خالد مصطفى: يكتب حرب الأفيون

قبل 200 سنة كانت بريطانيا قوة عظمى ولا تغيب عنها الشمس وبالرغم من ذلك فشلت في احتلال الصين و السيطرة عليها لانها كانت نظام ملكي قديم كان يسمى ( بالإمبراطورية ) ومقاومة سكانها كانت كبيرة لعدم اقحام الثقافة الاجنبية عليهم والمخاطر في التعامل معهم اكبر وحسب كتب التاريخ فقد استخدمت بريطانيا مخدر الأفيون وادمانه كسلاح للسيطرة على الشعب و الاقتصاد والحكومات الصينية المتعاقبة لفترة 100 سنة تقريبا وسميت بحروب الافيون و أُجبرت الصين اثناء تلك الفترة على إبرام معاهدات (غير عادلة) وعانت من فقدان الأراضي والسيطرة الأجنبية على تجارتها واضعاف الاستقرار الداخلي كذلك قدمت هونغ كونغ وخمسة موانئ لبريطانيا ودفعت 21 مليون دولار كتعويض وفي معاهدة تيانجين (١٨٥٨) تم تشريع تجارة الأفيون رسمياً فانتشر ادمانه بين الصينيين وفتحت المزيد من الموانئ وقدمت المزيد من التنازلات في شنغهاي وتيانجين وتراجع النشاط التجاري والصناعي وتقلصت المقاومة الشعبية بسبب ادمان الملايين وخسرت الدولة الصينية كميات هائلة من عملتها من الفضة وارتفعت الاسعار و بالتالي ازدادت الاضطرابات الاجتماعية مثل ثورة تايبينغ إحدى أعنف الحروب الأهلية في التاريخ ورغم ذلك لم تُجبر (حروب الأفيون) الصين على قبول المخدرات والادمان فحسب بل أضعفت الثقة والدعم الشعبي للامبراطور من سلالة تشينغ بسبب انشغاله وعائلته في تنمية ثرواتهم الخاصة واهمال مقاومة حروب الافيون التي دمرت الصين مما تسبب في فتح الصين أبوابها للاستغلال الأجنبي وتسببت في الانهيار الاجتماعي واستمرت قرنا تحت الهيمنة الأجنبية وبالنسبة للصين الحديثة تُذكر هذه الحروب باعتبارها اللحظة التي تخلفت فيها الأمة الصينية وتعرّف بالمئة عام السوداء
لذا يتم التذكير بها دائما في كتب التاريخ و المناسبات الوطنية من أجل التحذير من تكرار الاحتلال و الاستغلال الاجنبي للوطن عن طريق نشر المخدرات بجميع انواعها القديمة والجديدة التقليدية والالكترونية وفي فترة السبعينات والثمانينات نفذت وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية (CIA) عمليات سرية واسعة النطاق ضد بعض الحكومات في أمريكا الوسطى وكان الهدف من ذلك منع انتشار النفوذ السوفيتي في تلك المنطقة حيث دعمت المخابرات الاميركية ميليشيات مثل الكونترا في نيكاراغوا التي كانت تقاتل ضد الحكومة الماركسية وبعض الميليشيات في السلفادور وغواتيمالا وارتبطت ايضا بفضيحة (إيران-كونترا) وتضمنت دعما سريا لتلك الميليشيات للاطاحة بالحكومات المدنية عن طريق تمويلها باموال تجارة المخدرات ضد الحكومات الصديقة للاتحاد السوفييتي وهناك بعض الدول المجاورة و التي فشلت في السيطرة على عواصم الخليج بطريقة عسكرية او مذهبية تعلمت الدرس و تحاول ان تستخدم نفس الاسلوب سلاح المخدرات الذي استخدمته بريطانيا ضد الصين لاخضاعها و قد سعت الولايات المتحدة ايضاً لتمويل الميليشيات ضد حكومات دول امريكا الوسطى وتستخدمة حاليا ايران لتمويل اعمالها الارهابية في منطقة الخليج وسوريا ولبنان والهدف من ذلك ان تكون شعوب المنطقة وانظمتها مرهونه لتبعيتها لذلك تكتشف الاجهزة الامنية والجمارك الخليجية يوميا كميات هائلة من المخدرات تدخل عن طريق شمال وجنوب الخليج وايضاً من جهة الشرق والغرب عن طريق البر و البحر والجو من خلال تهريبها عن طريق فواكة وخضروات واطعمه أو داخل معدات وأجهزه او (ادوات عجيبه وغريبة ومبتكرة) ويقومون ببيع هذه السموم باسعار رخيصة لان ليس هدفهم المال والربح المادي وانما هدفهم الحقيقي ادمان الاجيال الجديدة باسرع واسهل الطرق من اجل القضاء على مستقبل الوطن العربى فالمسألة ليست عصابات و تهريب المخدرات ولكن المسألة تخطيط دول واستخبارات هدفها الرئيسي هو احتلال الاوطان بطرق غير عسكرية عن طريق إضعاف الشعوب وإفساد شبابها بحيث لا يتبقى لديهم طاقة او قوة للمقاومة وبالتالي يسهل اخضاعهم و السيطرة عليهم و اجبارهم على تقديم تنازلات وتسريب اسرار ومعلومات لذا حربنا على المخدرات مثل حربنا على من يحاول العبث بامننا و حدودنا وتخريب اقتصادنا وتدمير فلذات اكبادنا فمثلما لدينا جيش واسلحة دفاعية، متطورة لحماية وطننا لدينا اليوم جهاز جديد لمكافحة المخدرات مدعم بأعلى مستوى تقني و امني لانه لا فرق بين الجاسوس و مروج المخدرات الاثنان خونه والاثنان يدمران الاوطان والاثنان يستحقان اقسى العقوبة