في نهاية 2025، خسائر قناة السويس من الحرب وخطط تعويض الدولار
مع نهاية عام 2025، تقف قناة السويس عند مفترق طرق بين آثار أزمة لم تنتهِ بالكامل، وآمال تعافٍ مدعومة بإشارات إيجابية من الأسواق العالمية، بعدما تأثرت بشكل كبير بتداعيات الاضطرابات الجيوسياسية التي عصفت بالمنطقة خلال العامين الماضيين.
منذ اندلاع حرب غزة، وما تبعها من هجمات الحوثيين على السفن في البحر الأحمر، دخلت القناة واحدة من أصعب مراحلها، لتتحول من مصدر ثابت للعملة الصعبة إلى ساحة تتقاطع فيها السياسة بالأمن والاقتصاد، إلا أن إدارة الأزمة كشفت قدرة الدولة على التحرك السريع لتقليل الأضرار، والسعي لتعويض الفجوات الدولارية عبر مسارات متعددة.
ما حجم خسائر قناة السويس بسبب حرب غزة؟
وكشف وزير الخارجية بدر عبد العاطي، خلال زيارة رسمية إلى العاصمة الهندية نيودلهي، حجم الخسائر المباشرة التي لحقت بمصر نتيجة تراجع حركة الملاحة في قناة السويس، مؤكدًا أن البلاد تكبدت أكثر من 9 مليارات دولار منذ بدء الهجمات الحوثية على السفن في البحر الأحمر، إذ انعكست الخسائر بوضوح على مؤشرات النقد الأجنبي، حيث تمثل القناة أحد أهم مصادر الدولار للاقتصاد المصري.
وأشار عبد العاطي، إلى أن القناة كانت تستقبل قبل الأزمة ما لا يقل عن 75 سفينة يوميًا في الاتجاهين، بينما تراجع هذا العدد إلى ما بين 25 و50 سفينة كحد أقصى خلال ذروة التوترات، ما يعني انخفاضًا حادًا في رسوم العبور، وتراجعًا مباشرًا في الإيرادات الدولارية.
العبور من قناة السويس
من الانكماش إلى التعافي التدريجي
شهد النصف الأول من 2025 واحدة من أسوأ فترات الأداء في تاريخ قناة السويس الحديث، حيث انخفض عدد السفن العابرة بنحو 52%، فيما تراجعت الإيرادات الدولارية بنسبة قاربت 62% مقارنة بالفترة نفسها من العام السابق، ما دفع الحكومة إلى إعادة ترتيب أولوياتها، مع تكثيف التحركات الدبلوماسية والأمنية لاحتواء الأزمة.
ومع إعلان وقف إطلاق النار في غزة، وتراجع حدة الهجمات في البحر الأحمر، بدأت المؤشرات تتحسن تدريجيًا، ووفق بيانات هيئة قناة السويس، ارتفعت الإيرادات بنسبة 14.2% على أساس سنوي خلال الفترة من يوليو إلى أكتوبر 2025، بينما ارتفعت النسبة إلى 17.5% منذ بداية يوليو حتى مطلع ديسمبر، لتصل الإيرادات إلى نحو 1.97 مليار دولار، في إشارة أولية إلى عودة الثقة في الممر الملاحي.
طمأنة الأسواق
لعب الفريق أسامة ربيع، رئيس هيئة قناة السويس، دورًا محوريًا في طمأنة الأسواق وشركات الشحن العالمية، مؤكدًا في تصريحات متكررة أن القناة تشهد تحسنًا نسبيًا في معدلات الملاحة.
وأوضح أن شهر أكتوبر 2025 سجل مرور 229 سفينة، وهو أعلى رقم شهري منذ اندلاع الأزمة، كما شهدت الفترة من يوليو إلى أكتوبر مرور أكثر من 4400 سفينة بحمولات بلغت 185 مليون طن، مقارنة بـ167.6 مليون طن في الفترة المناظرة من العام السابق.
خسائر قناة السويس
وأكد ربيع، أن قمة السلام التي عقدت في شرم الشيخ مثلت نقطة تحول مهمة في عودة الاستقرار إلى منطقة البحر الأحمر، ما شجع عددًا من الخطوط الملاحية الكبرى على العودة التدريجية.
