دكتورة دينا المصري تكتب: الشخصية السراب

يظهر في حياتك كأنه بصيص من الأمل، شخصية تلمع وتجذب الأنظار من الوهلة الأولى. حضوره طاغٍ، وكلامه منمق، وكأنه كل ما كنت تحلم به؛ يتقمص دور المثالية، يمنحك شعوراً بالأمان، ويجعلك تظن أنك أخيراً وجدت الشريك المناسب أو الصديق الوفي؛ لكن، مع مرور الوقت، تبدأ تلك الصورة البراقة في التلاشي لتكشف عن فراغ تام.
شخصية "السراب" تتسلل إلى حياتك دون أن تشعر، تستولي على تفكيرك وعواطفك، وتجعلك تتعلق بصورة خيالية بناها بعناية؛ يبدو طيباً، لكنه في الواقع مؤذٍ. يجعلك تركض وراءه مثلما يركض العطشان في الصحراء خلف السراب، كلما اقتربت منه، اكتشفت أنه مجرد وهم، لا أساس له ولا وجود حقيقي.
هذه الشخصية تُتقن لعبة "القط والفأر"، فهي موجودة وغير موجودة في آن واحد. تجدها سنداً في موقف، وتختفي تماماً في مواقف أخرى. هذا التناقض يرهقك ويستنزف طاقتك، وعندما تقرر الابتعاد، يظهر من جديد بشكل مبهر ينسيك كل قراراتك؛ لا يكتفي بذلك، بل يجعلك تزداد تمسكاً به، ويقف دائماً عند عتبة الباب، لا يدخل ولا يسمح لأحد آخر بالدخول.
قد يظن البعض أن الحل الوحيد للسيطرة على هذه الشخصية هو الزواج، معتقدين أن هذا الرباط سيجعله مستقراً وحاضراً؛ لكن الحقيقة المرة هي أن الزواج بالنسبة له ليس سوى امتداد لأسلوب حياته؛ بدلاً من أن يكون شريكاً مسؤولاً، تجد نفسك تحمل كل الأعباء وحدك، وتجد نفسك مرغماً على إقناعه بأهمية وجوده بجانبك، بينما هو في الأساس قد تخلى عن دوره.
شخصية "السراب" هي رمز للوهم والخداع والتعلق بأمل كاذب؛ إنها الشخصية التي تُشعرك بأنها سندك وأمانك، لكنها تختفي فجأة أو تتغير لتكشف عن حقيقة مختلفة تماماً.
إذا كان شريك حياتك غير موجود في تفاصيل حياتك اليومية، فاعلم أنك ستحمل المسؤولية كاملة وحدك. ستكون الأب والأم والزوج وكل شيء في آن واحد؛ لذلك، اختر بعناية وتأنٍ لتجنب الندم في المستقبل.