سمير فرج يكشف عن خطة مكافحة ”مرض الخنادق” في حرب أكتوبر


وجه اللواء سمير فرج، الخبير الاستراتيجي، ومدير إدارة الشؤون المعنوية الأسبق، الذي شارك في مطبخ العمليات العسكرية لحرب السادس من أكتوبر 1973، التهنئة لجموع الشعب المصري بمناسبة ذكرى انتصارات حرب أكتوبر المجيدة، كاشفًا عن مشاعره وذكرياته الشخصية عن اللحظات الحاسمة التي سبقت العبور والساعات الأولى من الحرب.
وعند سؤاله عن مشاعره الشخصية لحظة سماع أوامر العبور، خاصة وأنه كان شاهدًا على التخطيط من الداخل، قال اللواء سمير فرج، خلال مداخلة هاتفية مع الإعلامي إيهاب حليم، ببرنامج "صدى صوت"، المذاع على قناة "الشمس": "طبعاً كانت فرحة لا تُوصف، لكن صدقني لم نكن نُصدق تمامًا، لأنها كانت المرة الثالثة التي نُعلن فيها عن نية الهجوم ثم يؤجلها الرئيس السادات في اللحظة الأخيرة، لكن عندما كنا في غرفة العمليات يوم 6 أكتوبر، وبعد تجهيز مركز العمليات تحت الأرض بأيام، وتأمين الاتصالات مع الجيش الثاني والثالث والبحرية والدفاع الجوي والقوات في سوريا وباب المندب.. وفي صباح يوم الهجوم، رفعنا خرائط المشروع التجريبي ووضعنا خرائط الخطة 'جرانيت المعدلة' للهجوم الفعلي.
وأضاف بوصف مؤثر لمرحلة ما قبل الحرب قائلا: "قضيت ست سنوات في حرب الاستنزاف في موقع على قناة السويس، بيني وبين العدو الإسرائيلي 200 متر، كنت أرى العلم الإسرائيلي فوق أرضي كل يوم، ولا تتخيل مدى الضيق والغضب، لذا حين بدأت الحرب فعلاً، شعرنا بفرحة لا تقدر بثمن"، موضحًا اللحظة التي تأكد فيها الجميع من بدء المعركة: "لم نتأكد من أن الحرب بدأت إلا الساعة الثانية ظهرًا بالضبط، نظرنا إلى الشاشة أمامنا فوجدنا الـ 220 طائرة تعبر قناة السويس لتنفيذ الضربة الجوية، ساعتها قلنا: "خلاص الحرب بدأت".
واختتم وصفه للساعات الأولى من حرب أكتوبر قائلا: "بدأت موجات العبور، الموجات الـ12 بالقوارب، وكنت مسؤولًا عن تلقي التقارير بالتأكد من سقوط النقاط وتحصينها، والتصدي للهجمات المضادة للعدو، وكانت أحلى لحظات العمر عندما رأينا قواتنا تنفذ أغلى قرار وأغلى مهمة وهو اقتحام خط بارليف وتحرير سيناء.
كشف اللواء سمير فرج، الخبير الاستراتيجي، ومدير إدارة الشئون المعنوية الأسبق، الذي شارك في مطبخ العمليات العسكرية لحرب السادس من أكتوبر 1973، عن دور إدارة الشؤون المعنوية التي كان اللواء فرج أحد ضباطها آنذاك برتبة رائد في حرب أكتوبر المجيدة، خاصة في مسألة رفع الروح القتالية للجنود.
وقال، إن دور الشئون المعنوية بالقوات المسلحة كان ينقسم إلى شقين: الإعلام وخطط الشحن المعنوي، وفيما يخص الإعلام: "كنا مانعين الإعلام تمامًا في الأيام الثلاثة الأولى، لدرجة أنه لم تُصور ولا صورة واحدة، وكان الإعلام يعتمد كليًا على البلاغات الصادرة من القيادة العامة، والهدف من ذلك هو عدم كشف نية الهجوم، فكانت القيادة العامة حريصة على عدم تسريب أي معلومة"، وفيما يخص الشحن المعنوي: "كانت خطة قائمة على مكافحة مرض الخنادق، وهو فقدان الروح القتالية بعد الجلوس ست سنوات في الخندق، وكانت هناك مجموعات من رجال الدين والتوعية في كل فرقة ولواء، وكانوا يطمئنون الجنود بأن يوم تحرير الأرض قريب".
وكشف اللواء سمير فرج، عن توجيهات القيادة السياسية للحفاظ على الدافع لدى الجندي قائلا: "كان هناك توجيهات صارمة للقادة، وقائد الفصيلة كان يجلس مع عساكره الثلاثين يوميًا، وقائد السرية يومًا بعد يوم، وقائد الكتيبة يومين في الأسبوع، وكل هذا كان بهدف استنهاض الحافز لدى الجندي، وعندما جاءت الأوامر، كان الجميع يتسابق للعبور".
وعن سؤال حول التنسيق مع الجبهة السورية، أكد اللواء سمير فرج، أن القيادة المصرية كلفت المشير أحمد إسماعيل والفريق الشاذلي والجمسي بتحديد اليوم والتاريخ، وقد وقع الاختيار على 6 أكتوبر الموافق 10 رمضان لأنه كان عيد ديني في إسرائيل "يوم الغفران"، وهو يوم ممنوع فيه الحركة، ما يمنع استدعاء قوات الاحتياط بسرعة.
أما عن توقيت الهجوم قال: "تم الاتفاق على أن نعبر نحن القناة في تمام الساعة 2:00 ظهرًا، وتكون الـ 12 موجة قد عبرت بحلول السادسة مساءً، ثم في التاسعة مساءً يبدأ القمر في الظهور لتعبر الدبابات والمركبات، وكان هذا التوقيت مناسبًا للسوريين أيضًا لأنهم كانوا يحتاجون ثلاث ساعات لاقتحام خندق مضاد للدبابات، وتم التنفيذ في الساعة 2:00 ظهرًا بالتزامن في الدولتين".
وفي تحليل سريع لسقوط أسطورة خط بارليف في بضع ساعات، أكد أن العامل الأهم كان "الجندي المصري والتخطيط المصري"، معقبًا: "لقد نجحنا في اقتحام خط بارليف ونقاطه القوية، وصد احتياطات العدو.. بفضل الجندي المصري العظيم الذي هاجم في رمضان، وصبر يومين دون أكل أو شرب حتى يتم فتح الكباري لعبور الذخيرة والدبابات، هو البطل الحقيقي في هذا الموضوع".
وفي ختام الحوار، سُئل اللواء فرج عن اللحظة التي شعر فيها أن الحظ أصبح حليفًا لمصر، فأجاب: "هو ليس حظًا، بل تخطيط"، كاشفًا عن تفصيل عسكري دقيق قائلا: "في الساعة 2:15 دقيقة يوم 6 أكتوبر، التقطت المخابرات إشارة من قائد القوات الجوية الإسرائيلية إلى طياريه: "لا تقتربوا من قناة السويس بمسافة 15 كيلومترًا"، معللا ذلك بأن حائط الصواريخ المصري كان يُغطي تلك المسافة، وأي طائرة ستدخلها ستُضرب، وساعتها قلت: سننجح وسنعبر، ولن يكون هناك هجوم جوي من العدو، ذراع الجيش الإسرائيلي الطويلة، وكان هذا نجاحًا لتخطيط الدفاع الجوي المصري".
وكشف الكاتب الصحفي حمادة إمام، عن تفاصيل غريبة تُعلن لأول مرة حول اللحظات التي سبقت اغتيال الرئيس الراحل أنور السادات في 6 أكتوبر 1981، موضحا أنه كان هناك سلسلة من التحذيرات الدولية والعربية تلقاها الرئيس الراحل السادات قبيل الحادث بأيام قليلة.
وقال "إمام"، خلال لقائه مع الإعلامي إيهاب حليم، ببرنامج "صدى صوت"، المذاع على قناة "الشمس"، إن التحذير الأول جاء من أعلى المستويات الأمريكية، خلال آخر زيارة قام بها الرئيس السادات للولايات المتحدة الأمريكية، وذلك قبل اغتياله بحوالي 14 يومًا في سبتمبر 1981، وكانت هذه أول زيارة يقابل فيها السادات الرئيس الأمريكي ريغان، معقبا: "ريغان طلب منه أن يضع في اعتباره أن هناك محاولة لاغتياله، وأن يُغير من طريقة حراسته وتصريحاته"، وجاء رد السادات إيماناً بالقدر: "السادات رد عليه قائلاً: "لن يصبنا إلا ما كتبه الله لنا"، والمترجم ترجمها لريغان، الذي رد بدوره بأن هذا القول لن يمنع الاغتيال".
وأوضح أن التحذير الثاني، والأكثر قربًا من موعد الحادث، جاء من القيادة الفلسطينية، ممثلة في ياسر عرفات، قبل أربعة أيام فقط من وقوع الاغتيال، كاشفا عن أن ياسر عرفات طلب إبلاغ رسالة مهمة للرئيس السادات يوم 1 أكتوبر عن طريق وسيط أرجح أنه الوزير مصطفى خليل، وتحدد الموعد يوم 2 أكتوبر، وبعث ياسر عرفات سعيد الطويل، مندوب فلسطين في القاهرة، كاشفا تفاصيل اللقاء القصير قائلا: "الرئيس السادات قابله لمدة عشر دقائق فقط، ووصلت رسالة أبو عمار عبر الطويل: "أبو عمار يبلغك: عندنا معلومات أكيدة أن في محاولة لاغتيالك، وببلغك علشان مستقبلاً ما نتحملش إحنا المسؤولية وتقول إن الفلسطينيين هم اللي ورا العملية دي".
وعن صباح يوم الاغتيال ذاته، كشف عن تجهيزات تحالف التنظيمات التي قررت تنفيذ العملية، موضحا: "يوم 6 أكتوبر 1981 الصبح، تم الاتفاق بين تحالف التنظيمات أن يتم الاغتيال، وتم تجهيز مجموعة من الناس التابعين للإعلام، واشتروا ميكروفونات، لكي ينزلوا فور وقوع الضربة"، كاشفا تفصيلاً غريباً يتعلق بشخصية كانت تعلم بالخطة وأرادت التمويه على دورها قائلا: "أحد الذين كانوا يعلمون بالاغتيال، أراد أن يمسك العصا من المنتصف، فقام بافتعال مشكلة ودخل قسم الساحل لكي يُقال لاحقاً إنه كان مقبوضاً عليه ومحبوساً في قسم الساحل أثناء وقوع الحادث"، موضحا أن الرئيس السادات كان يتلقى تحذيرات جادة ومتتالية من احتمالية تعرضه للاغتيال، إلا أن إيمانه بقضاء الله وقدره كان له كلمة الفصل.