الأربعاء 15 أكتوبر 2025 11:23 مـ 22 ربيع آخر 1447هـ

رئيس التحرير محمد يوسف رئيس مجلس الإدارة خالد فؤاد حبيب

رئيس التحرير محمد يوسف رئيس مجلس الإدارة خالد فؤاد حبيب

    آراء وكتاب

    مالك السعيد المحامي

    مالك السعيد المحامي يكتب: الرحمة على الطريق.. هل حان وقت العدالة الذكية بدل الغرامات العمياء؟!”

    رغم التحسن الملحوظ في البنية التحتية، ما زالت الحوادث المرورية تمثل تحديًا حقيقيًا يؤرق المجتمع، إذ تشير البيانات الرسمية إلى وقوع آلاف الحوادث سنويًا ينتج عنها مئات الوفيات والإصابات، أغلبها بسبب السلوك البشري مثل السرعة الزائدة أو الانشغال بالهاتف أثناء القيادة. وتؤكد الإحصاءات أن معظم الضحايا من فئة الشباب، ما يجعل السلامة المرورية قضية تنموية وإنسانية بالدرجة الأولى. ومن هنا تبرز الحاجة إلى الانتقال من النهج العقابي التقليدي إلى نظام ذكي وقائي يُراهن على التوعية والتحفيز لضمان أن تكون الطرق المصرية أكثر أمانًا وحياةً.
    نعم .. تبذل الدولة المصرية خلال السنوات الأخيرة جهودًا ضخمة متواصلة لتطوير منظومة المرور والبنية التحتية للطرق، في إطار خطة قومية تستهدف رفع معدلات الأمان وتقليل الحوادث. فقد تم إنشاء وتحديث آلاف الكيلومترات من الطرق والمحاور، وتطبيق منظومة النقل الذكي (ITS) على عدد من الطرق السريعة، مع تحديث التشريعات المرورية وإطلاق حملات توعوية روتوحيد قواعد البيانات بما يتيح المراقبة اللحظية لحركة المركبات وتحسين كفاءة الاستجابة في حالات الطوارئ.. علاوة على توسع عمراني ضخم وتنامٍ غير مسبوق في أعداد المركبات وحركة الطرق، بات من الضروري إعادة النظر في فلسفة إدارة المرور من جذورها، نحو رؤية جديدة قوامها الوقاية لا العقوبة، و"الرحمة الذكية" بدلاً من الردع الصارم. فالهدف الحقيقي لأي منظومة مرورية متحضرة ليس جمع الغرامات أو تسجيل المخالفات، بل حماية الأرواح وصناعة ثقافة قيادة مسؤولة.
    لكن الفكرة الجوهرية التي ينبغي أن تنطلق منها هنا أن يكون لدينا رؤية مصرية مستقبلية يمكن تسميتها بـ"السياسة المرورية الرحيمة"؛ نظام يقوم على التوعية والتأهيل قبل العقوبة، وعلى بناء بيئة تقنية تقلّل الخطأ وتمنع أن تتحول الزلات البشرية إلى كوارث مميتة.
    ويُمكن لهذه الفلسفة أن تتجسد عبر تبنّي مفهوم "رصيد الأمان المروري"، الذي يُكافئ السائقين الملتزمين، ويمنحهم مزايا تأمينية ومالية، في مقابل تصحيح المخالفين لسلوكهم بدل معاقبتهم فوريًا.
    من النماذج العالمية التي تستحق الاقتداء تجربة الرؤية الصفرية (Zero Vision) في بعض الدول الإسكندنافية، والتي تقوم على مبدأ “لا وفيات على الطرق”. هذه الفلسفة لا تعتبر الخطأ البشري جريمة، بل معطى طبيعي يجب أن تتحمل المنظومة نتائجه دون أن تُزهق الأرواح. ويتم تحقيق ذلك من خلال تصميم الطرق والمركبات بحيث تُخفّف آثار الحوادث وتستبقها بأنظمة ذكية مثل محددات السرعة الإلزامية وأجهزة التحذير المبكر. وقد ساهم هذا التوجه في خفض نسب الوفيات المرورية في تلك الدول بنسبة قاربت 50% خلال عقدين.. ولعل ما تحتاجه مصر اليوم هو تحويل هذه المبادئ إلى سياسة وطنية واضحة المعالم، تتضمن محورين متكاملين هما البنية الذكية، والعدالة التأهيلية.
    ففي جانب البنية الذكية، يمكن لمصر أن تتجه نحو إلزام السيارات الجديدة بنظام مساعد السرعة الذكي (ISA)، وتعميم استخدام الرادارات الحديثة (FlexRadar وFlexMag) القادرة على رصد السلوك المروري بدقة، فضلًا عن إشارات مرور رقمية تتفاعل لحظيًا مع الكثافات المرورية وتُدير الوقت الضوئي تلقائيًا لتقليل الازدحام.
    وفي محور العدالة التأهيلية، يمكن إنشاء برامج تدريب إلزامية للمخالفين، وتحويل العقوبة إلى دورة توعية عبر تطبيق ذكي أو مركز محلي، بحيث يُمنح المخالف فرصة إصلاح سلوكه قبل تغريمه أو سحب رخصته.
    كما يُمكن إدخال منظومة V2X أو "حديث المرور"، التي تربط المركبات والإشارات والبنية التحتية ببعضها رقميًا، لتبادل البيانات في لحظات، بحيث تُعطى الأولوية تلقائيًا لمركبات الإسعاف والحافلات، وتُخفض نسب الازدحام والانبعاثات معًا. هذا النوع من الذكاء المروري لم يعد ترفًا، بل أداة إنقاذ حقيقية تُعيد الانسيابية للطرق وتُضاعف الأمان.
    وفي إطار التحفيز الإيجابي، من الضروري أن يتضمن القانون المصري الجديد حوافز تشجيعية واضحة للسلوك الآمن، منها مثلًا خصومات في رسوم التجديد أو التأمين لمن لا يسجل مخالفات خلال عام، أو منح نقاط إيجابية رقمية تُترجم إلى مكافآت رمزية. ويمكن تفعيل ذلك من خلال تطبيق مرور ذكي يُصدر إشعارات أسبوعية تُحفز السائق على الالتزام.
    كما يمكن تبنّي حوافز تحذيرية وقائية قبل توقيع العقوبة، عبر تنبيهات فورية على الهاتف أو السيارة عند تجاوز السرعة، أو إرسال رسالة صوتية أو نصية سواء للتحذير عن الاقتراب من ارتكاب المخالفة أو لكي تمنح السائق فترة 24 ساعة لتصحيح المخالفة قبل تسجيلها رسميًا. مثل هذه الأنظمة تُربي السلوك أكثر مما تُعاقبه، وتُحول المرور من سلطة ردع إلى جهاز وطني للتوعية والإصلاح.
    ولأن السلوك البشري لا ينفصل عن البيئة المادية، فإن الدعوة تمتد أيضًا إلى تطوير البنية التحتية الذكية: مدن صديقة للمشاة والدراجات، إشارات تستجيب لعبور الأشخاص تلقائيًا، وحواجز أمان تقلل آثار الحوادث، وصولًا إلى استخدام الذكاء الاصطناعي لتحليل البيانات والتنبؤ بمناطق الخطر قبل وقوع الحوادث.
    إن تحويل هذه الرؤية إلى واقع يحتاج إلى تضافر تشريعي وتقني وتوعوي، بحيث يصبح المرور في مصر ليس مجرد شبكة من الطرق والقوانين، بل نظامًا أخلاقيًا ذكيًا يحترم الإنسان ويكافئ التزامه. العدالة المرورية الرحيمة ليست ضعفًا في الردع، بل تطور في الوعي، وتعبير عن حضارة تُقدّر الحياة.
    إنها دعوة لتأسيس نهج مصري جديد للسلامة المرورية، يمزج بين الذكاء الاصطناعي والرحمة الإنسانية والحافز والوقاية ، ليجعل من كل مخالفة درسًا، ومن كل إشارة مرور وعدًا بالحياة الآمنة. فحين تتحول التقنية إلى وسيلة للرحمة، يصبح الطريق إلى المستقبل أكثر أمنًا وإنساني.

