نصر أكتوبر.. حين انتفضت الروح المصرية !.
بقلم : أمل المنسي
لم يكن السادس من أكتوبر يومَ معركةٍ فحسب، بل كان يومَ بعثٍ لوطنٍ أراد أن يُثبت أن الهزيمة قد تمس الجسد، لكنها لا تقتل الروح.
كانت مصر آنذاك تنزف من جرحٍ عميق، لكنها لم تُسلم رايتها. كانت تتألم، لكنها لم تنكسر.
في عيون أبنائها اتقدت شرارة الإيمان بأن للكرامة ثمنًا، وللأرض قدسيةً لا تُفرَّط.
وعند فجر ذلك اليوم الخالد، وقف الجنود على ضفة القناة، تتسارع أنفاسهم، لا خوفًا… بل شوقًا.
شوقٌ إلى الأرض التي سُلبت، وإلى العلم الذي اشتاق لأن يُرفرف حرًّا في سماء سيناء.
ثم دوّت الكلمة التي أضاءت الكون: "الله أكبر"،
فكانت نداءً للحياة بعد موت، وصيحة عزٍّ أفاقت أمة بأكملها.
عبروا القناة لا بقوة السلاح وحده، بل بإيمانٍ يزلزل الجبال،
وبقلبٍ لا يعرف المستحيل، وعزيمةٍ صنعت من الرمال طريقًا إلى الخلود.
لقد كانت معركةَ إرادة قبل أن تكون معركةَ نيران،
وانتصارَ روحٍ قبل أن يكون انتصارَ جيش.
في تلك اللحظات، لم تنتصر مصر على عدوٍّ فقط، بل انتصرت على الهزيمة التي حاولت أن تستوطنها.
انتصر المصري على الخوف، وعلى اليأس، وعلى صمتٍ طال أمده.
ورفع رأسه عاليًا ليقول للعالم: "ها أنا ذا… المصري الذي لا يُهزم."
وبعد خمسين عامًا، ما زالت صيحة "الله أكبر" ترنّ في الذاكرة كنبضٍ خالد،
وما زال كل جنديٍ سقط على الرمال الطاهرة، يُحكى اسمه في وجدان الأجيال.
أما مصر… فما زالت تمضي في دربها،
تُذكّر أبناءها بأن الكرامة لا تُوهب، بل تُنتزع،
وأن من صنعوا نصر أكتوبر علّمونا أن الإيمان بالأرض هو أول خطوات الحرية .