احذر القلق في سم قاتل !
-خالد جوهر
طالعت إحصائية مدهشة تقول ان 50%من المرضى بالمستشفيات المصرية مصابين بأمراض جذورها نفسية وطبقا للدراسات هناك
أنواع كثيرة من القلق المسبب لإنهاك الطاقة النفسية فالكبد النفسى يؤدى إلى إضعاف المناعة وبالتالى جعل الإنسان أكثر عرضة للإصابة بالأمراض المختلفة...
ومن أهم مسببات القلق الخوف من المستقبل أو على المستقبل ؛فمن الأخطاء الشائعة أننا نحمل هم الغد بقوة حتى العبث فكثيرا من المصريين وهم يتناولون غداء لذيذا قد يتساءلون(ياترى فيه اكل يكفى بكرة؟!) وهذا يرجع اليه غالبية القلق الذى يعانى منه المصريون..ولعل العلاج يتمثل فى حديث الرسول صلى الله عليه وسلم والذى يعد علاجا نفسيا ناجعا لهذا القلق(من بات آمنا فى سربه معافى فى بدنه مالكا قوت يومه فقدحيزت له الدنيا بحذافيرها )اذن عليك ان تفكرفي اليوم هكذا يقول الرسول وكذلك يقول المسيح عليه السلام (فلاتهتموا للغد لأن الغد يهتم بما لنفسه يكفى اليوم شره)متى 6-34 )
كما قال المسيح(خبزنا كفافنا اعطنا اليوم)
اى كان يدعو من اجل خبز اليوم فقط لم يكن يفكرفى خبز الامس الفاسد اومن اين يأتى خبز الغد.فالامس ليس الاحلما والغد ليس الاخيالا...وهذالايعنى ان نترك التفكيرفى المستقبل تماما ولكن يجب ان نستعد له ولكن لانهتم وحين تبدوالامور كئيبة فى المستقبل يجب ان اتركها لان التفكيرفيها سينغص على حياتى. تخيل ان المستقبل خارج نافذة بيتك واغلقها فى مخيلتك وعش يومك فقط .
كلنا يعرف الساعة التى اخترعها المسلمون وكانت فجوتين من الزجاج بينهما انبوب دقيق من الزجاج يمرر الرمل واحدة - فقط –تلو الاخرى من تجويف لاخر تخيل ايامك كحبات الرمل وجهازك العصبى كالانبوب الدقيق فهو لايحتمل الا التفكير فى يوم واحد فقط فلو مرت اكثر من حبة رمال لتكسر الانبوب ؛ ان لله يغفرلنا خطايانا لكن الجهاز العصبى لاينسى ولايغفر.
فكل انسان مهيأ لتحمل عبء اليوم الواحد مهما صعب ويكون قرير العين محبا صبورا حتى تغرب شمس هذا اليوم. فاذا كانت هناك كارثة سوف تحدث يوم الخميس وانت يوم الاحد مثلا فإذا فكرت فيها بشدة وقلقت؛ صدقنى قد تموت قبل ان تصل الى يوم الخميس!
