راحت فين هيبة الصحفيين؟.. سؤال يتنادى به أبناء صاحبة الجلالة مطالبين بعودة المهنة إلى مكانتها وسابق عصرها، خصوصًا بعد الاعتداءات المتكررة على العاملين بالصحافة في الفترة الأخيرة، والتي نالت منهم ومن كرامتهم ومهنتهم الشريفة، التي طالما حلموا أن تكون صوت الناس وسيف الحق في وجه الجميع وعلى رأسهم المسؤولين، والرقيب الأول على الأجهزة التنفيذية بالدولة كإحدى مهامها كسلطة رابعة.

بالأمس رأينا بمزيد من الأسى مشهد اقتحام السبكي و12 بلطجيًا موقع صدى البلد الإخباري، في الثانية عشر بعد منتصف الليل، والاعتداء على صحفيي الموقع وإتلاف محتوياته، واحتجاز رئيس التحرير الأستاذ الخلوق أحمد صبري، والتعدي على الصديق المحترم إسلام مقلد الصحفي بقسم الحوادث، والزميل أحمد سالم، بالضرب..

وكنا نتوقع أن يكون هناك موقفًا قويًا من الجماعة الصحفية ومجلس نقابة الصحفيين والمجلس الأعلى للإعلام، ولكن جاءت ردود الأفعال مشابهة لما غيرها من جرائم الاعتداءات السابقة على الصحفيين، بالشجب والندب والإدانة وإصدار البيانات..

المشهد المرعب باقتحام السبكي وبلطجيته موقع صدى البلد والاعتداء على الصحفيين، خلق حالة من الغليان لدي شباب الصحفيين والجماعة الصحفية، الذين استنكروا ذلك المشهد الذي أيقظهم على حالة من الرعب والقلق على أنفسهم ومؤسساتهم الصحفية، التي أصبحت عرضة لـ"كل من هب ودب"، خصوصًا وأن مشهد الاعتداء على الصحفيين تكرر كثيرًا في الآونة الأخيرة وكان آخرها اعتداء لاعبي الزمالك على مصور المصري اليوم عقب مباراة الزمالك وبيراميدز بالدوري.

اقتحام السبكي وبلطجيته موقع صدى البلد والاعتداء على الصحفيين واحتجاز رئيس تحريها أحمد صبري وإصابة زميلين بإصابات قطعية، مشهد أعاد للأذهان واقعة الاعتداء الغاشم التي طالت عدد من الصحفيين في ديسمبر الماضي، وهم محمد الجرنوسي المصور بـ"المصرى اليوم"، وعاطف بدر مسؤول ملف النقابات بجريدة المصري اليوم، وإسراء طلعت الصحفية بجريدة الوطن، وآية دعبس الصحفية بجريدة اليوم السابع، وذلك أثناء تغطيتهم انتخابات ترشيح نقابة الصيادلة، بعدما تم سحلهم وتكسير كاميراتهم وتحطيم هواتفهم المحمولة، من قبل أمن النقابة وبعض البلطجية التي استعان بهم نقيب الصيادلة الموقوف محيي عبيد، ما أسفر عن إصاباتهم بجروح قطعية بالجسد والوجه والعين للصحفيين.

كما شاهدنا ذلك المشهد أيضًا أمام بوابة نادي الزمالك في 6 نوفمبر الماضي، حينما اعتدى أمن نادى الزمالك بالضرب على 11 صحفيًا من أعضاء النادي، أثناء محاولتهم دخول النادي دون أسباب واضحة لمنعهم، والتي على إثرها انتفضت نقابة الصحفيين وأدانت الواقعة بشدة وأصدرت قرارها بمنع نشر اسم وصورة رئيس نادى الزمالك بالصحف المصرية، لمدة عام، وإحالة كل صحفي يخالف ذلك القرار إلى لجنة التحقيق النقابية.

وصول مهنة الصحافة إلى ما هو عليه الآن من إهانة واعتداءات، يرجع إلى انقسام الجماعة الصحفية وعدم الجلوس على مائدة واحدة لحل مشاكلهم ومشاكل مهنتهم، والوقوف ضد المعتدين عليهم، بجانب التربيطات والمصالح والأهواء الشخصية التي تسيطر على مشهد الجمعية العمومية لأعضاء نقابة الصحفيين، تاركين هموم صاحبة الجلالة.

الغريب في وقائع الاعتداء على الصحفيين أن قانون تنظيم الصحافة والإعلام يعاقب بالحبس والغرامة كل من تؤول نفسه فعل ذلك، حيث تنص المادة رقم 100 من القانون 180 لسنة 2018 لتنظيم الصحافة والإعلام، أن: "يُعاقب بالحبس وغرامة لا تقل عن 10 آلاف جنيه، ولا تزيد عن 20 ألف جنيه، كل من يعتدي على صحفي أو إعلامي أثناء ممارسة عمله"، بالإضافة إلى المواد المنصوص عليها بقانون العقوبات، ولكن لا يتم تفعليها على أرض الواقع، ما أدى إلى تكرار مشاهد الاعتداء، رغم أن المادة صُممت خصيصًا  لتكون رادع للبلطجة وصمام أمان للصحفيين.

ولكن السؤال الذي يظل عالقًا في أذهان الكثير من الصحفيين ويبحثون عن إجابة وحل عند المسؤولين عن الصحافة والإعلام سواء مجلس النقابة أو المجلس الأعلى للإعلام، وهو متى تنتهي مشاهد الاعتداء على الصحفيين العبثية ومتى تعود هيبة الصحفي إلى سابق عصره، حتى يتسنى للصحفيين أن يمارسوا عملهم في أمان وطمأنينة وأريحية؟

أتمنى ألا يمر مشهد اقتحام السبكي وبلطجيته لموقع صدى البلد "مرور الكرام"، وأن تكون هناك إجراءات رادعة على أرض الواقع، ليكون الموقف عبرة لغيره ممن تسول له نفسه أن يقترب من الصحفيين ومن مهام عملهم ومؤسساتهم الصحفية!!