عماد الدوماني يكتب: الثقة حين تتحول إلى أداة هدم
من قصة آدم وإبليس إلى ظاهرة المؤثرين المعاصرين
لتفهم قصة اللقاء الأول بين إبليس وآدم عليه السلام وزوجه، بشكل أعمق عليك أن تعلم أن إبليس لم يلجأ إلى الإغواء المباشر، بل اختار المدخل الأكثر تأثيرًا وهو اكتساب الثقة أولا، فقد أقسم لهما: “وقاسمهما إني لكما لمن الناصحين”، مقدّمًا نفسه في هيئة المستشار الناصح الأمين، لا العدو المتربّص.
كانت الثقة جسرًا، وكانت المعصية على الضفة الأخرى.
إن قصة إبليس مع آدم عليه السلام ليست مجرد ذكرى تاريخية، بل تحذير دائم: قد يأتي الشرّ متنكرًا في هيئة نصيحة، وقد يبدأ الهدم بابتسامة لطيفة.
لذلك، فإن حماية العقول والقلوب تستوجب يقظة لا تنام، وثقة لا تُمنح إلا بميزان دقيق
هذه القصة ليست مجرد حدث غابر، بل نموذج يكرّر نفسه في العصر الحديث بأشكال جديدة، فالطريقة ذاتها تُستعاد اليوم عبر وسطاء مختلفين: مشاهير، مؤثرون، مروّجون لخطابات وأجندات، أو حتى محتوى ترفيهي قادر على إعادة تشكيل القيم عبر الإقناع الهادئ والتسلل الناعم للعقول.
شهرة بلا مسؤولية
أصبح المشهد الإعلامي الرقمي مساحة مفتوحة لكل من يمتلك كاميرا وموهبة جذب الانتباه، بغض النظر عن التأهيل العلمي أو الأخلاقي، وتكمن الخطورة حين يكتسب هؤلاء ثقة الجمهور، ثم يبثون أفكارًا تهدم منظومات اجتماعية راسخة تحت شعار “الحرية” أو “الاستقلالية”، فقد شهد الواقع حالات عديدة استندت فيها قرارات مصيرية — كالانفصال الأسري أو تبنّي أفكار إلحادية — إلى محتوى صيغ بأسلوب جذاب، لكنه يفتقر إلى النزاهة والضمير.
سموم مُغلّفة بالحداثة
لم تعد الرسائل المدمرة تقدّم بشكل مباشر، بل تأتي محمّلة بمعجم براّق: "تحرر”، “اكتشف نفسك”، “لا تسمح لأحد بتقييدك”، "أيقظ المارد بداخلك"، "تصالح مع الكون"
وهي عبارات تحمل بداخلها قدرًا من الإغراء العاطفي يجعلها مقبولة، إن لم تكن مبجّلة، لدى فئات واسعة تبحث عن إجابات جاهزة لحيرتها الوجودية، لكن تلك الرسائل — رغم بريقها — قد تقوّض عدة ركائز أساسية:
• استقرار الأسرة
• الانتماء والعقيدة
• الثقة بالهوية الثقافية
• احترام القيم والرموز
الخطر الحقيقي
الخطر لا يكمن في التطور التقني أو حرية التعبير، بل في الاستثمار السلبي للثقة، فالثقة طاقة خطيرة؛ إن منحت لغير مستحقها تحوّلت إلى معول هدم لا إلى وسيلة بناء، ومن هنا تأتي ضرورة الوعي النقدي، وطرح الأسئلة قبل تبنّي أي خطاب:
من صاحب الفكرة؟
ما دافعه؟
وما مرجعيته العلمية والأخلاقية
ولعلّ الدرس الأهم:
الثقة مسؤولية، وإذا وُضعت في غير موضعها… صارت خيانة للعقل والوعي.




















العدد الجديد من جريدة الميدان «1027»
العدد الجديد من جريدة الميدان «1022»
غدًا العدد الجديد من «جريدة الميدان» في الأسواق
العدد الجديد من جريدة الميدان «983»
رحيل قامة وطنية.. الكابتن فكري الهواري ينعي السفير فتحي علي يوسف
الميدان تشاطر الأحزان وتنعى عائلة أبوزهو في وفاة المغفور لها زوجه الحاج...
مأدبة غداء بحضور جورج قرداحى و رئيس اليمن الاسبق على ضفاف النيل
المستشار ربيعي حمدي والكاتب الصحفي محمود أبو السعود يهنئان الدكتور محمد عبد...