استقرار المتوسط يبدأ من القاهرة.. قراءة في الموقف الفرنسي من القضايا المصرية
بقلم_طه المكاوى
استقرار المتوسط يبدأ من القاهرة.. قراءة في الموقف الفرنسي من القضايا المصرية
✍️ بقلم: طه المكاوي
لم تعد القضايا المصرية مجرد ملفات تخص دولة محورية في المنطقة، بل أصبحت مرآة تعكس مستقبل الاستقرار في الشرق الأوسط والمتوسط وأوروبا معًا. ومن هنا، تكتسب تصريحات الدكتورة عقيلة دبيشي، مدير المركز الفرنسي للدراسات، أهمية خاصة، إذ وضعت النقاط على الحروف بشأن سد النهضة والقضية الفلسطينية، مؤكدة أن استقرار المتوسط يبدأ من ضمان حقوق مصر المائية، ومن الاعتراف بدورها الحاسم في منع أي مشاريع تهجير للفلسطينيين.
المياه.. قضية وجود لا تقبل المساومة
قضية سد النهضة لم تعد شأناً محلياً يخص مصر وحدها. ما يواجهه أكثر من مئة مليون مصري من تهديد لأمنهم المائي هو تحدٍ مباشر لبقاء الدولة واستقرارها، وأي اهتزاز في استقرار مصر سينعكس حتمًا على ضفتي المتوسط.
فرنسا – كما تقول دبيشي – قادرة على توظيف ثقلها داخل الاتحاد الأوروبي ومجلس الأمن لدعم الموقف المصري. والسؤال هنا: هل تدرك باريس أن دعم مصر في هذه اللحظة الحاسمة ليس خيارًا دبلوماسيًا، بل ضرورة استراتيجية لأمنها القومي الأوروبي؟
غزة.. إسقاط مشروع التهجير
أما في الملف الفلسطيني، فإن موقف مصر الحاسم برفض تهجير الفلسطينيين من غزة، مثّل صخرة تحطمت عليها أطماع ومشاريع تتجاوز حدود فلسطين نفسها.
إن إصرار القاهرة على هذا المبدأ لا ينطلق من بعد إنساني فقط، بل من إدراك استراتيجي أن تهجير الفلسطينيين يعني تفجير المنطقة بأسرها.
ومن هنا، يصبح على فرنسا أن تخرج من دائرة الصمت، وأن تعلن موقفًا واضحًا لا لبس فيه بدعم الدور المصري، لا سيما أن أي انزلاق أمني في غزة سيطرق أبواب أوروبا أولاً قبل غيرها.
الاتهامات الإسرائيلية.. اختبار لباريس
تصريحات نتنياهو التي اتهم فيها مصر بعرقلة خروج الفلسطينيين عبر المعابر ليست سوى محاولة للهروب من المأزق الداخلي الإسرائيلي. لكن الخطر يكمن في أن صمت باريس أو تردّدها قد يُفهم كإقرار ضمني، وهو ما يهدد صورتها ومصداقيتها في المنطقة.
إن اختبار الموقف الفرنسي اليوم لا يكمن في الكلمات، بل في الأفعال: هل ستقف باريس بوضوح إلى جانب مصر أم تكتفي بالحياد الرمادي الذي لا يخدم أحدًا؟
رؤية مستقبلية
الحقيقة التي لا يمكن تجاهلها أن مفتاح استقرار المتوسط يبدأ من القاهرة. فمن دون ضمان الأمن المائي لمصر، ومن دون الاعتراف بدورها المركزي في إدارة ملفات المنطقة، ستظل أوروبا تدور في حلقة مفرغة من الأزمات.
وعليه، فإن فرنسا – إذا أرادت أن تبقى لاعبًا أساسيًا في المتوسط – عليها أن تتجاوز البيانات الدبلوماسية إلى خطوات عملية تضع ثقلها خلف مصر، سواء في ملف سد النهضة أو القضية الفلسطينية.
فاستقرار مصر لم يعد مصلحة مصرية فقط.. بل أصبح شرطًا لبقاء المتوسط آمنًا، وأوروبا مستقرة.
والخلاصة
إن الرسالة الأوضح لفرنسا والاتحاد الأوروبي اليوم هي: من يريد استقرار المتوسط، عليه أن يبدأ بدعم مصر بوضوح وبلا تردد.