د . عبير العربي تكتب : لمن أكتب المقال؟ ولماذا ”فيبي فوزي مهمة ”
- حين تصنع المرأة تجربة سياسية تتجاوز التوقعات.
أكتب هذا المقال لكل من يتساءل كيف يمكن لتجربة سياسية واحدة أن تُغيّر الصورة التقليدية عن العمل العام، وكيف لامرأة لم تأتِ من قلب الأحزاب أن تترك أثرًا أعمق من كثيرين شغلوا السياسة لعقود، أكتبه للمرأة المصرية التي تبحث عن نموذج يشبهها، وللقارئ الذي يريد أن يرى السياسة من منظور الكفاءة لا من منظور الأصوات المرتفعة.
أما لماذا فيبي فوزي تحديدًا؟ فلأنها قدّمت خلال سنوات قليلة ما يكفي لتثبت أن الحضور الحقيقي لا يحتاج إلى تاريخ سياسي طويل، بل يحتاج إلى شخصية تمتلك وضوحًا، وثقافة، ومسؤولية، وقدرة على أداء الدور العام بجدية واحترام، لأنها امرأة مصرية قبطية وصلت إلى منصب وكيلة مجلس الشيوخ دون ضجيج، وقدّمت تجربة هادئة لكنها عميقة، تعتمد على القيمة لا على المعارك الكلامية، ولأنها ببساطة أثبتت أن تمكين المرأة ليس شعارًا، بل فعلًا يحدث حين تجد الدولة من تستحق الفرصة.
لذا في لحظة مهمّة من تاريخ العمل البرلماني في مصر، برز اسم فيبي فوزي جرجس باعتبارها واحدة من التجارب الأكثر تميّزًا داخل مجلس الشيوخ، لم تأتِ من قلب الأحزاب التقليدية، ولم تُنشئها الكواليس السياسية، بل جاءت من عالم الإعلام والعمل العام، محمّلة بحضور هادئ، وخطاب رصين، وثقافة واسعة، ورغبة حقيقية في تمثيل المرأة المصرية بصدق وأصالة، كانت تجربتها دليلًا واضحًا على أن السياسة لم تعد حكرًا على أبناء المؤسسات الحزبية، وأن وجود الكفاءات القادمة من المجتمع المدني والإعلام قادر على إحداث فارق حقيقي.
انتقال فيبي فوزي من الإعلام إلى مقعد في مجلس الشيوخ لم يكن انتقالًا عابرًا، بل امتدادًا طبيعيًا لرسالة بدأت أمام الكاميرا واستكملتها تحت القبة، فهي لم تدخل السياسة لتضيف لقبًا جديدًا، بل لتمنح العمل العام قيمة إضافية، امتلكت لغة خطاب مؤثرة، وحضورًا يحترمه الجميع، وقدرة على الاستماع والحوار، وهذا ما جعلها نموذجًا استثنائيًا في العمل البرلماني.
ومع انتخابها وكيلة لمجلس الشيوخ، لم يكن الأمر مجرد فوز بمنصب، بل انتصار لمبدأ أعمق، المرأة المصرية قادرة على قيادة مواقع صنع القرار، وقادرة على أن تصبح صوتًا حقيقيًا داخل مؤسسة تشريعية مرموقة، الدولة الرشيدة عندما تراهن على الكفاءة، تحصد نتائجها، وقد أثبتت فيبي فوزي أن اختيارها لهذا الموقع كان اختيارًا صائبًا، فهي لم تؤدِّ دور الوكيل من باب التمثيل الرمزي، بل من باب الأداء الفعلي، متابعة، مناقشة، مساهمة في ملفات تمسّ المرأة، والتنمية، والتعليم، والصحة، والمجتمع ككل، كانت خبرتها الإعلامية سندًا لها، وصوتها الهادئ أداة فاعلة في الحوار البرلماني.
ولم يكن تميّزها نابعًا من كونها امرأة فقط، بل من كونها امرأة وصلت إلى واحد من أهم المناصب القيادية داخل مجلس الشيوخ، هذا التمثيل يقدّم صورة مصر الحقيقية، مصر التي تحتضن أبناءها بلا تفرقة، ويؤكد أن الانتماء لا يحدد قيمة الفرد بقدر ما تحددها قدرته وكفاءته، وجودها في هذا المنصب كان ترجمة عملية لفكرة المواطنة، ورسالة بأن العمل العام يتّسع للجميع.
وبعد انتخابات مجلس الشيوخ الأخيرة، ومع ظهور وجوه كثيرة خرجت من قوائم انتخابية تفتقر للخبرة السياسية أو الحضور المجتمعي، عاد الحديث مجددًا عن معنى التمثيل الحقيقي، هنا تحديدًا تتجلى أهمية تجربة فيبي فوزي، فهي تذكّرنا بأن البرلمان ليس مجرد مقاعد تُملأ، بل هو مساحة تحتاج لمن يستطيع الحوار والعمل التشريعي، وليس لمن يصل فقط عبر قوائم جاهزة، تجربة فيبي فوزي أكدت أن الدولة حين تراهن على أشخاص يمتلكون المهارة والمعرفة والصدق، فإنها تربح رهانها، وتربح معها المرأة المصرية نموذجًا تستحق أن تُحتذى به.
لقد صنعت فيبي فوزي تجربة سياسية مختلفة، تجربة تقول إن المرأة حين تتقدم تصنع فرقًا، وحين تُمنح الفرصة تظهر قيمتها، وحين تُصغي لها الدولة يكتمل المشهد الديمقراطي، هي نموذج لامرأة مصرية خرجت من قلب المجتمع، لا تحتاج إلى ضجيج، ولا تسعى إلى أضواء، لكنها تحمل قيمة صادقة، وهذه القيمة وحدها كانت كافية لتكتب تجربتها في صفحات مجلس الشيوخ بأحرف تستحق أن تُقرأ، وأرى أن هذه التجربة ستكمل خطاها وأن الدولة المصرية ستعيد إنتاجها مرة أخرى فمثل هذا الوجه نحتاجه كواجهة مستدامة لوطن يعي قيمة لمن قيمة لهم.




















العدد الجديد من جريدة الميدان «1027»
العدد الجديد من جريدة الميدان «1022»
غدًا العدد الجديد من «جريدة الميدان» في الأسواق
العدد الجديد من جريدة الميدان «983»
الميدان تنعى ببالغ الحزن الحاج نور أبوسمرة المعداوي وتتقدم بخالص العزاء لأسرة...
الميدان ينعي ببالغ الحزن عائلتي مرجان وأبو غانم في وفاة والده الأستاذ...
بالتفاصيل...طعن على الانتخابات البرلمانيه ٢٠٢٥ امام المحكمه الادارية العليا
الميدان تهنئ أفراح عائلات المعداوى والسماديسى بحفل خطوبة الدكتور حسن والأستاذة أريج