د . عبير العربي تكتب : حين تخاف السنيما من رموزها...”الست” فيلم أنقذ الصورة وخنق الممثلة
في الأفلام التي تتناول الرموز الكبرى، لا يكون الخطر في الاقتراب من الأسطورة، بل في الخضوع لها، فيلم الست يقع في هذه المنطقة الرمادية، منطقة الاحترام الزائد الذي يتحول إلى خوف، والدقة التي تنقلب إلى قيد، فبدلًا من أن يكون الفيلم مساحة لكشف الإنسانة خلف الصوت، اختار أن يكون عرضًا بصريًا بالغ الانضباط، يقدّس الصورة أكثر مما يختبر المعنى، ويضع ممثلته الرئيسية داخل قالب جاهز، لا يسمح لها بأن تتنفس أو تُخطئ أو تُفاجئ.
منذ المشاهد الأولى، يفرض الفيلم على "منى زكي"، حضورًا محكومًا باعتبارات المكياج والملابس والتقارب البصري مع صورة أم كلثوم الأصلية، الكاميرا لا تبحث عن لحظة صدق، بل عن زاوية تشابه، هذا الحرص الأرشيفي المفرط، وإن بدا في ظاهره احترامًا للأسطورة، تحوّل عمليًا إلى عائق أمام التمثيل، حيث لم يُتح للممثلة أن تصنع الشخصية، بل طُلب منها أن تطابقها.
وأزمة الفيلم ليست في اختياره "منى زكي"، بل في الطريقة التي جرى التعامل بها معها، فالممثلة التي أثبتت عبر مسيرتها قدرتها على الاشتباك العاطفي العميق، جرى اختزالها هنا في مشروع إعادة إنتاج بصري، بمعنى أنها لم تُمنح مساحات للانفعال الحر، ولا للارتباك الإنساني، ولا حتى الصمت المُعبّر ، كل تفصيلة، من حركة اليد إلى نبرة الصوت، كانت محكومة بهاجس"هل تُشبه أم كلثوم"؟
" حين تختار السنيما الأمان"٠
اختار "الست" أن يكون فيلم احتفاء لا فيلم مساءلة، غابت الصراعات الداخلية، وتوارى الثمن النفسي للنجومية، وغُيّبت الوحدة التي غالبًا ما ترافق القمم العالية،بدا الفيلم وكأنه يخشى الاقتراب من المناطق الرمادية في حياة الست، تلك التي لا تُسيء إلى الأسطورة، بل تمنحها عمقًا إنسانيًا، وبهذا، ظلّت أم كلثوم الرمز حاضرة، بينما غابت أم كلثوم الإنسانة.
"بين الوثيقة والدراما".
على مستوى الصورة، قدّم الفيلم عملًا أنيقًا شديد العناية بالتفاصيل التاريخية والديكور والملابس، لكنه في المقابل، اقترب كثيرًا من كونه وثيقة بصرية مبهرة، أكثر منه عملًا سينمائيًا نابضًا، فالجمال هنا لم يُترجم دائمًا إلى توتر درامي، والدقة لم تتحول إلى لحظات كشف، بل بقيت إطارًا مغلقًا على ذاته.
اقرأ أيضاً
«روتردام السينمائي» يحتفي بمروان حامد ويعرض «الست» وجميع أفلامه
المؤلفة الموسيقية سعاد بشناق تبدأ انطلاقتها في السينما المصرية بفيلم رحلة 404
أول تعليق من منى زكي بعد حبس يوتيوبر أساء إليها
صعيدي وفرعون وعودة للتعاون مع منى زكي.. خريطة أفلام كريم عبد العزيز المستقبلية
أزمة الحاجة صيصة مع صانعي مسلسل منى زكي الجديد.. طلبت تعويض مليون جنيه
لبلبة: منى زكي فنانة لن تتكرر مثل عبد الحليم وأم كلثوم
الشركة المنتجة لفيلم ”القاهرة مكة” تعلن تأجيل عرضه بالسينمات
5 أفلام تتنظر عرضها في دور العرض السينمائية منها الباب الأخضر
منى زكى من مهرجان كان: استمتعت بالمشاركة ولقاء صانعى الأفلام
منى زكي تتألق على السجادة الحمراء فى مهرجان كان السينمائى..صور
دينا الشربيني: ”لا أفكر في ارتداء الحجاب والموضوع بين الشخص وربنا”
منى زكي : الضغط يجعلك تعتقد بوجوب حدوث كل شيء الآن
"الحرية والخوف من الغضب الجماهيري ".
يطرح "الست "سؤالًا أبعد من أم كلثوم نفسها، هل تملك السينما العربية الشجاعة لتفكيك رموزها، أم أنها لا تزال أسيرة فكرة التقديس؟ وهل يمكن تقديم سيرة ذاتية لأسطورة دون التضحية بالبعد الإنساني خوفًا من الغضب الجماهيري؟ في هذا السياق، تبدو تجربة "منى زكي" مثالًا صارخًا على ممثلة كان يمكن أن تُدهش، لو أُتيح لها أن تتحرر من عبء التشابه.
"الخاتمة".
الست فيلم محترم، متقن، ومشغول بعناية، لكنه شديد الحذر، أنقذ الصورة، لكنه قيّد الأداء، احترم الأسطورة، لكنه لم يجرؤ على مساءلتها، وبين مكياج دقيق وملابس مُتقنة وتشابه بصري مُطارد، ضاعت فرصة حقيقية لأن نرى "منى زكي" تتألق بوصفها فنانة، لا مجرد وسيط بصري.
ويبقى السؤال معلقًا، متى نمتلك الشجاعة لنروي سيرة الأسطورةلا صورتها فقط؟



















العدد الجديد من جريدة الميدان «1027»
العدد الجديد من جريدة الميدان «1022»
غدًا العدد الجديد من «جريدة الميدان» في الأسواق
العدد الجديد من جريدة الميدان «983»
الكاتب الصحفي سيد دويدار ينعى والدة آل السيسي
الميدان تنعى ببالغ الحزن الحاج نور أبوسمرة المعداوي وتتقدم بخالص العزاء لأسرة...
الميدان ينعي ببالغ الحزن عائلتي مرجان وأبو غانم في وفاة والده الأستاذ...
بالتفاصيل...طعن على الانتخابات البرلمانيه ٢٠٢٥ امام المحكمه الادارية العليا