الفرد أم القيادة 2-3
رباب حرش
ظهر الفساد بما كسبت ايدينا جميعا فقد مضي الزمن الذي كان يجلس فيه العالم لنشر مالديه دون ان يهتم بثقل الاموال ,مضي الزمن الذي كنا نجد فيه المال عاجزا عن انتزاع الطبيب من واجبه, والقاضي من عدله , ورجل الدين من فتواه المجردة , والاستاذ من تلاميذه, الجميع ياخذ دون ان يعطي بل واصبح من السهل اللعب بعقولهم بترقية او علاوة واصاب الضمير الفقر ولاهم للجميع الا التقاتل علي المناصب .وزاد من الامر سوءا اسناد الامور لغير اهلها والاكتفاء بالوساطة كاداة للتاهيل لاي منصب او عمل .
وغلف العمل اطار واحد فيد الوزير تمتد الي الانظمة والاوضاع تقلبها راسا علي عقب دون ان تصغي الي اصحاب الاختصاص واصبحت القرارات مزاجية غير مدروسة وبدون الية للتقويم والتقييم , اما الموظف فمهما يكبر او ينبغ لايعدو ان يكون تابعا يتلقي اوامر رئيسه ويؤمن علي رغباته وان علم فيها الضرر لمصالح البلاد والعباد .
وهكذا اهدرت الشجاعة الادبية , وجبنت النفوس عن تحمل المسؤلية بل انه ليحدث اكثر من ذلك , فان المسالة الفنية لتعرض احيانا علي لجان الاختصاص ليبحثوها في شهور فياتي الوزير ليضرب بنتيجة البحث الطويل عرض الحائط ويؤشر بعكس ماجاء في توصيات الخبراء وكانه يتحدي تلك العقول ليظهر ان رأيه المفاجئ افضل من اراء المختصين والادهي اننا نجد من بين موظفيه من يقول له امين .
والي ان يعلم الوزير كيف يحترم راي موظفيه المختصين والي ان يفهم هؤلاء الموظفون كيف يحترمون ارائهم والي ان توزع الاعباء والمسؤليات بين الوزير ومعاونيه ويحل النظام محل الفوضي في علاقة الرئيس بالمرؤس فلن يكون للاداة الحكومية صلاحية بعد للسير الجدي في تنفيذ مشروع من المشروعات .
وقد سبق السيف العذل ولم تعد هناك ازمة في الأخلاق ومانتج عنها من امراض اجتماعية ابرزها غياب الضمير وتفشي المادية وجموح الديمقراطية , بل تحول الوضع لانعدام الثقة وسوء الظن في الاخلاق , وضعف الايمان بالمثل العليا ,ولاسبيل لاستعادتهم الا بوجود رجل حي نراه باعينا ونسمع لصوته ونتبعه بافئدتنا , غير اني لا ادري ان كان كل مجتمع قادر علي اخراج مثل هؤلاء الرجال او ان اولئك الرجال لايظهرون الا في مجتمع يؤهلهم للظهور .
وبواقعية لا بيأس فان دولتنا اصبحت دولة العميان التي لاتعرف فيها اليد اليمني ماتصنعه اليسري ,ويكفي انها تقف عاجزة عن استيعاب ابنائها فان فتحت لهم المدارس صدت امامهم الجامعات واغلقت ابواب العمل فيما درسوه . فدولة العميان لاحساب فيها للغد ولا ادراك للزمن ؟!
ثق أن في الامكان صنع الاعاجيب لو استطعنا ان نعيد حسن الظن بالاخلاق وصدق الايمان بالمثل العليا ينبغي ان يؤمن الناس بانه لا أحد أعظم أو أقوي من الرجل الذي لايشتري بمال ولابجاه .
ان من يملك قلبا حارا ولسانا حرا ولايكن له في زينة الحياة مطمع فهو وحده الذي يستطيع ان يسود العالم سواء اكان من الحكام ام المحكومين