لذلك يجب ان تقرأ هذه الابيات للشاعر الرومانى هوراس
ماأسعد الرجل ماأسعده وحده
ذلك الذى يسمى اليوم يومه
والذى يقول وقد احس الثقة فى نفسه
يا أيها الغد كن ما شئت
فقد عشت اليوم لليوم
لا غده ولا أمسه
لقد قال افلاطون(ان اكبر اخطاء الاطباء انهم يحاولون علاج الجسد دون العقل فى حين ان الجسد والعقل وجهان لعملة واحدة فلا ينبغى علاج احد الوجهين على حدة)
وهذا فى القرن الرابع قبل الميلاد وهاهو العلم الحديث يثبت صحة هذه النظرية حيث ظهرت كتلة ضخمة من الامراض النفسجسمية او السيكوسوماتية وهى امراض تحدث لاسباب نفسية مثل قرحة المعدة والاثنى عشروضغط الدم(الذى يطلق عليه القاتل الصامت)والبول السكرى والام المفاصل وضعف المناعة بصفة عامة –وهذه كارثة الكوارث-وخلل فى افرازات الغدة الدرقية والشيخوخة المبكرة وتساقط الشعروالضعف الجنسى وغيرها من الا مراض التى ثبت العلم الحديث انها تنتج عن اسباب نفسية....لكن كيف نستطيع وقاية انفسنا من هذه المشكلات النفسية القاتلة يمكن تلخيص وسائل الانقاذ فيمايلى:اولا ضرورة تقبل الذات كما هى لانك تلازم نفسك بشكل دائم ؛تستطيع التحلل من اى شىء واى احد لكنك لاتستطيع التحرر من ذاتك فعليك ان تتقبلها والا سيكون الامر خطير مع الوضع فى الاعتبار امكانية تطويرالذات للاحسن فى حدود الواقع و الممكن وليس الخيال الجامح لان هذا يؤدى الى الفشل بالتالى الشعور بالاحباط والتوتر ممايؤدى الى خلل وظيفى فى الجهاز العصبى( وبالبلدى احلم على قدر امكاناتك)
ثانيا اكتشف علماء النفس ان الناس الاقرب الى الصحة هم الاشخاص الذين يتفانون فى خدمة الاخرين –دون مقابل- كأن يصلح بين الازواج اويساعد الناس ماديا اوعلميا...وهكذا وانا شخصيا كانت لى سيدة قريبتى اصيبت بالسرطان فى الثدى وكان ينتشر بسرعة مذهلة وهى كبيرة فى السن وقد ازال الاطباء الجزء المصاب كما هى العادة وتقررلها علاج كيماوى مستمر لكنها رفضت نظراً للاثار الجانبية الخطيرة ومنها سقوط الشعر والهزال وغيرها..فانطلقت فى عملها وكثفت جهدها فى اعمال الخير والتواصل مع الناس ؛كانت تقرض المحتاجين قرضا حسنا وتقولى هذا افضل من البنك لان الفائدة هنا 18ضعف(فى اشارة لحديث الرسول)وكانت تسعى لتزويج الفتيات العوانس رغم مركزها المرموق ،وتسهم فى علاج المشكلات الزوجية بما لها من مكانة فى قلوب الناس وكانت تشعر بالسعادة الغامرة كالطفل المنطلق كلمااعادت سيدة الى منزل الزوجية او مكنت اب مطلق من رؤية ابنائه. جاءت التقارير الطبية مدهشة ايها السادة لقد كان تاثير الاعمال الخيرة عليها اكثر من تاثير العلاج الكيماوى وعاشت مع هذا المرض اللعين قرابة العشرين عاما ولقد توفيت منذ عامين لكنها تبتسم حتى اللحظات الاخيرة كانت تفكر فى الاخرين وكانت تتحدث الى كلما زرتها على فراش الموت فى مشكلة خاصة بى وهكذا ظلت طالما هى فى يقظة متعلقة القلب بالله وكيف تسعد الاخرين على قدر استطاعتها وحتى الرمق الاخير.
لقد توقف الاطباء طويلا بالتامل امام هذه الحالة اذ كيف قاوم هذا الجسد النحيل ذاك المرض الخطير؟
ان السر يكمن فى الحالة النفسية السعادة والاقبال على الحياة والشعور بالقيمة وحب الناس لك ومدى اسهامك فى اسعاد الاخرين وفوق هذا كله ايمانك العميق بالله . اذن انت وحدك تستطيع ان تمنح نفسك السعادة النفسية و بالتالى الصحة والقوة البدنية ليس بالجاه و السلطان او المال .اسمع ماذا قال نابليون فى منفاه فى جزيرة سانت هيلانة (رغم ما حققته من شهرة ومجد وعظمة الا اننى لم اذق فى حياتى السعادة الحقة الا ما يعادل ستة ايام سويا)
بينما هيلين كيلر-العمياء,الصماء,البكماء- قالت
لقد استمتعت بمباهج الحياة ونعمت بجمالها لقد عشت نصف قرن وتوصلت لشىء واحد انه ما من شىء على الاطلاق يمنحك السعادة والراحة والصحة الا انت نفسك !
د. خالد كمال جوهر