وكشف أن شركات مثل “CMA CGM” الفرنسية عادت بالفعل للعبور بسفن حاويات عملاقة، بينما بدأت شركات أخرى مثل “MSC” و“ميرسك” و“إيفرجرين” في دراسة توسيع نشاطها عبر القناة.
ميرسك تعود بحذر
شكل إعلان شركة ميرسك الدنماركية، إحدى أكبر شركات الشحن في العالم، عبور أول سفينة لها مضيق باب المندب باتجاه قناة السويس بعد توقف دام نحو عامين، علامة فارقة في مسار التعافي، ورغم أن الشركة أكدت أن العودة لا تزال في إطار تجريبي، إلا أن الخطوة حملت دلالات إيجابية بشأن استعادة الثقة تدريجيًا في أمن الملاحة بالبحر الأحمر.
وكانت ميرسك قد حولت مسار سفنها منذ يناير 2024 عبر رأس الرجاء الصالح، ما زاد من تكاليف الشحن العالمية، وألحق ضررًا مباشرًا بالقناة.
وعودة الشركة، حتى وإن كانت محدودة، اعتُبرت مؤشرًا مهمًا على أن مرحلة التعافي قد بدأت، لكنها لا تزال مشروطة باستقرار الأوضاع الأمنية على المدى المتوسط.
كيف عوضت الحكومة الفجوة الدولارية؟
في مواجهة تراجع إيرادات القناة، تحركت الحكومة المصرية على أكثر من محور لتعويض النقص في العملة الصعبة، وشملت التحركات تعزيز الصادرات غير البترولية، وتسريع برنامج الطروحات الحكومية، إلى جانب التوسع في جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة، خاصة في قطاعات النقل واللوجستيات والطاقة.
كما عولت الدولة على خطة طموحة لتحويل مصر إلى مركز عالمي للتجارة واللوجستيات، باستثمارات تتجاوز تريليوني دولار، وفق تصريحات وزير النقل كامل الوزير، عبر تطوير وتطهير 14 ميناءً على البحرين الأحمر والمتوسط، وإنشاء محطات حاويات قادرة على استقبال السفن العملاقة، بما يعزز تنافسية قناة السويس على المدى الطويل.
التفاؤل الحذر سيد الموقف
رأت الخبيرة الاقتصادية، سهر الدماطي، أن وقف الهجمات في البحر الأحمر يمثل خطوة حاسمة لعودة الملاحة، لكنها شددت على أن التعافي الكامل يتوقف أيضًا على عودة شركات التأمين العالمية لتغطية السفن العابرة، وهو عامل لا يقل أهمية عن العامل الأمني.
وتوقعت الدماطي، أن تعود إيرادات القناة تدريجيًا خلال العام المقبل، لتقترب من مستويات ما قبل الأزمة، بينما قد يستغرق التعافي الكامل وقتًا أطول.
من جانبه، قال الخبير الاقتصادي رشاد عبده، إن القناة بدأت بالفعل في جني ثمار الاستقرار النسبي، لكنه أكد أن استعادة الثقة تحتاج إلى فترة زمنية كافية لضمان عدم تكرار المخاطر.
وتوقع عبده، أن تتراوح إيرادات القناة بين 6 و7 مليارات دولار خلال عام 2026، على أن ترتفع إلى ما بين 9 و10 مليارات دولار بحلول 2027، شريطة استمرار الهدوء الجيوسياسي وعودة الشركات الكبرى بشكل كامل.


















العدد الجديد من جريدة الميدان «1027»
العدد الجديد من جريدة الميدان «1022»
غدًا العدد الجديد من «جريدة الميدان» في الأسواق
العدد الجديد من جريدة الميدان «983»
المستشار ربيعي حمدي والكاتب الصحفي محمود أبو السعود يهنئان الدكتور محمد عبد...
الكاتب الصحفي سيد دويدار ينعى والدة آل السيسي
الميدان تنعى ببالغ الحزن الحاج نور أبوسمرة المعداوي وتتقدم بخالص العزاء لأسرة...
الميدان ينعي ببالغ الحزن عائلتي مرجان وأبو غانم في وفاة والده الأستاذ...