ماذا يريد المصريون حقًّا من التعليم؟


في الآونة الأخيرة، أصبح التعليم هاجسًا يؤرق الأسر المصرية، فلا حديث يعلو فوق حديث المناهج والامتحانات والقرارات التعليمية. الجميع ينتقد، ويتمنى، وأحيانًا يشجب، وكأن كل أسرة تريد أن تسير دفة التعليم وفق هوَاها، لكن الخطر يكمن في أن المطلب غالبًا ما يكون "التسهيل" غير المنضبط، الذي يهدر القيمة الحقيقية للتعليم ويُفقدها معناها.
ماذا يريد المصريون حقًّا من التعليم؟
إذا تأملنا نظرة المصريين للتعليم في العقود الأخيرة، نجد أنها تكاد تقتصر على الحصول على شهادة تفتح أبواب الوظائف أو تمنح مكانة اجتماعية، بغض النظر عن مواهب الطالب أو مهاراته. الأسر تنفق الأموال الطائلة على الدروس الخصوصية، وتخوض رحلة تعليمية تمتد ١٦ عامًا، لكن النتيجة في النهاية – للأسف – غالبًا ما تكون صفرًا! فالكثير من الخريجين يفتقرون إلى المهارات الأساسية، ولا يحملون سوى شهادة بلا مضمون.
هنا لا بد من وقفة جادة: فالتعليم ليس مجرد وسيلة لكسب العيش، بل هو أداة لبناء الشخصية وصناعة المستقبل. هؤلاء الطلاب هم عماد نهضة مصر، وعليهم يعتمد تقدم البلاد، فكيف نرضى بأن يكونوا بلا أدوات حقيقية لتحقيق هذا التقدم؟
اقرأ أيضاً
أهداف التعليم المفقودة
١. بناء الشخصية المتكاملة: التعليم يجب أن يصنع إنسانًا متوازنًا أخلاقيًّا وعلميًّا ونفسيًّا، يؤمن بدوره في المجتمع ويعمل من أجل وطنه، لا أن يكون آلة للحفظ والاسترجاع.
٢. تنمية المهارات الحياتية: يجب أن يُعلّم الطالب كيف يواجه التحديات ويحل مشكلاته، لا أن ينتظر الحلول جاهزة. كما قال الفيلسوف شيشرون: "الهدف الحقيقي للتعليم هو الاعتناء بالذات"، وهو المبدأ الذي التزمته أوروبا في نهضتها.
الإبداع.. الغائب الأكبر
الشكاوى المتكررة من صعوبة المناهج الجديدة والامتحانات غير المفهومة ليست دليلًا على فشل النظام، بل على عقلية اعتادت الحفظ والتلقين. المشكلة ليست في المناهج، بل في أننا ربينا أجيالًا على "ثقافة الببغاء"، حيث التعليم مجرد ترديد دون فهم أو إبداع.
كيف نعيد صناعة التعليم؟
لتحقيق تعليم حقيقي، علينا: تعليم التفكير النقدي: تشجيع الطلاب على التساؤل وتحليل كل شيء، حتى الثوابت، ومنح حرية التعبير المسؤولة،فالإبداع لا ينمو في بيئة خائفة أو مُقيدة.
وكذلك تشجيع القراءة والاستكشاف من خلال استخدام التكنولوجيا لنشر المعرفة بدلًا من إهدار الوقت في المحتوى الترفيهي الفارغ.
وعلينا رعاية المواهب لان الهوايات والمهارات الفردية هي بذور الابتكار ،وكذلك تعليم التأمل والاستكشاف ، فالفهم العميق للعالم من حولنا يولد الحلول الإبداعية.
تعليم من أجل الحياة
حان الوقت أن نغير نظرتنا للتعليم؛ فلا يجب أن يكون مجرد طريق إلى الوظيفة، بل أسلوب حياة. التعليم سلاح لمواجهة المستقبل، وصرح لبناء الشخصية الواعية، ومحرك للإبداع والتميز. فلننظر إليه بعين جديدة، ونصنع منه جيلًا قادرًا على حمل راية التقدم.