خالد مصطفى يكتب: حينما أتحدث إلى نفسى

كثيراً ما يظن الجهلاء بأن المراوغة أو الرفض الذي يواجهه الإنسان فى بعض الأوقات ليس موجهاً له شخصياً بل لما يُمثله من تغيير
أو تطوير أو كسر للجمود الناس بطبعهم يخافون من التغيير حتى لو كان نحو الأفضل لأن التغيير يُربك الاستقرار ويهدد المصالح القديمة فحين تكون أنت صوتاً للتطوير فإن رفضهم لك ليس رفضاً لذاتك بل مقاومة لما تحمله من فكر جديد يهدد الرتابة التي اعتادوا عليها لذا لا تأخذ الرفض على أنه تقليل من شأنك بل دلالة على أن أفكارك مؤثرة وأنك تحرك شيئاً ما في العمق هم لا يرفضونك أنت بل يرفضون ما تمثّله من صحوة من كسرٍ للسكون ومن فكرة تهزُّ ثوابتهم المهترئة إنك حين تدعو للتطوير فإنك
لا تزعجهم بل تزعج جمودهم
لا تهاجمهم بل تهاجم خوفهم فلتعلم أن الرفض ليس دليل على ضعفك بل شهادة على أنك حي في زمن الموت البطيء وأنك نار في زمن الرماد الدائم فلا تخدعك نظرات الرفض
ولا تُرهِبك أصوات المعترضين فهم لا يكرهونك بل يخشون مما تحمله يخافون أن يراك الناس نوراً فيكشف ظلامهم يخشون أن يسمعوك فتسقط أقنعتهم أن تتبعك العقول فتفلت من قبضة الجهل التي يقدّسونها هم لا يرفضونك إنما يرفضون صوت العقل في زمن الصمت ويرفضون الإصلاح لأن فسادهم لا يعيش إلا
في الركود فامضى فأنت لست وحدك إنما معك الحقيقة ومع الحقيقة لا يخسر إلا من اعتاد الزيف لا تخف من الجموع إذا صاحت ضدك فالجموع لا تكرهك لكنها ترتعب مما تُمثّله أنت مرآة تُعرى الزيف وصوت يُقلق الصمت وخطوة تُربك ثباتهم الزائف فأنت تعلم أنهم يريدونك صامتاً لأن كلامك يوقظ ويريدونك تابعاً لأن استقلالك يُوجِع ويريدونك باهتاً لأن ضوءك يفضح الظلام يراوغونك نعم ولكن لا لأنك على خطأ بل لأنك على صواب لا يناسب مقاعدهم المهترئة في زمان يُقدَّس فيه الساكت ليُصبح المجدد خصماً ويُصبِح الصادق غريباً
فلا تنحنى لأن من يزرع التطوير لا يحصد التصفيق بل يحصد التاريخ
فلا تحزن لأن مابين يديك قد يكفي لتغيير قدرك فأنت ما زلت تمسك بزمام الأمور وما زالت الطرق مفتوحة أمامك فقط تذكّر أن كل لحظة ضعف هي بداية لقوة قادمة
فلا تحزن فأنت ما زلت تمسك بالخيط الأخير الذي يصنع المعجزات وهم الغافلون إن الحياة لا تُهزم أبداً بالسقوط بل بالاستسلام وأنت لم تستسلم ولن تستسلم أبداً قد تُظلم الطرق أحياناً ويعلو الضجيج وتُخدش الروح لكن تذكر أن بداخلك نار لم تنطفئ بعد وفي قلبك نبض يقول ما زلت هنا ما زلت أستطيع تذكر دائماً أن من يملك نفسه وقت العاصفة يملك زمام الأمور حين تهدأ الرياح فارفع رأسك فالله معك والدرب لم ينتهِ بعد لا تحزن فأنت لست عابراً في هذه الحياة من قال إن السقوط نهاية فقد أخطئ لأن السقوط بداية للذين قرروا أن يصنعوا من الألم مجداً فأنت ما زلت تملك زمام الأمور لأنك تملك إرادة لم تنكسر ونبضاً ما زال يقول سأعود
حين تتخلى عنك الأشياء تذكر أنك لم تتخلى عن نفسك وحين يغلق الناس أبوابهم افتح قلبك على مصراعيه ففي داخلك خريطة طريق كتبها الله بيده طريق النجاة طريق النور طريقك أنت
توقف لحظة خذ نفساً عميقاً ثم انهض ليس لأنك يجب أن تنهض بل لأنك خُلقت لتنهض لقد زرع الله فيك بذرة العز وسقاها بالابتلاء واختبرها بالدموع لكي تُثمر رجلاً
لايمكن أن تُهزمه الدنيا وإن حاولت ملايين المرات فلن تهزمك فلا تغضب فما تملكه لا يقدر بثمن وربما هو ذات الكنز الذي يسعى إليه الآخرون دون أن يدركوه فلا تنظر لما في أيديهم بل لما بين يديك لأنك لا تزال تملك الكثير فلا تغضب إن ظن البعض أنهم راوغوك
أو إحتووك فربما ما تملكه أنت هو ما يفتقدونه ولا يستطيعون السيطرة عليه أو الوصول إليه فهم للأسف ظنوا أن مراوغتك أو احتواءك قد يكون أمراً سهلاً وتلاعبوا بثقتك وهم لا يعرفونك جيداً لكن آن الأوان أن يدركوا من تكون