فرحت جداً عندما أعلنت هيئة الأرصاد الجوية بأن يوم الثلاثاء سنستقبل الشتاء فعليًا وستسقط الأمطار على معظم المدن، لأني وكمعظم المصريين عاشقة للشتاء الذي يحل دائماً كضيف خفيف ولفترة قصيرة في السنة، فالمشهد دائماً الذي يربطني به هو تساقط الأمطار مع حركة الأشجار ورائحة المطر الخلابة ومشروب ساخن في يدي لأحتسيه وأنا أقف في شرفة منزلي لأري الأطفال يلعبون تحت المطر، قد يكون ما أحكيه في تصوري فقط هو نقل لمشهد رومانسي يحمل حالة من الدفئ والسكينة والهدوء، ولكن ما حدث أمس كان عكس كل ذلك لأفيق على كابوس مرت به مصر أمس، فأرى فيديو لأم تنتشل ابنتها من الأمطار بعد أن صعقها التيار الكهربائي وظلت لمدة ثلاث ساعات لا تجد من ينجدها و صمت الجميع إلا الأم التي ظلت تصرخ حتى أنني ما زلت أسمع صراخها في أذني، و فيديو آخر لسيدة تستنجد بأحد المارة بالشارع لإنقاذها من غرق سيارتها بمياه الأمطار المتجمعة داخل إحدى الأنشفاق.
وتردد آيات قرانية بنبرة صوت تعكس إلى أي مدى وصل الخوف بداخلها، فيديوهات عدة نقلت مشاهد غرق الشوارع وتجمع المياه في الأنفاق وحالة الفزع التي صاحبت الناس وبخاصة الأطفال والسيدات، فمن منا لم يكن لديه فرد من أفراد أسرته لم يتعرض لمهزلة أمس فالأطفال عادوا إلى بيوتهم بعد منتصف الليل من يوم شاق محبوسين بالطرق دون طعام وكذا الأهالي ليكون أمس من أسوأ الأيام التي مرت بها مصر، ونرى المحروسة تغرق في شبر ميه.
وطرأ إلى ذهني عدة تساؤلات إلى متى سنقف مكتوفي الأيادي أمام الكوارث إلي أن تتفاقم؟؟؟؟ ألم نتعلم العام الماضي مما حدث بمنطقة التجمع و مدينة الأسكندرية بسبب السيول والأمطار؟؟؟؟ متى سيضع المسئولون خطط للتعامل مع مثل هذه الأزمات؟؟؟؟، مع العلم أن هيئة الأرصاد الجوية قد حذرت من السيول لهذا اليوم ولكن ماذا فعلت لتلافي المشاكل الناتجة عنها؟؟؟؟، ماذا لو اشتد الشتاء الفترة القادمة وازدادت الأمطار عن ذلك؟؟؟؟ وكيف حتى الآن لم نتعلم من الأعوام السابقة؟؟؟ لكن يبدو أننا لم ولن نتعلم بالرغم من إننا اتلسعنا في العام الماضي ، من سيرد حق الطفلة المتوفية ضحية الإهمال؟؟ ومتى سيخرج المسئولون ليعترفوا بفشلهم في إدارة مثل هذه الأزمات؟؟؟
تساؤلات عدة لا بد من وضع إجابات وحلول مرضية لها، فلسنا بحاجة للتعرض إلى مصيبة جديدة لكي نتحرك، ولا بد من وضع حلول للتعامل مع مثل هذه الظواهر الطبيعية التي تحدث كل عام، وكذلك زيادة الوعي لدى المواطنين بكيفية التعامل مع قيادة السيارات وقت هطول الأمطار، وأناشد السادة المسئولين بمحاسبة كل متقاعس عن عمله وبالتحرك قبل حدوث الأزمة بتنفيذ الطرق المناسبة لتصريف مياه الأمطار، والاستعانة بنماذج من الدول العربية و الأوروبية للتعامل مع مثل هذه الظواهر، فربما كانت أمطار اليوم قرصة أذن أو إشارة تنبيه للإستعداد لفصل الشتاء، فلا يمكن أن يكون هذا المشهد الدرامي مر عابرًا ولكنه كشف الغطاء عن فساد المحليات و أن البنية التحتية في مصر في حاجة فعلية إلى إعادة النظر إليها و تطويرها ما دمنا نحلم بدولة جديدة وما دمنا نرجو أن تكون مصر أد الدنيا كما قالها السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي.