى يكتب: الأحزاب والفرصة التاريخية

يجول بخاطرى دوماً قليل من الأحلام وبعض الأمنيات للصورة الحقيقية التى رسمتها بعناية
ريشة السيد / الرئيس عبدالفتاح السيسى
فى منتصف لوحة جميلة إسمها الجمهورية الجديدة حيث تتراقص بداخلى العديد من الخواطر التى تقترب من الواقع
لأننى تعايشت فى المناخ الإنتخابى الأوربى لسنوات
طويلة بحكم عملى وإقامتى الدائمة بالمملكة المتحدة بالطبع هناك إختلاف شديد بين الإستحقاق الإنتخابى بالولايات المتحدة وبريطانيا ودول الإتحاد الأوروبي وبين العملية الإنتخابية فى منطقتنا العربية ومعظم بلاد القارات الأربع الأخرى وهذا ليس تقليلاً من الشأن العربى والقارات التى تسمى بدول العالم الثالث
ولكن الإختلاف الحقيقى موجود بين جدران الثقة الراسخة لعقود طويلة بين الحكومات والشعوب فى الدول المتقدمة فا إدارة العمليات الإنتخابية هناك تسير وفق منظومة واحدة مكررة بشكل
ثابت لا يتغير
دعونى أتحدث عن الشكل العام بالنسبة للإنتخابات البريطانية بحكم أننى قضيت هناك مايقرب من عشرون عاما حيث يوجد وبشكل أساسى سقف موحد للإنفاق على الحملة الإنتخابية لا يتعدى هذا السقف عن 12 ألف جنيه إسترلينى لكل مرشح وعليه أن يتقدم للجنة المشرفة على الإنتخابات بالمستندات الدالة على هذا الإنفاق وإذا تحدثنا عن اليوم المخصص للتصويت له عدة طرق
أولا : الطريقة الإعتيادية من خلال التصويت
فى الصندوق
ثانياً : التصويت بالبريد
ثالثاً : التصويت عن طريق (Link) حيث يقوم كل ناخب بفتح اللينك من تليفونه الخاص أو جهاز الكمبيوتر ويختار المرشح أو الحزب ثم يرسل إختياره عن طريق إيميله الخاص للجنة المشرفة على الإنتخابات
وذلك دون تدخل من أى عنصر أو جهة قد تؤثر على النتائج النهائية للإنتخابات وبالتالى تكون عمليات الفرز فى جميع اللجان بجميع المحافظات متاحة عبر وسائل الإعلام للجميع
السؤال …
لماذا لم نرى هذه التكنولوجيا الإنتخابية
فى منطقتنا العربية ودول العالم الثالث ؟
مع العلم أن دولة الهند المصنفة رسمياً ضمن دول العالم الثالث هى الدولة الأولى تكنولوجيا ً على مستوى العالم بل هناك عباقرة هنود يديرون أضخم الشركات والمنصات التكنولوجية العالمية وينفردون بالسيطرة الكاملة على
وظائف ( cool center) بمختلف خدماتها على مستوى العالم ورغم ذلك مازالت طريقة الإنتخابات هناك بدائية
جدير بالذكر أن أحلامى وأمنياتى لم ينتهيان لأن صورة مصر الجديدة مازالت مهيأة لهذه الأحلام وتلك الأمنيات التى لم تفارقنى لحظة نظراً لأن الحياة الحزبية فى مصر قد شهدت مؤخراً تطوراً نوعياً من خلال إنتشار الأمانات الحزبية العديدة والفاعلة بمسميات تتواكب مع التطور الطبيعى للدولة وهناك قفزات متتالية لمختلف الأحزاب نحو حياة سياسية تختلف عن التى كانت تمارس قبل 2011 بالإضافة إلى التطور المتلاحق للتنافس الحزبى على الرغم من وجود عشرات الأحزاب إلا أن البرواز الحزبى لم يتضمن خلال الخمس سنوات الماضية إلا حزب (مستقبل وطن) لأن القيادة الحزبية سُلمت لمجموعة من الشباب أصحاب الفكر الواعى والتخطيط الجيد حتى وصلوا بقطار الحزب إلى محطة الأغلبية فى مجلسى الشيوخ والنواب وهذا لا يلغى دور عدد من الأحزاب الأخرى التى تتحرك فى الشارع بسرعة ملحوظة لكنها مازالت غير قادرة على التنافس إلا من باب صغير لمقاعد محدودة بالمجلسين ولكن كانت هناك رغبة لدى الغالبية العظمى من الشعب
فى أن يجدوا حزباً آخر لديه الآليات اللازمة للمنافسة الحقيقية حتى نصل بالحياة الحزبية للشكل الذى نأمل الوصول اليه وبالفعل تأسس مؤخراً (حزب الجبهة الوطنية)
وعلى الرغم من عدم إكتمال مكاتبه وأماناته وهيئاته المركزية والفرعية إلى أن جميع المواطنين يأملون أن يكون لدينا حزبين لديهما القدرة التنافسية على إفراز مجالس نيابية تليق بالجمهورية الجديدة
كلنا ثقة أن هذان الحزبين سوف يضعان حجر الأساس لحياة حزبية وسياسية قد تساهم فى تغيير الشكل النمطى للعملية الإنتخابية ويخرجان الشكل الإنتخابى المصرى من مرحلة العشوائية إلى مرحلة النضوج لأن تجربة (مستقبل وطن) رغم حداثة عهده إلا إنها كانت تجربة ملهمة للجميع حيث تطرق الحزب مؤخراً للعديد من القضايا التى تمُس المواطنين وحاول التخفيف عنهم سواء فى المستشفيات أو سداد ديون الغارمين والغارمات وإهتمامه الواضح بذوى الإحتياجات الشخصية وإهتمامه بالمزارعين وتخفيف المديونيات الضخمة عن كاهلهم والتى تسببت فى إجهاد الآلاف من المزارعين وقامت الأمانة العامة للحزب بالتوفيق فى العديد من القضايا العالقة بين المزارعين وبنك التنمية والإئتمان الزراعى ودخول الحزب المباشر فى كل مايخص الشباب بمختلف المحافظات وتبنيه لعدد ضخم من المشروعات التى تساهم فى تحقيق طموحات الشباب كما إخترق الحزب مشاكل القرى الأكثر فقراً والأسر الأكثر فقراً حتى وصل لمرحلة التناغم الفعلى بينه وبين المواطنين مما أدى إلى سيطرة الحزب على جزء كبير من الشارع المصرى
إذاً لدى الأحزاب فرصة :
فى الإنتخابات القادمة للإعتماد على الوجوه الجديدة القادرة على مواكبة بركان التطور التى تشهده مصر حالياً
لدى الأحزاب فرصة :
لترجمة أحلام وآمال المصريين فى ظل وجود مناخ سياسى لم تشهده مصر منذ عقود
لدى الأحزاب فرصة :
لإختيار عناصر قادرة على إنهاء معاناة المواطنين فى دوائر ومناطق يغطيها النسيان والإهمال
لدى الأحزاب فرصة :
لمواكبة النمو السياسى والطفرة التى تشهدها القطاعات الخدمية من خلال العديد من الدراسات البحثية التى قد تساهم فى رسم الخطط المستقبلية للبلاد
لدى الأحزاب فرصة :
للبحث عن الحلول البديلة من خلال الطاولة المستديرة لكل حزب للخروج من الأزمات لتتخطى الأحزاب دورها الرقابي وتصبح مساندة للحكومة
لدى الأحزاب فرصة :
أن تُتيح الفرص لأصحاب العلم والعقول المتجددة والأفكار المستنيرة ليكونوا جنباً
إلى جنب مع رجال الأعمال ليندمج العلم
والرؤية بالإقتصاد الناجح حتى يستطيعان
أن يعبران سوياً كل الطرق المخنوقة إقتصادياً ومساعدة الدولة فى الإعتماد الكلى على جيل جديد من شباب الأحزاب
لدى الأحزاب فرصة :
للإهتمام بكوادرها وإرسالهم للمعايشة مع الأحزاب الأكبر والأكثر شعبية بالدول المتقدمة
لإكتساب الخبرات اللازمة التى تؤهلهم
للمناصب الرفيعة فى الدولة
لدى الأحزاب الفرصة التاريخية :
أن تخطوا خطوات مُسرعة كى يتقابل مخزونها التفكيرى المتنوع القادر على صياغة الخطط
الغير تقليدية و القابلة للتنفيذ مع الرؤية
الواضحة لفخامة الرئيس عبدالفتاح السيسى