لماذا تظل مصر الرهان الآمن للاستثمارات العالمية في زمن اضطراب أسواق الطاقة؟
في عالم باتت فيه أسواق الطاقة رهينة للتوترات السياسية والصراعات الجيوسياسية، لم يعد السؤال المطروح أمام المستثمرين هو حجم الاحتياطيات أو سرعة العائد فقط، بل مدى استقرار الدولة وقدرتها على حماية استثمارات طويلة الأجل. ومع تصاعد التوتر بين الولايات المتحدة وفنزويلا، وما يفرضه من مخاطر على سلاسل إمداد النفط، تعود مصر لتفرض نفسها كخيار عقلاني وآمن في خريطة الاستثمار العالمية.
الاستقرار الذي تنعم به مصر اليوم لم يأتِ مصادفة، بل هو نتاج رؤية سياسية واضحة وإدارة واعية للملفات الاستراتيجية، في مقدمتها ملف الطاقة. فحكمة القيادة السياسية للرئيس عبد الفتاح السيسي في إدارة التوازنات الداخلية والخارجية أسهمت في ترسيخ بيئة مستقرة، قادرة على استيعاب الاستثمارات الكبرى وحمايتها من تقلبات الإقليم واضطراباته.
هذا الاستقرار السياسي انعكس مباشرة على الأداء الاقتصادي، لاسيما في قطاع البترول، حيث تحولت مصر من سوق عالي المخاطر – وفق تصنيفات سابقة – إلى وجهة تحظى بثقة الشركات العالمية. فالمستثمر في قطاع الطاقة لا يغامر برأس مال يمتد لعقود في بيئة غير مستقرة، وهو ما يفسر تدفق استثمارات بمليارات الدولارات من شركات دولية كبرى، ترى في السوق المصرية شريكًا موثوقا لا مجرد ساحة إنتاج.
وعلى مستوى الأسواق العالمية، تشهد أسعار البترول حالة من التذبذب الحاد نتيجة قرارات سياسية أكثر منها عوامل فنية. إلا أن مصر استطاعت توظيف هذه التقلبات بمرونة، عبر إدارة رشيدة لملف الاستيراد وسداد مستحقات الشركاء، بما يعزز الثقة ويؤكد جدية الدولة في احترام تعاقداتها، وهو عنصر بالغ الأهمية في حسابات المستثمرين.
اقرأ أيضاً
كما تمتلك مصر ميزة استراتيجية نادرة، تتمثل في بنيتها التحتية المتقدمة في مجال الغاز الطبيعي، من مصانع إسالة وموانئ وشبكات نقل، جعلتها حلقة وصل رئيسية بين موارد شرق المتوسط والأسواق الأوروبية.
وفي وقت تعاني فيه العديد من الدول من هشاشة سلاسل الإمداد، تصبح الجاهزية المصرية عامل طمأنة إضافي لرؤوس الأموال الأجنبية.
وتتكامل هذه العوامل مع الرؤية الجديدة لوزارة البترول والثروة المعدنية، التي تتبنى تخطيطا متوسط وطويل الأجل، يستهدف تأمين احتياجات الطاقة، والتوسع في أنشطة البحث والاستكشاف، بما يعكس وجود دولة تدير القطاع بعقلية استثمارية لا بردود أفعال مؤقتة.
في المحصلة، فإن الرهان على مصر في قطاع البترول لا يقوم فقط على الجغرافيا أو الموارد، بل على معادلة أعمق قوامها الاستقرار السياسي، ووضوح الرؤية، والانضباط المؤسسي. وهي معادلة تشكلت بفضل قيادة سياسية أدركت مبكرا أن أمن الطاقة جزء لا يتجزأ من أمن الدولة، وأن الاستثمار لا يزدهر إلا في مناخ يحكمه التوازن والعقل.
ولهذا، وبينما تعيد الأزمات العالمية رسم خريطة الطاقة، تظل مصر خيارا آمنا ومنطقيا للمستثمرين الباحثين عن الاستدامة قبل الربح السريع.


















العدد الجديد من جريدة الميدان «1027»
العدد الجديد من جريدة الميدان «1022»
غدًا العدد الجديد من «جريدة الميدان» في الأسواق
العدد الجديد من جريدة الميدان «983»
المستشار ربيعي حمدي والكاتب الصحفي محمود أبو السعود يهنئان الدكتور محمد عبد...
الكاتب الصحفي سيد دويدار ينعى والدة آل السيسي
الميدان تنعى ببالغ الحزن الحاج نور أبوسمرة المعداوي وتتقدم بخالص العزاء لأسرة...
الميدان ينعي ببالغ الحزن عائلتي مرجان وأبو غانم في وفاة والده الأستاذ...