الذكاء الاصطناعي وذكاء القرار... حين يصبح المستقبل عربيًا

لم يعد الذكاء الاصطناعي مجرد ترفٍ تقني أو عنوانًا لقصص الخيال العلمي، بل تحوّل اليوم إلى محرّك رئيسي لصنع القرار في المؤسسات والحكومات، وأداة لإعادة تعريف معنى الكفاءة والإنتاجية في العالم الحديث.

ومن يتابع فعاليات معرض GITEX Global 2025 بدبي، يدرك أن المنطقة العربية لم تعد متفرجة على مشهد الذكاء الاصطناعي العالمي، بل باتت مشاركة فاعلة وصانعة للتوجهات المستقبلية.

من بين النماذج اللافتة في هذا السياق، برزت شركة Diamond Professional Consultants، التي لم تكتفِ بعرض تقنيات ذكية، بل قدّمت خلال مشاركتها في المعرض رؤية متكاملة حول “ذكاء القرار”، وهي المرحلة الأعمق من تطبيقات الذكاء الاصطناعي، حين تتحول البيانات إلى قرارات استراتيجية فورية تخدم النمو والاستدامة.

الرئيس التنفيذي للشركة، المهندس حاتم القاضي، عبّر عن رؤية لافتة حين قال إن المستقبل ينتمي لمن ينجح في الجمع بين الإنسان والتكنولوجيا في منظومة واحدة. وهي رؤية تحمل جوهر التحول القادم: الذكاء الاصطناعي ليس بديلاً للعقل البشري، بل امتدادًا لقدراته.

اللافت أن المنصة التي أطلقتها الشركة، ZAKAA، تعد أول منصة عربية للذكاء الاصطناعي لدعم اتخاذ القرار. وهي خطوة تتجاوز فكرة البرمجيات إلى ترسيخ حضور اللغة العربية في قلب الابتكار العالمي، وتمكين القادة من إدارة مؤسساتهم وتحليل مؤشراتهم التشغيلية والاستراتيجية بلغتهم الأم.

إن ما تقدمه Diamond من حلول ومنصات، لا يقتصر على التكنولوجيا بحد ذاتها، بل يفتح الباب أمام جيل جديد من “المستشارين الروبوتيين” القادرين على تقديم التحليلات والتوصيات فورًا استنادًا إلى بيانات ضخمة ومتغيرة، وهو ما سيحدث نقلة نوعية في طريقة اتخاذ القرار داخل المؤسسات الحكومية والخاصة على حد سواء.

تجربة الشركة في GITEX كشفت أن الذكاء الاصطناعي العربي لم يعد فكرة مستقبلية، بل واقعًا قابلًا للتطبيق، وأن المنطقة تمتلك من العقول والشركات ما يجعلها شريكًا أصيلًا في رسم خريطة التحول الرقمي العالمي.

ولعل الدرس الأهم من هذه المشاركة أن الابتكار لا يولد في وادي السيليكون وحده، بل يمكن أن ينبع من القاهرة أو الرياض أو دبي إذا وُجدت الرؤية والإصرار.

إن ما بعد GITEX ليس نهاية حدث، بل بداية فصل جديد من التحول الذكي في عالمنا العربي... فصل عنوانه: الإنسان أولاً، والذكاء شريكه الأقرب في صناعة الغد.