خالد مصطفى يكتب: الوهم الأمريكي الحالم برئاسة قطاع غزة.. الأرض ليست للتهجير ولا للاستعمار

منذ عقود تتعامل الولايات المتحدة مع القضية الفلسطينية بعقلية الوصيّ على الأرض والشعب محاولة فرض حلول سياسية واقتصادية تُبقي الفلسطينيين أسرى الجوع والحصار والتبعية لا أصحاب أرض وسيادة واليوم يظهر الوهم الأمريكي من جديد متجسداً في مشاريع تتحدث عن إدارة قطاع غزة وكأنها ولاية شاغرة أو مقاطعة تنتظر من يرثها
فأمريكا تحلم وإسرائيل توهم نفسها بأن غزة يمكن أن تكون ولاية أمريكية أو مستعمرة إسرائيلية بوجه جديد فهم يحاولون أن يصوّروا القطاع وكأنه ملف إنساني أو عبء يجب التخلّص منه يخططون للتهجير يطرحون مشاريع إدارة خارجية يفتحون أبواب المؤتمرات وصفقات المال ويتجاهلون حقيقة واحدة ثابتة وهى ان أمريكا تحلم وإسرائيل تتوهم اقتلاعها لكن غزة ليست ولاية تدار من الخارج وليست سجناً يقبل بالقيود غزة وطن يحرسه الدم وذاكرة تحمل وصايا الشهداء الأرض لنا والقرار لنا والمستقبل لنا لكن الحقيقة التي يتناساها الساسة في واشنطن وتل أبيب أن غزة ليست رقعة معزولة من الخرائط يمكن إعادة رسمها على طاولة المفاوضات غزة هي جزء أصيل من فلسطين ترويها دماء الشهداء وصمود الأجيال وهي عنوان المقاومة التي كسرت أوهام الجيش الذي
لا يُقهر وفضحت زيف مشاريع الاستسلام إن الحديث عن تهجير أهل غزة سواء إلى سيناء أو إلى المنافي البعيدة ليس سوى إعادة إنتاج لمشروع النكبة ولكن بوجه جديد غير أن الشعب الفلسطيني الذي تشبث بأرضه رغم المجازر والحصار لن يقبل أن يُقتلع من جذوره مرة أخرى فالأرض ليست سلعة في مزاد سياسي ولا ورقة في صفقات استعمارية عابرة
إن ما تريده أمريكا وإسرائيل من غزة هو تحويلها إلى سجن أكبر أو محمية بشرية محاصرة بينما يستمر التوسع الاستيطاني في الضفة والقدس لكن غزة برغم جراحها تظل شوكة في حلق هذا المشروع وصوتها يعلو فالأرض ليست للتهجير ولا للإستعمار ولا للوصاية الأجنبية فمن يراهن على كسر إرادة غزة إنما يطارد وهماً أكبر من قدرته على الإمساك به والتاريخ يثبت أن الشعوب التي تتمسك بحقها مهما طال الزمن تنتصر على كل إمبراطورية منذ النكبة حتى اليوم أرادوا اقتلاع الفلسطيني من أرضه لكن الدم أثبت انه أقوى من الجدار والذاكرة أرسخ من النفي والإرادة أصلب من الحصار كل حرب شنوها على غزة كانت لتكسير الروح لكنها في كل مرة خرجت أشد صلابة وأعلى صوتاً وأكثر تمسكاً بحقها فالوهم الأمريكي لن يجد مكاناً له في غزة لأنها ليست رقماً في دفاتر البيت الأبيض.
ولا رقعة جغرافية يعاد رسمها على خرائط الجنرالات غزة باقية لأنها تختصر فلسطين كلها جرحها وصمودها موتها وحياتها حكايتها التي تقول للعالم غزة ليست ورقة في صفقات الاستعمار غزة قلب فلسطين النابض وصرخة الأرض في وجه الطغيان فكل حرب أرادوها كسراً لروحها صارت ناراً تصهر المستحيل وتُعيد بناء اليقين وكل حصار فرضوه صار مدرسة في الصبر وصوتاً يهتف للعالم لن نُهَجر ولن نستسلم لن نبيع الأرض فالوهم الأمريكي سينهار أمام حقيقة واحدة وهى أن غزة ليست ملفاً إنسانياً ولا مشروعاً سياسياً إنها هوية وكرامة وبوابة حرية لكل فلسطين فلتسمعها واشنطن وتل أبيب جيداً من يحلم بإزاحة غزة كمن يحاول إطفاء الشمس بيديه ومن يراهن على اقتلاع الشعب فهو يزرع بذور هزيمته بيديه فمن يراهن على التهجير يراهن على المستحيل ومن يحلم ببيع الأرض سيصحوا على صوت الشعب الذي يهتف هذه الأرض لنا وستبقى غزة أرض فلسطينية وليست مساحة شاغرة تُدار من وراء البحار غزة ليست للتهجير ولا للاستعمار ولا للوصاية الأجنبية غزة ستبقى أرض المقاومة ارض الكرامة وأرض فلسطين الأبدية