بعد عام من المواجهة بين إسرائيل وحزب الله .. الخطر حاضر في كل لحظة


مرجعيون، جنوب لبنان 23 سبتمبر2025 (شينخوا) على امتداد الخط الحدودي بين لبنان وإسرائيل، حيث تنتشر عشرات القرى المدمرة، يسود صمت ثقيل لا يقطعه سوى أزيز المسيرات التي لا تفارق الأجواء ما يوحي للسكان القلائل الذين يترددون عليها بأن الخطر حاضر في كل لحظة.
وفي جولة لمراسل وكالة أنباء ((شينخوا)) على العديد من البلدات الحدودية، بدت المنازل مدمرة بنسب متفاوتة، والشوارع شبه خالية، ومعظم المتاجر مغلقة في ظل محاولات خجولة لإزالة الركام الذي يغطي كل شيء، فيما يراقب الأهالي الأجواء بقلق، يخشون أن يتحول أي تحليق إلى غارة قاتلة مفاجئة.
في الأزقة الضيقة، وبين ركام المنازل يتبادل الناس الهمسات أكثر من الكلمات، وقد أصبح القلق رفيقهم اليومي بين خوف من الاستهداف الشبه يومي ونزوح جديد في المجهول يلوح في الأفق.
وكان الجيش الإسرائيلي قد وسع من أعماله العسكرية على لبنان في 23 سبتمبر 2024، عبر شنه هجمات واسعة على جنوب وشرق لبنان، ما أسفر عن سقوط أكثر من 490 قتيلا وما يزيد عن 1600 جريح في يوم واحد، وفق وزارة الصحة اللبنانية .
اقرأ أيضاً
تصاعد وتيرة المواجهات بين الجيش السوداني والدعم السريع في الفاشر
الأستاذ أحمد مجاور في ذمة الله
العسيلي: واقعة شبين القناطر تستدعي مراجعة عاجلة لمعايير اختيار مديري المدارس
إم إن تي-حالاً تطلق أول خدمة رقمية بالكامل في مصر للحصول على حد ائتماني بضمان الاستثمار في صناديق مالية عبر تطبيق حالاً
انفينيكس تطلق انحف هاتف في العالم في مصر .. أعرف المواصفات
القاهرة تحتضن الدورة الخامسة من الملتقى الدولي لرواد صناعة الدواجن في أكتوبر القادم
وزير الدفاع يشهد حفل تخرج الدفعة (168) من كلية الضباط الإحتياط
إريكسون تحتل هذه المكانة الريادية للعام الخامس على التوالي
سفير النهضة الزراعية العربية يشيد بالعلاقات المصرية السعودية.. خالد العبيد: رؤية ”المملكة 2030” يتبناها سمو الأمير محمد بن سلمان
مؤتمر AVEVA Day Egypt يسلط الضوء على دور الذكاء الاصطناعي والتقنيات الرقمية في دعم التحول الصناعي
هشام مهران يكشف دور ”اورنج مصر” في ريادتها للمدن الذكية خلال معرض ”سيتي سكيب”
المجلس الثقافي البريطاني وجامعة كلية لندن (UCL) يستضيفان مائدة مستديرة حول السياسات التعليمية المتعلقة بتغير المناخ والتنمية المستدامة في مصر
وأتبعت هذه الهجمات بتوغل في مناطق حدودية لمسافات متفاوته وصلت إلى حدود ما بين ثلاثة إلى أربعة كيلومترات، حول معها الجيش الإسرائيلي عملياته إلى حرب مفتوحة، استمرت شهرين وأربعة أيام، قبل أن يجرى التوصل إلى وقف لإطلاق النار في 27 نوفمبر الماضي.
-- استمرار الغارات الإسرائيلية
لكن في هذه الفترة وبعد عام من بدء العمليات العسكرية الموسعة، تبدو الحرب وكأنها لم تتوقف، في ظل استمرار الغارات الإسرائيلية شبه اليومية مع ضربها عرض الحائط باتفاق وقف إطلاق النار، الذي التزم به حزب الله بعدما تجاوزت خروقاتها له 4500 خرق، وفق بيان صادر عن قيادة الجيش اللبناني /مديرية التوجيه.
وخلال تجواله في أرجاء بلدته الخيام التي شهدت مواجهات عنيفة على مدى أكثر من شهرين بين الجيش الإسرائيلي وعناصر حزب الله، قال الخمسيني جهاد العبد الله لوكالة أنباء ((شينخوا)) "لم أصدق عيني ما شاهدت حين وصلت إلى بلدتي الحدودية، كل شيء كان مدمرا، المنازل مهدمة، الجدران محطمة، والنوافذ متطايرة ومختفية بالكامل".
وتابع جهاد العبد الله " الشوارع خاوية ومقفلة بالردميات، حيث القليل من السكان العائدين يبحثون عن ما تبقى من حاجياتهم وسط منازلهم المتطايرة، في حين يفتش البعض عن زاوية يلجأون إليها هربا من النزوح مخاطرين بحياتهم، كأنهم يمشون على حافة الخطر في كل خطوة".
