خالد مصطفى يكتب: من يُشعل النار فى مصر

في كل صباح تتصدر عناوين الأخبار حادثة حريق جديدة سوق اشتعل مصنعٌ تفحّم سنترال تلاشى أو مستشفى احترقت أجهزته لم يعد السؤال ماذا احترق اليوم بل أصبح من المستفيد ولماذا
هل نحن أمام موجة إهمال ممنهج أم أن هناك أيادى خفية تشعل النيران لتحقيق أهداف أكثر ظلمة وخطورة لقد أصبح السؤال مهم ويعكس قلقاً مشروعاً لدى كثير من المواطنين بشأن تكرار الحرائق في مصر بشكل شبه يومي سواء في الأسواق أو المصانع أو المؤسسات الحكومية أو حتى في المرافق الحيوية كالمستشفيات والسنترالات ورغم أن بعض هذه الحوادث قد تكون طبيعية نتيجة للإهمال إلا أن التكرار المريب يطرح تساؤلات عن الهدف من وراء هذه الحرائق هناك عدة احتمالات
أهمها الهدف التخريبي لنشر الفوضى وعدم الاستقرار لأن بعض الحرائق قد تكون متعمدة من قبل جهات داخلية أو خارجية تسعى إلى ضرب ثقة الناس في الدولة أما استهداف بعض المرافق الحيوية كسنترال رمسيس مثلاً قد يكون محاولة لتعطيل خدمات مهمة مثل الاتصالات الإنترنت
أو بيانات المواطنين وتعطيل البنوك وحركة الطيران كمحاولة لإشعال الفوضى في الشارع المصري قد يُستخدم أحياناً كتكتيك قبل فترات الانتخابات أو الأزمات السياسية كما إن بعض الحرائق تقع في أماكن تحتوي على مستندات أو ملفات مالية أو أرشيفات مهمة مما قد يثير الشبهات بأنها وسيلة لطمس آثار جرائم فساد و أحياناً تكون هذه الحرائق بمثابة رسائل تحذير بين أطراف داخل النظام أو بين رجال أعمال ومسؤولين خاصةً حين تقع في ممتلكات أو ملفات حساسة قد تجعل الحوادث المتكررة أداة لخلق حالة من الإحباط والضغط النفسي لدى المواطنين خاصة في ظل أزمات اقتصادية متصاعدة فبعض الحرائق تبدو مرتبة بعناية توقيت مريب مكان حساس وغياب أي ردع فعلي الأمر هنا يتجاوز الإهمال وقد يُقرأ على أنه محاولة مدروسة لضرب استقرار الشارع المصري خاصة في توقيتات سياسية حرجة خاصة فترات الإصلاح الاقتصادي وأوقات الغضب الشعبي أو التوتر السياسي قد تظهر فجأة سلسلة حرائق مثيرة هذا النمط يفتح الباب أمام تحليل مفاده هل تستخدم بعض الجهات أزمات مصطنعة لتحويل الرأي العام بدلاً من الحديث عن الأسعار أو الفساد أو الحريات حيث ينشغل الناس بلهيب جديد كل يوم لأن تكرار الحرائق أثبت ان هناك انهيار فى المنظومة الرقابية حتى لو لم تكن كل الحرائق بفعل فاعل فإن تكرارها بهذا الشكل يثبت أن منظومة السلامة والرقابة والمحاسبة في حالة موت سريري والنتيجة استسهال الحريق والتستر وانعدام الثقة الشعبية في مؤسسات الدولة إذا من المستفيد من احتراق سنترال رمسيس وما يحويه من أسرار تخص الأمن والاتصالات و من الرابح من حريق سوق العتبة سوى عصابات التهريب والمتاجرة بالأزمات و من الذي يسكت حين تحترق محكمة وتُفقد أوراق قضايا فساد من الذي ينام في حضن الصمت حين تحترق مستشفيات وكأن حياة الفقراء بلا قيمة إذا ان لم نسأل من المستفيد فنحن شركاء في الجريمة فحين تمر الحرائق بلا محاسبة يُولد شعور عام بأن الدولة لا تعرف أو لا تُريد أن تعرف أو تعرف وتخشى النطق
والمواطن البسيط لا يجد تفسيراً سوى ان هناك نار كبيرة تختبئ خلف النار اللي بنشوفها كل يوم على الرغم من أن بعض الحرائق قد تكون عرضية فإن تكرارها في أماكن استراتيجية ومهمة يشير إلى احتمال وجود أهداف سياسية أو أمنية أو اقتصادية وتحتاج الدولة إلى قدر أكبر من الشفافية
في التحقيقات حتى لا تتحول هذه الحرائق إلى مصدر دائم للريبة والغضب الشعبي أو التوتر السياسي قد تظهر فجأة سلسلة حرائق مثيرة للجدل لتؤكد لنا أن هذه ليست نيراناً بل رسائل مشتعلة منها رسالة إلى الدولة أنتم مخترقون و رسالة إلى المواطنين أنتم بلا حماية لكن آن الأوان أن نرد برسالة مضادة لن نصمت لن نُطبع مع اللهب ولسنا خشباً في مشهد حريق مخطط له فمطلوب لجنة وطنية عليا للتحقيق في ملف الحرائق مطلوب تقرير شهري شفاف للشعب مطلوب كشف الفاعلين
لا فقط إحصاء الخسائر لأن ما يُحترق اليوم هو أمان مصر