الأربعاء 31 ديسمبر 2025 01:54 صـ 10 رجب 1447هـ

رئيس التحرير محمد يوسف رئيس مجلس الإدارة خالد فؤاد حبيب

رئيس التحرير محمد يوسف رئيس مجلس الإدارة خالد فؤاد حبيب

    آراء وكتاب

    حين يُمنح السفه «منصة»!!!

    لم يعد الخطر قادمًا من عدو واضح أو فكرة معلنة، بل يتسلل إلينا ضاحكًا، راقصًا، صاخبًا، عبر شاشة هاتف صغيرة نحملها بأيدينا ونضعها دون وعي في أيدي أولادنا. ما نشهده اليوم ليس مجرد موجة بلوجرز ولا حفلات مثيرة للجدل ولا “تريند” عابر، بل انفجار حقيقي في منظومة القيم، حيث يُمنح السفه منصة، وتُكافأ التفاهة، ويُدفع المجتمع دفعًا للاحتفاء بما كان يُستحى من ذكره، نحن أمام مشهد مختلّ يُصنع فيه النجم من الضجيج، وتُختطف فيه العقول باسم الترفيه، ويُعاد تعريف النجاح ليصبح صدمة بلا معنى وشهرة بلا شرف، بينما نقف جميعًا نشاهد… أو نُصفّق.
    ما يحدث اليوم على منصات التواصل الاجتماعي لم يعد ظاهرة عابرة يمكن التعامل معها بالضحك أو التجاهل، بل أصبح حالة اجتماعية كاملة الأركان، تفرض نفسها على الشارع، وتدخل البيوت، وتجلس في أيدي الأطفال قبل الكبار، وتعيد صياغة المفاهيم دون استئذان، نحن أمام موجة من البلوجرز لا يحمل كثير منهم فكرة ولا قيمة ولا رسالة، ومع ذلك يمتلكون التأثير، ويصنعون المشهد، ويوجّهون الذوق العام، في واحدة من أخطر لحظات الانقلاب الثقافي التي يمر بها المجتمع المصري.
    فرح كروان مشاكل لم يكن مجرد مناسبة شخصية خرجت عن المألوف، بل كان عرضًا فاضحًا لثقافة جديدة ترى أن الصخب إنجاز، وأن الفوضى نجاح، وأن تجاوز كل ما هو متعارف عليه بطولة تستحق التصفيق، لم يكن الاحتفاء بزفاف، بل احتفاء بالتفاهة نفسها، وتحويلها إلى حدث جماهيري، يُقدَّم فيه الإسفاف باعتباره “جرأة”، وقلة الذوق باعتبارها “تحررًا”، والسلوك الشاذ عن السياق المجتمعي باعتباره “كسرًا للتقاليد”.
    المشكلة ليست في شخص بعينه، فالأسماء تتغير، لكن الجوهر واحد، نحن أمام نماذج تتكاثر لأنها وجدت بيئة تشجعها، ومنصات تكافئها، وجمهورًا يصفق لها، وإعلامًا يلاحقها بدعوى “التريند”، هكذا أصبح السفيه نجمًا، وأصبح الظهور بلا مضمون مهنة، وتحولت الشهرة من نتيجة طبيعية للإنجاز إلى هدف قائم بذاته، لا يهم الطريق إليه طالما الكاميرا تعمل والأرقام ترتفع.
    الأخطر من كل ذلك هو الأثر التراكمي على أولادنا. الطفل الذي يشاهد هذه المشاهد لا يملك أدوات النقد ولا الوعي الكافي للفصل بين العبث والقيمة، ومع التكرار، تتشكل لديه صورة مشوهة عن النجاح، فيرى أن الطريق إلى المال والاعتراف الاجتماعي يمر عبر الصراخ، والابتذال، وتجاوز الحدود، تتآكل قيمة التعليم، ويُستهان بالعمل الجاد، ويُنظر إلى الأخلاق باعتبارها عائقًا لا ميزة، ويصبح الطموح الأكبر أن يكون الإنسان “مشهورًا وخلاص”.
    نحن لا نخاف من جيل مختلف، بل من جيل بلا بوصلة، جيل يتربى على الضجيج، ويعتاد الرداءة، ويُعاد تشكيل ذوقه حتى يصبح غير قادر على تمييز الجيد من السيئ، ما كان يُقابل بالرفض والسخرية يتحول إلى أمر عادي، ثم إلى نموذج يُحتذى، وهنا تكمن الكارثة الحقيقية، المجتمعات لا تنهار حين يخطئ الأفراد، بل حين يُعاد تعريف الخطأ باعتباره طبيعيًا، بل ومحبوبًا.
    الحديث عن حرية التعبير في هذا السياق يصبح ستارًا يُخفى خلفه كل شيء، الحرية لا تعني الفوضى، ولا تعني تحويل المجتمع إلى ساحة بلا قواعد، ولا تعني فرض التفاهة على الجميع بدعوى أن من لا يعجبه يمكنه أن يغلق الشاشة، حين يصبح المحتوى السفيه طاغيًا، فهو لا يظل خيارًا فرديًا، بل يتحول إلى ثقافة عامة تفرض نفسها، وتطارد الناس في كل مكان، وتؤثر في اللغة والسلوك والتفكير.
    المسؤولية هنا جماعية، لكن الصمت جريمة. الأسرة التي تخلت عن دورها، والمدرسة التي انكفأت على المناهج بلا تربية، والإعلام الذي باع رسالته مقابل المشاهدات، والمنصات التي لا ترى إلا الأرقام، جميعهم شركاء في صناعة هذا المشهد المختل. الأخطر أن الاعتراض نفسه أصبح محل هجوم، وكأن الدفاع عن الذوق العام رجعية، وعن القيم تخلف، وعن العقل جمود.
    بلوجرز لكن سُفَهاء ليست مجرد عبارة غاضبة، بل توصيف دقيق لحالة انفلات تُدار فيها عقول الناس من حفلات صاخبة ومقاطع فارغة، ويُختطف فيها وعي المجتمع تحت لافتة “التريند”. إذا استمر هذا المسار دون مواجهة حقيقية، سنجد أنفسنا بعد سنوات أمام جيل لا يؤمن إلا بالكاميرا، ولا يحلم إلا بالضوء، ولا يرى في القيم إلا قيودًا يجب كسرها.
    القضية لم تعد ذوقًا شخصيًا، ولا خلافًا في الرأي، بل معركة على الوعي، وعلى شكل المجتمع الذي نريده، وعلى مستقبل أولادنا، إما أن نواجه هذه الظاهرة بوضوح وحسم، أو نكتفي بالمشاهدة، حتى نصحو يومًا فنجد أن التفاهة لم تعد استثناءً… بل أصبحت قاعدة.
    حين يُمنح السفه منصة البلوجرز الكاميرا القيم الأخلاق الشاشات كروان

