سيدات الاعمال اليمنيات. . من المشاركة الى التمكين

في زمن تتغير فيه معادلات القوة الاقتصادية، وتتحول فيه الفرص إلى من يملك الإرادة والرؤية، تبرز تجارب عربية ملهمة تقودها نساء أثبتن أن التمكين لا يُمنح بل يُنتزع بالعمل والمثابرة. من بين هذه التجارب، تبرز مشاركة مجلس سيدات الأعمال اليمنيات في قمة الاستثمار العربي الإفريقي والتعاون الدولي، التي نظمها اتحاد المستثمرات العرب برئاسة الدكتورة هدى يسي، كأحد النماذج التي تستحق التوقف والتحليل.

حضور اقتصادي بنكهة يمنية

لم تكن المشاركة اليمنية في القمة شكلية أو رمزية، بل جاءت حضورًا فعّالًا ومثمرًا، تُوّج بعقد اتفاقيات جديدة لفتح أسواق عربية وإفريقية. وكما تقول الدكتورة رائدة حسين الذبحاني، ممثلة المجلس:

“فخورون بأن نشارك بجناح خاص يعبّر عن هوية المرأة اليمنية، وبأن نُسهم في مدّ جسور التعاون بين سيدات الأعمال العربيات والإفريقيات.”

هذه الكلمات لم تكن مجرد تصريح صحفي، بل تعكس فلسفة اقتصادية ناضجة، ترى في التكامل العربي والإقليمي الطريق الأضمن لتحقيق نمو حقيقي ومستدام.

من الاستيراد إلى الإنتاج المحلي

اللافت في التجربة اليمنية أن الجناح المشارك لم يعتمد على المنتجات الجاهزة أو المستوردة، بل عرض منتجات يدوية وعطورًا وإكسسوارات وبخورًا تم تصنيعها بالكامل داخل مصر من خلال ورشة متخصصة، باستخدام خامات وأيدٍ عاملة مصرية.

هذه الخطوة، كما تشير الذبحاني، جاءت بهدف خفض التكاليف وزيادة القدرة التنافسية، لكنها في جوهرها تمثل تحولًا نوعيًا في التفكير الاستثماري النسائي العربي — من الاستهلاك إلى الإنتاج، ومن التبعية إلى الشراكة.

> “بدلًا من تصنيع منتجاتنا في الخارج ونقلها إلى مصر، قررنا أن نصنعها هنا بأيدٍ مصرية، لتكون ثمرة تعاون حقيقي بين بلدين عربيين شقيقين.”

تدريب وتمكين... وليس مجرد مشاركة

يتجاوز دور المجلس فكرة المشاركة في المعارض إلى تأسيس منظومة مستدامة لتدريب وتمكين النساء.
تقول الذبحاني: “نحرص على تنظيم دورات تدريبية لتأهيل العاملات على أحدث أساليب الإنتاج اليدوي والتصميم، بما يواكب متطلبات العصر ويرضي العملاء.”

هذه الرؤية تعكس إيمانًا عميقًا بأن الاستثمار في المرأة هو استثمار في التنمية ذاتها، وأن تمكينها يبدأ من إتاحة الأدوات المعرفية والمهارية التي تجعلها قادرة على المنافسة لا على التبعية.

من القاهرة إلى المحافظات... انطلاقة عربية

لم تتوقف التجربة اليمنية عند حدود العاصمة، بل تخطط سيدات الأعمال اليمنيات للمشاركة في معارض قادمة بمحافظات الإسماعيلية والمنصورة، في خطوة تُترجم السعي نحو الانتشار والتواصل المباشر مع الأسواق المحلية، وبناء جسور تعاون عربي من القاعدة إلى القمة.

رسالة عربية تحمل توقيع المرأة

ما قدمته رائدة الذبحاني وزميلاتها في القمة ليس مجرد نشاط اقتصادي، بل رسالة عربية تحمل توقيع المرأة: أن التنمية لا يمكن أن تكتمل دون مشاركة نسائية حقيقية، وأن المرأة قادرة — إذا أُتيحت لها الفرصة — أن تكون قائدة اقتصاد ومبتكرة فكرة وصانعة تغيير.

إنها تجربة تؤكد أن الطريق نحو المستقبل العربي يبدأ من تكامل الجهود النسائية، ومن رؤية تعتبر كل مشاركة اقتصادية خطوة في بناء كيان عربي متكامل، تتقاطع فيه الهوية والإنتاج والتمكين.