رفعت فياض يكتب : تربية الآباء قبل الأبناء


- فصل الطالب المعتدي على مدرّسه لمدة عام،
- وإحالة وليّ الأمر للنيابة العامة لتعدّيه على مديرة المدرسة.
أسفتُ للواقعة المخزية التي حدثت هذا الأسبوع في إحدى مدارس الثانوية العامة بمحافظة القليوبية، والتي قام فيها طالب بالاعتداء على مدرّسه داخل فناء المدرسة وأمام بقية طلابها، ومزّق ملابسه أمام الجميع، لا لشيء إلا أن هذا المدرّس كان قد اعترض ورفض دخول طعام "دليفري" طلبه الطالب من خارج المدرسة لإدخاله إلى الفصل أثناء شرح المدرّس للمقرر!
الأمر الذي اضطر المدرّس إلى رفع الموضوع إلى إدارة المدرسة بعد الاعتداء عليه من قِبل الطالب، والتي أمرت بإحالة الطالب للتحقيق واتخاذ الإجراء القانوني المناسب.
وزاد أسفي عندما حضر وليّ أمر الطالب إلى المدرسة معترضًا على إحالة نجله للتحقيق، ومتهجمًا على مديرة المدرسة والوكيل بألفاظ نابية وسبّ وقذف، ومناصرًا لنجله المصون فيما فعله مع المدرّس الذي يقوم بتعليمه!
أقول هذا وأنا أتذكّر ما كنت أشاهده منذ عشرات السنين في مدرستي وأنا تلميذ في المرحلة الإعدادية، عندما قام طالب بالاعتداء على زميله في الفصل. فقامت المدرسة بمعاقبته وأرسلت في استدعاء وليّ أمره لإطلاعه على السلوك المشين الذي قام به نجله تجاه زميله والاعتداء عليه. وكان هذا ما يخشاه أي طالب وقتها، لأن وليّ الأمر كان دائمًا مناصرًا للمدرسة التي ائتمنها على تربية وتعليم نجله. ولهذا وجدت وليّ الأمر وقتها عندما حضر للمدرسة يعاتب القائمين عليها على استدعائهم له، مؤكدًا لهم أنه لن يعترض يومًا على أي عقاب توقعه المدرسة على نجله من أجل تربيته وتنشئته وتعليمه، ومؤكدًا أيضًا أن المدرسة أحرص عليه منه، ولهذا أرسله إليها ليتم تربيته بشكل سليم، وتقوم ببناء شخصيته بشكل سوي، وهذا هو الأهم عنده من تعليمه.
أقول هذا مثمّنًا ما قامت به الوزارة من فصل الطالب لمدة عام دراسي كامل، وإحالة ما حدث من تعدٍّ بالسبّ والقذف من وليّ الأمر على مديرة المدرسة ووكيلها إلى النيابة العامة لاتخاذ ما تراه من إجراءات.
فهذه الواقعة لم تكن – للأسف – الأولى من نوعها، بل تكررت في العديد من المدارس بالمحافظات طوال السنوات الماضية، حيث استباح بعض أولياء الأمور وقتها حرمة المدرسة التي يوجد بها نجلهم، وجاءوا للاعتداء على إدارتها أو مدرسيها نصرةً لأبنائهم عندما تقوم المدرسة بتقويمهم بصورة لا ترضي وليّ الأمر.
وهو ما يرسّخ في ذهنه أن المدرسة لا يجب أن تقترب من نجله بأي شكل من الأشكال مهما فعل من أخطاء داخلها!
وللأسف، كان بعض أولياء الأمور يغرِسون ذلك في نفوس أبنائهم، وهو ما تسبّب في حدوث هذه الواقعة الأخيرة من اعتداء الطالب بهذه الصورة الوحشية على مدرّسه، لمجرّد أنه عنّفه ومنع دخول طعام "دليفري" أثناء الحصّة.