خالد مصطفى يكتب: إنكار الذات

إنكار الذات والتضحية من أجل الآخرين من أسمى القيم الإنسانية التي لا يتصف بها إلا أصحاب القلوب النقية والنفوس الكبيرة فمن ينكر ذاته لا يسعى للشهرة أو المجد الشخصي بل يعمل بصمت في سبيل سعادة غيره ويقدم احتياجات الآخرين على رغباته ويسعى لراحة من حوله حتى لو كان ذلك على حساب راحته التضحية الحقيقية لا تقاس بالكلمات بل بالمواقف كالأم التي تسهر على راحة أبنائها والصديق الذي يتحمل من أجل صديقه والجندي الذي يفتدي وطنه بروحه والإنسان الذي يعفو رغم قدرته على العقاب إنكار الذات لا يعني الضعف بل هو قمة القوة الأخلاقية والنضج النفسي ويعبر عن قدرة الإنسان على تجاوز أنانيته من أجل من يحب لكن لا بد من التوازن فالتضحية الحقيقية لا تكون على حساب الكرامة أو في موضع استغلال بل في مواطن الوفاء والمحبة والحق فإن إنكار الذات والتضحية من أجل الآخرين ليست مجرد صفات بل هي طهارة الروح في أنبل صورها هو ذاك الإنسان الذي يختفي كي يبرز غيره ويصمت لينصت العالم لمن يحب ويؤخر حاجاته لتُقضى حاجات غيره لا يدون اسمه على الإنجاز
ولا يبحث عن التصفيق في نهاية الطريق يكفيه أن يرى الابتسامة على وجه من ساعده وأن يشعر أن وجوده كان سبباً في شفاء أو سكينة
أو حياة إنكار الذات ليس ضعفاً كما يظنه البعض بل هو رفعة لا يبلغها إلا النبلاء كالأم التي تفني شبابها من أجل أبنائها والأب الذي يعمل بصمت ويعود مثقلاً ليسعد أسرته والمعلم الذي يزرع العقول ولا ينتظر جزاء وهو الطبيب الذي يسهر على مرضاه أكثر مما يسهر على أهله هو الصديق الذي ينسى آلامه ليسندك هو كل من قدم ولم يُشر إلى ما قدم من تضحية فالتضحية لا تقاس بحجم ما تعطى بل بصدق النية ونقاء القلب وإنكار الذات لا يعني أن تهمل نفسك بل أن تمتلك من الحب والرحمة بما يكفي لإسعاد غيرك دون أن تفقد احترامك لذاتك في زمن امتلأ بالضجيج والأنانية يبقى
من يُنكر ذاته شعلة نور نادرة يشبه المطر
لا يُرى حين يهطل لكن أثره يزهر في كل مكان هناك أرواح خلقت من نور لا ترى ذاتها في المرآه بل تراها في عيون من أسعدتهم لأن هذه الأرواح لا تبحث عن المجد بل عن معنى لا تفتش فيه عن المقابل بل عن القيمة الحقيقية فإنكار الذات ليس صمت الضعفاء بل هو صوت العظماء الذي لا يضاهى بصوت آخر هو ذاك الأب الذي خلع راحته ليلبس أبناءه الأمان هو نفس الصديق الذي كان يحمل همك وكأنه همه هو الإنسان الذي نسى نفسه لتتذكره الحياة بجميله دون أن يطلب فمن ينكر ذاته قد يجهله الناس لكن تعرفه الحياة من أثره من بصمته التي لا ترى ولكن تحس هو الذي يتراجع خطوة ليعبر غيره ثم يبتسم دون أن ينتظر شكراً هو
من يؤمن أن العطاء دون شرط هو أعظم مراتب الإنسانية فالتضحية ليست ضعفاً إنها البطولة التي لا ضجيج فيها رغم كثرة الإنتصارات إنها الأيادي التي ترتفع حين تسقط قلوب الآخرين وهي العيون التي تدمع سراً ليضحك غيرها علناً وهي القلوب التي تنكسر من الداخل لكن
لا تنكسر في وجه أحد ليبقى إنكار الذات عملة نادرة لا يحملها إلا العظماء في صمت ويصنعون بها فرقاً واضحاً في حياة الآخرين دون انتظار أى مقابل وكم من أبطال في هذه الحياة لا نعرف أسماءهم فقليل منهم من ينكر ذاته لإسعاد الآخرين كالعالم الدكتور أحمد شاهين فهو من الذين نجحوا فى إنكار ذاته لإسعاد الآخرين لأنه من القلة التى لم ترفع صوتها من أجل مصالحه الشخصية بل كان ممن ساهموا فى رفع غيرهم بمنتهى الحب والإحترام فلترفع له القبعة وترفع للعديد ممن صاروا على هذا الدرب لكونهم الفئة المميزة فى هذه الحياة فقد آن الأوان لكى نطلق جميعاً صرخة عرفان وتقدير لرجل وصفته اجيال عديدة بأنه نجم هذا الزمان وآخر الرجال المحترمين فوجب علي أصواتنا أن تتعانق بحب ولنهمس جميعاً بهدووووووء شديد الدكتور شاهين حالة إنسانية تمشي على الأرض