حكومتك مش حاسة بالغلابة يا ريس !!
محمد يوسف
رغم أننا لسنا من أنصار النظرات السوداوية التي تشيع الكآبة واليأس بين قرائنا ، إلا أن ما حملته الأيام الماضية من أحداث متزامنة علينا كمصريين تؤكد على المقولة الخالدة "إن المصائب لا تأتي فرادى".
فقبل نحو أسبوع تعرضت البلاد لإعصار "حمادة" ، حسب التعبير الذي استخدمته هيئة الأرصاد الجوية، والذي صاحبته رياح عاتية وسيول لم نر مثلها من قبل تسببت في شلل جميع أوجه الحياة في 6 محافظات من بينها العاصمة الكبرى القاهرة والصغرى الإسكندرية بخلاف محافظات البحيرة والدقهلية والغربية وكفر الشيخ والمنوفية .
ومع التسليم أن الإعصار هذا وما صاحبه من عواصف هي ظواهر كونية طبيعية لا دخل للإنسان فيها ، إلا أنها وبكل أسف كشغت حجم الإهمال الصارخ الذي تعانيه الإدارة المحلية في مصرنا الغالية، بداية من تجمع المياه حتى تحولت إلى أنهار جارية إثر انسداد بالوعات الصرف وما تبعها من غرق السيارات التي كانت تشبه علب الكبريت، وعجب العجاب الذي تجلى في فريق الإنقاذ "أبو فانلة وكيلوت" في قلب مدينة نصر التي تعبر من الأحياء الراقية في مصر.
أما مشهد الطفلة البريئة التي صعقها التيار الكهربائي بسبب لمسها أحد أعمدة الإنارة فقد أدمى القلوب حسرة وندامة ، وزاد البلة طينا تأخر الإنقاذ 3 ساعات وفي النهاية لا نجد إلا إحدى الأوناش الذي التقط جسد الطفلة في صورة أدنى من "القطط الفطيس"، وسط صرخات أهلها المنكوبين فهل هذه هي قيمة المواطن في مصر .
وتزامنت هذه المشاهد المأساوية مع صورة السيدة الأربعينية التي انتحرت تحت عجلات مترو الأنفاق بمحطة غمرة التي أصبحت أيقونة الانتحار بين محطات المترو ، وبطبيعة الحال راحت أغلب المواقع الإخبارية والصحف تتكتم على خبر الانتحار حتى لا نخدش الرونق العام ولا نشيع مناخاً نشاؤمياً ، تلك الاتهامات التي باتت سابقة التجهيز لتوجه ضد أي صحفي يكشف الواقع المأساوي الذي وصلت إليه هذه الشرائح المهمشة .
أما المشهد المأساوي الثالث فكان حادثة قطار الإسكندرية ـ أسوان والتي راح ضحيتها الشاب محمد عيد ، كما أصيب أخر بإصابات خطيرة ، وذلك بسبب عجزهما عن دفع قيمة تذكرة عربة ال VIP وهي 70 جنيها في حين أنهما بائعين متجولين ربما لا يحصلان هذا المبلغ طوال اليوم ، فما كان من جناب السيد الكمساري إلا أن يخيرهما بين القفز من القطار أثناء سيره ببطء أو تسليمهما لأقرب نقطة شرطة ، وبطبيعة الحال اختار الشابان القفز من القطار فهذا أهون عليهما من البهدلة والحبس ومصادرة البضاعة التي يصرفون من بيعها على أسرهم .
وتكمن خطورة هذه الحادثة أنها تعكس واقعاً أليماً في مشهد انعدمت فيه الإنسانية سواء من الكمسري أو حتي الركاب ، بخلاف حالة تبلد المشاعر التي قضت على أسطورة جدعنة وشهامة ومروءة ولاد البلد التي أصبحت في خبر كان .
والنتيجة كما تابعنا جميعا ونحن نضرب كفاً بكف عن مدى ما وصلنا إليه من امتهان الكرامة وهو أن الروح .. المدهش أن وزير النقل الذي أصدر أوامره من قبل للكمسارية بعدم ترك "نملة" تركب دون أن تدفع ، هو بذاته الذي راح يقبل رأس أهل شهيد التذكرة ويعرض عليهم 100 ألف جنيه كتعويض عن روح ابنهم فبأي عقل أو دين تدار المسائل على هذا النحو من العبث والارتجال .
المؤسف أيضاً في هذه المآسي المتزامنة أنها وقعت مباشرة بعد كلمة معالي السيد رئيس الوزراء الذي أكد أن الدولة لن تترك فقيراً ، حتى أن البعض فسروها أن رئيس الوزراء كان يشير ربما إلى القضاء على الفقراء وليس مساعدتهم .
رسالة إلى الرئيس
فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي .. الغلابة يناشدونك النظر إليهم بعين الرعاية، ويطالبونك ألا تتركهم نهباً للحكومة تفعل بهم الأفاعيل .. فأحوالهم يا ريس أصبحت "تصعب على الكافر" ، فلا بد من تحرك سريع وفوري من كل مسئول في موقعه لإنصاف هؤلاء الصابرين الصامدين الصامتين قبل أن يأتي طوفان لا يبقي ولا يذر .. وربنا يستر