صعود قطاع البنوك يقود سوق الأسهم السعودية

شهد سوق الأسهم السعودية موجة ارتفاع جديدة مدفوعة بالأداء القوي للبنوك القيادية، حيث سجلت أرباح القطاع المصرفي مستويات قياسية خلال الربع الثالث من عام 2025. ووفقاً لمراقبي السوق، فإن هذه النتائج تعكس تحسناً مستمراً في إدارة التكاليف والمخصصات، إضافة إلى توسع في محفظة الإقراض، ما يضع السوق في مسار إيجابي رغم التحديات الاقتصادية العالمية.

أداء المؤشر العام للسوق

افتتح مؤشر السوق السعودي تعاملات يوم 20 أكتوبر عند 11,702 نقطة، قبل أن يغلق عند 11,672 نقطة بانخفاض طفيف نسبته 0.16%. ويشير المحللون إلى أن المؤشر يواجه مقاومة بالقرب من مستوى 11,800 نقطة، وهو أعلى مستوى سجله نهاية أبريل الماضي، ومع ذلك فإن تخطي هذا الحد قد يدفع المؤشر نحو 12,000 نقطة، مدعوماً بأداء القطاع المصرفي القوي واستقرار أرباحه.

القطاعات القيادية

تصدر قطاع البنوك قائمة القطاعات الأكثر ارتفاعاً، مدعوماً بالأرباح القياسية لكل من:

• البنك الأهلي السعودي: سجل نمواً في الأرباح بنسبة 20.6% لتصل إلى 6.47 مليار ريال، متجاوزاً توقعات المحللين. ويعود هذا النمو إلى زيادة الدخل التشغيلي وانخفاض المصاريف، حيث شهدت محفظة القروض نمواً بنسبة 10.6% وارتفعت ودائع العملاء بنسبة طفيفة 0.8%. ويُعد صندوق الاستثمارات العامة أكبر مالك للبنك بنسبة 37.2%.

• البنك السعودي الفرنسي: حقق نمواً بنسبة 18% في أرباحه الفصلية لتصل إلى 1.35 مليار ريال، متماشياً مع توقعات المحللين، مدعوماً بزيادة الدخل التشغيلي وانخفاض مخصصات الائتمان بنسبة 13.8%. وقد ساهم انخفاض المصاريف التشغيلية في تعزيز الربحية رغم تباطؤ نمو الودائع بنسبة 3.9%.

في الوقت نفسه، سجل مصرف الراجحي ارتفاعاً ملحوظاً في أسهمه، بينما شهدت أسهم أرامكو وأكوا باور تراجعاً جزئياً نتيجة عمليات جني الأرباح بعد موجات صعود قوية، حيث قام بعض المستثمرين بتثبيت أرباحهم بعد ارتفاع أسهم أكوا باور بنسبة نحو 6% في الجلسة السابقة. ويعكس هذا التباين ديناميكية السوق السعودي، حيث تواصل الأسهم المصرفية دفع المؤشر العام نحو الأعلى، بينما تشهد الأسهم المرتبطة بالطاقة والاستثمار الصناعي بعض التصحيح المؤقت بعد الارتفاعات الأخيرة.

تحليلات السوق

يرى المحلل المالي عاصم منصور أن القطاع البنكي السعودي يُقيّم بأقل مما يستحقه، وأن الأداء المتوازن في إدارة التكاليف والمخصصات يعكس قوة الاستدامة في أرباح البنوك. بدوره، أشارت المحللة ماري سالم إلى أن استقرار المخصصات يطمئن المستثمرين ويعزز الثقة في قدرة البنوك على إدارة القروض المتعثرة بكفاءة.

من جهة أخرى، يُظهر اتجاه القطاع نحو زيادة الإقراض نمواً ملحوظاً في محفظة القروض مقارنة بالودائع، وهو ما يعكس استراتيجية البنوك السعودية لتعزيز النشاط الائتماني ودعم التنمية الاقتصادية المحلية.

مؤشرات السوق (20 أكتوبر 2025)

تشير بيانات السوق المالية السعودية في 20 أكتوبر 2025 إلى أن:

• نطاق التغير اليومي لمؤشر السوق بلغ بين 11,650 و11,715 نقطة.

• أعلى وأدنى مستوى خلال 52 أسبوعاً كان 12,536 و10,366 نقطة على التوالي.

• مكرر الربحية للمؤشر العام عند 20.09، ومضاعف القيمة الدفترية عند 2.3923.

• متوسط حجم التداول خلال 30 يوماً بلغ حوالي 277 مليون سهم.

ويعكس هذا الأداء استقرار السوق نسبياً على الرغم من تقلبات أسعار النفط والأحداث الاقتصادية العالمية، مع بقاء القطاع المصرفي هو المحرك الرئيس للارتفاعات.

رؤى المستثمرين

تؤكد التوقعات أن الارتفاعات الأخيرة في السوق مرتبطة أساساً بالقوة التشغيلية للبنوك، والتي تتميز بإدارة متوازنة للتكاليف ومخصصات القروض، إضافة إلى نمو مستمر في الدخل التشغيلي. ويعتبر القطاع المصرفي محركاً أساسياً للسيولة في السوق، مما يدعم الثقة لدى المستثمرين ويحفز على المزيد من التداول.

الخلاصة

يواصل السوق السعودي للأسهم مساره التصاعدي مدفوعاً بأداء القطاع المصرفي، الذي أثبت قدرته على إدارة التحديات التشغيلية وتحقيق أرباح قياسية. ومع استمرار تحسن المؤشرات التشغيلية للبنوك وارتفاع محفظة القروض، يبدو أن موجة الارتفاع في السوق ستستمر، مع بقاء مقاومة قوية حول مستوى 11,800 نقطة. وعلى الرغم من التحديات العالمية، فإن القطاع المصرفي يظل عنصراً أساسياً في تعزيز الاستقرار الاقتصادي وتحفيز النمو في المملكة.

الكلمة النهائية: يوضح الأداء الأخير أن البنوك السعودية ليست فقط محركاً للسوق المالي، بل أيضاً مرآة لقدرة المملكة على التوازن بين النمو والرقابة المالية، مما يجعل الاستثمار في القطاع خياراً جذاباً للمستثمرين المحليين والدوليين.