وأضاف أن "أصوات المسيرات في السماء تجعل القلب يتوقف أحيانا، وكل حركة في الأزقة المفتوحة قد تكون مصيرية، الأطفال يفتشون بين الخراب عن العابهم وما تبقى من كتبهم المدرسية، والنساء في حيرة يراقبن السماء بقلق دائم، يحاولن حماية أنفسهن وأطفالهن ولكن ليس بأيديهن حيلة، بينما يترنح كبار السن بين الدمار والذكريات المؤلمة".
-- حياة بين الخوف والنجاة
وأشار إلى أن "كل شيء في بلدتنا الحدودية يصرخ ، الحرب هنا ليست مجرد صوت انفجارات، بل حياة يومية معلقة بين الخوف والنجاة".
أما الرجل الستيني حسان شيت فكان الفرح يغمره عندما كان يسير بخطوات ثقيلة وسط حديقة منزله في بلدة كفركلا، يفتش عن مبلغ من المال يفوق 100 ألف دولار أمريكي خبأها قبل هروبه السريع من بلدته.
وقال حسان لـ ((شينخوا))"دهشتي كانت صادمة وشعرت بلحظة غريبة من الفرح الممزوج بالكثير من الذهول وكأن شيئا من الماضي لا يزال حيا بين أناملي، لقد وجدت حصيلة العمر بانتظاري داخل علبة حديدية خبأتها في زاوية من الحديقة، فالقدر جاهد بكل قوة كي لا يضيع تعبي في المهجر، وسط هذا الدمار الذي قضى على كل شيء، فوقفت للحظة، أحدق بالمال الذي بات بين يدي".
وأضاف "هذا الحدث غير المتوقع أعاد لي شعورا غريبا بأن شيئا واحدا على الأقل بقي شاهداً على جهدي وتعبي".
-- حلم حياتي تلاشى
من جهتها فاطمة نصر الله والتي كانت تنظر إلى منزلها المؤلف من ثلاثة طوابق والذي بات قطعة من الخراب، قالت لـ ((شينخوا))" لقد قضيت وعائلتي سنوات طويلة لبناء منزل فخم بمواصفات حديثة، لقد كان حلم حياتي والآن كل شيء ذهب، كل ما بنيناه اختفى في لحظات، لأعيش اليوم كنازحة في مدينة النبطية وسط شقة متواضعة".
وبصوت هادئ مخنوق تابعت لقد مرت سنة من عمر الدم والعدوان وجنوبنا الغالي ينزف، ولا تزال إسرائيل تقطف بآلتها العسكرية الحاقدة ورود أعمارنا التي نعشق.
المحلل السياسي الدكتور نضال عيسى أوضح لـ ((شينخوا)) "أن إسرائيل بدعم أمريكي غير محدود بكل الوسائل العسكرية والدبلوماسية والمادية، يجعلها أكثر عدوانية وماضية في حربها المدمرة على لبنان دون هوادة ".
وتابع "لا زالت إسرائيل ترفض الانسحاب من النقاط الخمس المحتلة في المنطقة الحدودية بل عملت على استحداث نقطتين إضافيتين، مما يحول ويمنع الجيش اللبناني من الانتشار في المناطق الحدودية".
وتابع "إلى جانب كل ذلك تفرض إسرائيل بالنار منطقة عازلة على طول حدودها مع لبنان، انطلاقا من مرتفعات شبعا شرقا وحتى الناقورة غربا وبطول حوالي 120كيلومترا وبعرض يتراوح بين كيلومتر واحد الى 3 كيلومترات".
وأشار "إلى منع إسرائيل أهالي نحو 30 إلى 40 قرية في الخط الأمامي من العودة إليها، واستئناف الحياة فيها مع تنفيذها غارات متواصلة بذريعة منع حزب الله من إعادة بناء قدراته، بحيث قتل في هذه الغارات بعد اتفاق وقف النار حوالي 280 شخصا، وفق وزارة الصحة اللبنانية".
ويشار إلى أنه ما بين 23 سبتمبر 2024 و27 نوفمبر 2024، سُجل 7753 اعتداء إسرائيلياً، بحسب إحصاء المجلس الوطني للبحوث العلمية، وقد شملت مباني سكنية ومدارس ومستشفيات ومراكز إسعاف، ودور عبادة ومواقع أثرية وإعلامية، ونقاط تجمع للصحفيين، وغيرها.
واعتبر أن "الحرب الإسرائيلية على لبنان لم تنته بعد وربما يحضر الجيش الإسرائيلي لشن هجمات مكثفة على مناطق واسعة، في مختلف المناطق اللبنانية بدون استثناء بدعم أمريكي واضح تحت ذريعة عدم تمكن الجيش اللبناني من نزع سلاح حزب الله".
ومنذ 27 نوفمبر 2024، يسري اتفاق لوقف إطلاق النار بين حزب الله وإسرائيل برعاية أمريكية وفرنسية، ما وضع حدا للمواجهات التي نشبت بينهما على خلفية الحرب في قطاع غزة.