    استطلاع الرأي

    أسعار العملات

    العملة شراء بيع
    دولار أمريكى 49.3414 49.4414
    يورو 53.7723 53.8961
    جنيه إسترلينى 62.9153 63.0675
    فرنك سويسرى 56.0507 56.1898
    100 ين يابانى 33.3726 33.4470
    ريال سعودى 13.1553 13.1826
    دينار كويتى 160.5278 160.9055
    درهم اماراتى 13.4325 13.4633
    اليوان الصينى 6.8549 6.8693

    أسعار الذهب

    متوسط سعر الذهب اليوم بالصاغة بالجنيه المصري
    الوحدة والعيار الأسعار بالجنيه المصري
    عيار 24 بيع 3,629 شراء 3,686
    عيار 22 بيع 3,326 شراء 3,379
    عيار 21 بيع 3,175 شراء 3,225
    عيار 18 بيع 2,721 شراء 2,764
    الاونصة بيع 112,849 شراء 114,626
    الجنيه الذهب بيع 25,400 شراء 25,800
    الكيلو بيع 3,628,571 شراء 3,685,714
    سعر الذهب بمحلات الصاغة تختلف بين منطقة وأخرى
    مصر 24 أول خبر المطور بوابة المواطن المصري حوادث اليوم التعمير مصري بوست

    مواقيت الصلاة

    الأربعاء 01:54 صـ
    10 رجب 1447 هـ 31 ديسمبر 2025 م
    مصر
    الفجر 05:18
    الشروق 06:51
    الظهر 11:58
    العصر 14:46
    المغرب 17:05
    العشاء 18:28