خالد مصطفى يكتب: إلى صديقى المغرور

إن التكبر والغرور أولى درجات السقوط لأن
المتكبر يعميه الغرور عن عيوبه فيظن نفسه فوق النقد وأعلى من الآخرين
ويرفض النصيحة والتعلم فيتوقف عن انسانيته بينما يُكبر فى أعين الناس من أقل منه غروراً وتكبراً فهو يخلق من حوله عداءً ورففضاً واسعاً لأن الناس تنفر ممن يرى نفسه فوقهم وفي لحظة ضعف أو خطأ يسقط سقوطاً مدوياً لأنه لم يهيئ نفسه لتقبل الخسارة أو المواجهة لأن كلما ارتفع شيء من الأرض إلا ووقع وما تكبر أحد مهما كان شأنه إلا وذل لأن الإنسان لايولد متكبراً بل تزرع في قلبه نظرة عابرة للنجاح أو كلمة زائفة من مادح لا يرى إلا المظهر فيكبر الغرور بداخله كما تنمو الشقوق في جدار هش حتى يظن نفسه فوق الخطأ وأعلى من جميع البشر لكن ما لا يدركه المتكبر أن الجبال التي تتفاخر بعلوها تسقطها زلزلة واحدة وأن الطاووس رغم زهوه لا يستطيع الطيران فالتكبر ليس قوة بل ضعف وهو أول خطوة في طريق الانهيار لأن من يرى نفسه فوق الجميع لا يسمع صدى سقوطه إلا متأخراً حين لا يجد يداً تمتد إليه ولا قلباً نقياً يواسيه تواضع فالأرض التي تمشي عليها اليوم قد تعلوك غداً تراباً واحترم الناس فمن احتقر القلوب عاش وحيداً بين الوجوه لأن الغرورُ حين يمشى أمامك يتأخر قدرك خلفك ما من أحد سقط من علو إلا وكان التكبر سلمه وما من قلب تحجر إلا وكان الغرور حماله فالمتكبر لا يرى إلا نفسه يعيش في مرآة مشروخة تُكبر فيها صورته وتصغر فيها الناس
حتى إذا انكسرت المرآة واجه الحقيقة دفعة واحدة ويكون السقوط مدوياً توهم أنك عظيم فتتعالى وظن أن الصمت خضوع والنقد حسد والنصيحة حقد حتى يخذلك أول موقف فلم تجد إلا نفسك ضعيفاً كما انت من داخلك يا من تعتر بما تملك تذكّر ان الريح تُسقط أعلى الأشجار ولا تهز الزهر المتواضع ويا من تمشي مزهواً على الأرض إنها ذات الأرض التي ستحتضنك حين ينتهي كل شيء فليتك تعلم
أن الهيبة في التواضع لا في الاستعلاء وأن أجمل القلوب تلك التي تعرف أنها من تراب وترتفع بأخلاقها لا بمكانتها فالتكبر بداية النهاية فاختار أن تكون نهراً يُسقي لا جبلاً يتعالى واصعد سلم المجد بخطى التواضع فإن السمو الحقيقي
لا يُدرك إلا بركوع الروح لله وانحناء القلب للحق فلا تكن متكبراً بمالك أو مغروراً بجاهك فالكِبر
لا يرفع قدراً بل يُسقط الهيبة والغرور لا يصنع نجاحاً بل يُعمى عن الحقيقة فالتواضع لا يعني الضعف بل هو منتهى القوة وأصدق دليل على النبل والرُقي فكما أن النخلة كلما زادت ثمارها انحنت كذلك الإنسان كلما عظُم شأنه تواضع لله وتذكر دائماً ما رفع الله عبداً إلا وقد تواضع
وما أسقط أحد إلا بعد أن تكبر وطغى
فلا تكن متكبراً فإن في التواضع رفعة
ولا تكن مغروراً فإن الغرور أول السقوط
فالمتكبر لا يرى إلا نفسه فيعميه الكبر عن عيوبه ويصم أذنيه دائماً عن النصيحة
ثم يتعثر لا لأن الطريق مظلم بل لأن عينيه مغلقتان بنظرة فوقية متعجرفة أما المتواضع فهو من يمشي بين الناس بقلب مفتوح يرى النور في الآخرين ويصنع المجد بصمت تذكر دائماً كلما علت النفس تكبرت
وكلما سمت الروح تواضعت فالتواضع لا ينقص من قدركبل يزيدك مهابة في قلوب العقلاء
ويمنحك بريقً لا تصنعه الأضواء
بل تصنعه الأخلاق لا تكن متكبراً فإنك لم تُخلق لتعلو على أحد بل لتعلو بنفسك ولا تكن مغروراً فالغرور دخان يتصاعد من وهم كبير لا من نار الحقيقة لأن المتكبّر كمن يقف على جبل من رمال يظن نفسه فوق الجميع لكن أول ريح تسقطه بلا رحمة لأنه نسى أن الجبال فى الحقيقية تُبنى على تواضعٍ وثبات فتواضع أيها المتكبر فالعظماء لا يحتاجون للصوت العالي ولا للمظاهر الجوفاء يكفيهم أثرهم في القلوب حتى وإن بعدوا تواضع لأن الله لا يرفع عبداً تكبر ولا يُبارك في علم صاحبه اختال، ولا يُخلد ذكر إنسان نسى أنه خلق من تراب وتذكر دائماً من تواضع لله رفعه ومن تكبر
وضعه الله حيث لا يراه أحد