54 ألف جنيه للفدان، هل يهدد رفع إيجارات أراضي الأوقاف أسعار المحاصيل؟

أثار رفع إيجارات أراضي الأوقاف مخاوف واسعة بين المزارعين حول تداعياته على تكلفة الإنتاج الزراعي وأسعار المحاصيل في الأسواق، وسط تساؤلات حول مدى ارتباط زيادة الإيجار بالأسعار النهائية للمنتجات الزراعية، وتأثير ذلك على القدرة الشرائية للمستهلكين واستقرار السوق الغذائي المحلي.

تعديل الإيجارات لن يؤثر على أسعار المحاصيل

أكد الدكتور محمد شطّه، رئيس الإدارة المركزية لشؤون المديريات الزراعية بوزارة الزراعة، أن أي تعديل محتمل في القيم الإيجارية لأراضي الأوقاف لن ينعكس سلبًا على أسعار السلع الزراعية في الأسواق. 

وأوضح أن تسعير المنتجات يخضع لعوامل إنتاجية وتسويقية متعددة تشمل تكلفة المدخلات وأسعار النقل وحجم المعروض وآليات العرض والطلب، وليس الإيجار وحده.

معايير فنية واجتماعية دقيقة

وأضاف شطّه في تصريحات تلفزيونية، أن تحديد القيم الإيجارية للأراضي الزراعية يتم وفق معايير فنية واجتماعية دقيقة توازن بين حق الدولة والمزارع، مؤكدًا أن هذه القيم لا تصل إلى مستويات السوق الحر، وأن الدولة تراعي البعد الاجتماعي عند وضع الإيجارات. 

وأوضح أن القيم تختلف حسب نوع المحاصيل وجودة التربة ومياه الري والموقع الجغرافي، مشيرًا إلى أن بعض الأراضي المخصصة لزراعة الخضر والفراولة قد تصل قيمتها في السوق الحرة إلى 80 و90 و100 ألف جنيه للفدان في المناطق المتميزة.

وشدد شطّه على أن الدولة تأخذ في الاعتبار عند تحديد القيم الإيجارية للعقود الممتدة البعد الاجتماعي للمزارعين لضمان عدم تحميلهم أعباء غير مبررة.

الإيجارات لا تحدد أسعار المحاصيل

من جانبه، قال نقيب عام الفلاحين حسين أبوصدام، إن أسعار المحاصيل الزراعية تخضع للعرض والطلب حسب الموسم وتوافر المحصول، موضحًا أنها ليست مرتبطة بالقيمة الإيجارية للأراضي فقط.

وأكد أبوصدام في تصريحات لـ"تليجراف مصر" أن رفع إيجار الفدان من أراضي الأوقاف في بعض المناطق من 19 ألف إلى 54 ألف جنيه استند علي معلومات غير دقيقة وأثار غضب المزارعين، مؤكدًا أن الهدف من تأجير هذه الأراضي هو تخفيف الأعباء عن الفلاحين وليس زيادتها.

وأوضح أن مساواة إيجارات أراضي الأوقاف بأسعار الأراضي المجاورة غير عادلة، نظرًا لاستغلال بعض الملاك لحاجة الفلاحين ورفع الإيجار بشكل غير مبرر، بينما عمل مزارعو الأوقاف على استصلاح الأراضي ورفع خصوبتها على مدار سنوات طويلة، بخلاف المستأجرين الجدد للعقود السنوية فقط.

تزايد شكاوى الفلاحين 

وشدد على أن تخفيف الأعباء عن مزارعي الأوقاف لا يعني التفريط في حقوق الهيئة، بل يمثل الالتزام بالهدف الأساسي من تأجير هذه الأراضي، لافتًا إلى أن تزايد شكاوى الفلاحين بسبب ارتفاع القيمة الإيجارية يوضح التأثير السلبي للقرار على المصلحة العامة.

وطالب أبوصدام هيئة الأوقاف بإعادة النظر في القيم الإيجارية، بما يتوافق مع إمكانيات المزارعين وجودة الأراضي، مشيرًا إلى أن معظم أراضي الأوقاف قريبة من المناطق العمرانية وقليلة الخصوبة، وأن الحد المعقول للإيجار لا يجب أن يتجاوز 25 ألف جنيه للفدان.

صغار المزارعين بين الإيجار المرتفع وقدرتهم على التحمل

وقال النائب عادل زيدان، عضو لجنة الزراعة والري بمجلس الشيوخ، إن القرارات الأخيرة برفع القيمة الإيجارية لأراضي الأوقاف أدت إلى تضرر شريحة واسعة من صغار المستأجرين.

وأوضح أن هذه الزيادة فرضت أعباء كبيرة على صغار المزارعين، مطالبًا بضرورة مراعاة البعد الاجتماعي والاقتصادي لهم، خاصة في ظل ارتفاع أسعار مستلزمات الإنتاج الزراعي. 

وتابع: "لا يعقل أن يصل إيجار الفدان إلى نحو 45 ألف جنيه، وهو ما يمثل عبئًا يفوق قدرة صغار المزارعين على التحمل"، مشددًا على أهمية التوصل إلى حلول متوازنة تحمي مصالح الدولة وأموال الوقف دون تحميل الفلاحين أعباء إضافية.