امل المنسي تكتب : سوسن بدر ” الوجه الذي لا يشبه إلا مصر ”


في زحام الوجوه ، هناك امرأة واحده وجهها ليس من هذا الزمان ، ولا يشبهه ، هو وجه نُحت من أعمدة المعابد ، وشُكل من طمي النيل ، وفي عينيها ظل لإمرأة قالت للزمن : " أنا الأصل ... وأنا المدى "
لا تمثل ، بل تتذكر وتترجم .
وجهها لا يشبه جيلاً .. بل التاريخ
ملامحها لا تصلح لزمن واحد ، إنما مرآة حضارة ، حين تمثل سوسن بدر ، لا تؤدي دوراً ... بل تستخرج من ذاكرتنا حكايات الجدات تحت القمر ودعاء الأمهات
حين تنطق نسمع صوت شموخ ووقار ودفئ
في عينيها حزن النيل ...
عيناها لا تمثلان الحزن ، بل تعرفانه عن قرب كأنها رأت ما لم نرّ
هناك نساء يصرخن فلا نسمع . وهناك امرأة تهمس فنبكي
هي امرأة تعرف كيف تُحب ، كيف تُعاقب ، وكيف تربي دون أن ترفع صوتها .
سيدة الحضور الصامت ...
في عالم صاخب بالأداء المصنوع ، تدخل هي .. بهدوء النيل ، فتسيطر على المشهد دون أن تتكلم تأخدك من عينيك وتحتلك بصمت كأنها تقول :
" أنا هنا ... وإن لم اتحرك "
إمرأة لا تحتاج إلى زينة ...
سوسن بدر لا تُجمل نفسها ... هي من تُجمل الكاميرا حين تمر لا ترفع صوتها... هي من تجعلنا ننصت .
لا تغرق في أدوار مزيفة بل تغوص في ادوار تشبهنا ، تشبه امهاتنا ، وخالاتنا ، وجداتنا .
نحبها لأننا حين نراها نطمئن أن الفن لم يمت أن الصدق مزال له ملامح ، أن الكاميرا مازالت تعرف أن العمق لا يصنع بل يُولد .
ملامح فرعونية .. وروح مصرية
سوسن بدر ليست فقط نيڤرتيتي كما لقبها وجهها والمصريين بل هي " المرأة المصرية " في أجمل صوره ، ليست جميلة فحسب ، بل جميلة بحكمة .
في تجاعيدها قصيدة ، وفي نظرتها سكينة ، وفي صوتها غبار الزمن القديم .
الفنانة سوسن بدر هي واحدة من أبرز الممثلات المصريات بعمر فني يزيد عن 45 عاما قدمت خلالها أكثر من 400 عمل فني حسب المصادر ، 45 فيلما ، 194 مسلسلاً ، 20 مسرحية ، 15 سهرة درامية و 10 اعمال اطفال ، و 5 برامج .
تخرجت من المعهد العالي للفنون المسرحية عام 1979 وبدأت مسيرتها الفنية عام 1976 واشتهرت بملامحها الفرعونية في فيلم " اخناتون" الذي لم يكتمل .
اشتهرت بأسم سوسن بدر وكان اسمها الحقيقي "سوزان احمد بدر الدين ابو طالب"
ستبقى سوسن بدر في ذاكرة الفن المصري صفحته الذهبية .
ياسيدة الضوء الهادئ ... أنت لا تنتمي إلى عصر ... بل تنتمي إلى روح مصر .
يامن أشبهك وتشبهيني هذه ليست ملامحك بل ملامحنا منذ آلآف السنين ومن قبل التاريخ .