    استطلاع الرأي

    أسعار العملات

    العملة شراء بيع
    دولار أمريكى 49.3414 49.4414
    يورو 53.7723 53.8961
    جنيه إسترلينى 62.9153 63.0675
    فرنك سويسرى 56.0507 56.1898
    100 ين يابانى 33.3726 33.4470
    ريال سعودى 13.1553 13.1826
    دينار كويتى 160.5278 160.9055
    درهم اماراتى 13.4325 13.4633
    اليوان الصينى 6.8549 6.8693

    أسعار الذهب

    متوسط سعر الذهب اليوم بالصاغة بالجنيه المصري
    الوحدة والعيار الأسعار بالجنيه المصري
    عيار 24 بيع 3,629 شراء 3,686
    عيار 22 بيع 3,326 شراء 3,379
    عيار 21 بيع 3,175 شراء 3,225
    عيار 18 بيع 2,721 شراء 2,764
    الاونصة بيع 112,849 شراء 114,626
    الجنيه الذهب بيع 25,400 شراء 25,800
    الكيلو بيع 3,628,571 شراء 3,685,714
    سعر الذهب بمحلات الصاغة تختلف بين منطقة وأخرى
    مصر 24 أول خبر المطور بوابة المواطن المصري حوادث اليوم التعمير مصري بوست

    مواقيت الصلاة

    الأربعاء 11:23 مـ
    22 ربيع آخر 1447 هـ 15 أكتوبر 2025 م
    مصر
    الفجر 04:30
    الشروق 05:57
    الظهر 11:41
    العصر 14:57
    المغرب 17:25
    العشاء 18:42