خالد مصطفى يكتب: الانتخابات البرلمانية بين التهليل والتأجيل

في ضوء التطورات المتسارعة التي تشهدها المنطقة والظروف الإقليمية الصعبة والمعقدة التي تلقي بظلالها على المشهدين السياسي والأمني نتمنى أن يصدر الرئيس قراراً بتأجيل الانتخابات البرلمانية الخاصة بمجلسي الشيوخ والنواب لمدة عام ويحدد الموعد الجديد فى وقت لاحق لأن هذا القرار سيكون بمثابة الحفاظ على الاستقرار الداخلي وضماناً لسلامة العملية الانتخابية ونزاهتها في ظل التحديات التي تفرضها الأوضاع الجيوسياسية الراهنة والتطورات المتلاحقة فى المنطقة خاصة وان أحد طرفى النزاع دولة الكيان الصهيونى التى تربطنا بهم حدودنا الشرقية وإستمرار الحرب مع الجانب الإيرانى سيكون سبباً مباشراً فى تدخل حلفاء إيران فى صلب الصراع وهذا قد يؤدى إلى عرقلة تنظيم انتخابات حرة وآمنة
وفى حال استقرار الأوضاع ستكون الدولة ملتزمة بالمسار الديمقراطي وحريصة على
تعزيز المشاركة الشعبية وضمان تمثيل عادل لكافة فئات المجتمع لان
تأجيل انتخابات مجلسي الشيوخ والنواب
بسبب الأوضاع الإقليمية الصعبة أصبح امراً ضروريا لحين إستقرار الأوضاع لأن وتيرة الصراع غير مفهومة وأجندة الخلاف بين البلدين أصبحت غير واضحة والحرب الدائرة ماهى
إلا محاولة جادة من كل طرف لكسر عظام الطرف الآخر فقرار التأجيل سوف يحمل أبعاداً سياسية وأمنية عميقة لأن لو الدولة أعلنت بالفعل تأجيل انتخابات مجلسي الشيوخ والنواب ستكون خطوة رائعة وقرار شجاع يُغَلِّب مصلحة الوطن العليا على اعتبارات أن التوقيت السياسي حالياً سيئ جداً في ظل ما تمرّ به المنطقة من تحديات استثنائية وضغوط إقليمية غير مسبوقة إن هذا التأجيل لن يُقرأ على إنه إلغاء لمسار ديمقراطي أو شماعة سيعلق عليها اخوان الشر بأن مصر تمر بظروف صعبة ومناخ غير مؤهل للعملية الانتخابية لكن يجب ان يُنظر للأمر على أنه إعادة تموضع استراتيجية في لحظة إقليمية تتطلب أقصى درجات الحكمة والحذر فقد فرضت تعقيدات المشهد الإقليمي بما يحمله من نزاعات ملتهبة وتصعيدات أمنية وتدخلات خارجية واقعاً لا يمكن تجاهله أو القفز من فوقه إن قرار تأجيل الانتخابات سيكون تأكيداً على أن الدولة لا تخوض مغامرات ديمقراطية شكلية بل تنحاز إلى مسار ناضج وواعٍ يُقدّم سلامة الدولة واستقرار مؤسساتها على الصندوق الزمني ومن الممكن أن نرى البعض قد يُعبر عن خيبة أمل في تأجيل أى استحقاق ديمقراطي طال انتظاره لكننى أؤكد بأن القرار لا يعني التراجع عن الالتزام بالانتقال السياسي بل تثبيت أركانه على أرضية أكثر صلابة تضمن نزاهة الانتخابات وسلامة المشاركين بعيداً عن التوترات الإقليمية التي قد تُوظّف
للتأثير على مجريات الداخل
إن الوطن أقوى من أن ينكسر عند محطة زمنية معينة وأذكى من أن يُستدرج إلى تمرينات ديمقراطية في توقيت غير آمن فالرهان الحقيقي ليس على تاريخ الاقتراع بل على قدرة الدولة على صون إرادتها وبناء مناخ انتخابي نقي لا تشوبه مؤثرات العنف أو العبث الإقليمي
لأننا نعيش الان في لحظة لا تُقاس بالزمن
بل تُقاس بثقل التاريخ ومخاطر الجغرافيا لأن قرار الدولة لو أتى بتأحيل انتخابات مجلسي الشيوخ والنواب فكلنا ثقة بأن هذا القرار
لا يصدر عن تردد بل عن يقين لا يحمل انسحاباً من المسار الديمقراطي بل تثبيتاً له على أرضية أكثر تلائم وأعمق وعياً فيجب أن ندرك جميعاً
بأن المنطقة ما تزال على صفيح ساخن
فالنار تحت الرماد في كل اتجاه والتصعيدات
تضرب أطراف الإقليم وتجعل من اللحظة السياسية معقّدة للغاية والقرار مسؤولية
كبيرة لا مجاملة فيها وهنا ترفع الدولة رأسها
لا لتتراجع بل لتعلن ان الوطن لا يُدفع إلى صناديق اقتراع في الظلام بل يُقاد نحوها
في ضوء الحقيقة والأمان ودعونى أؤكد
ان تأجيل الانتخابات ليس ترفاً سياسياً ولا هروباً من استحقاق بل هو عين العقل عندما تكون الظروف حبلى بالاحتمالات والرؤية ملبّدة بضباب المصالح الدولية المتشابكة فالدولة التي تحترم شعبها لا تقوده إلى انتخابات قد تهدد استقراره بل تؤمن له مناخاً نقياً حُراً وآمناً تخرج منه إرادته لا مجروحة ولا مُستغلة
أن الديمقراطية ليست مجرد موعد انتخابي
بل قدرة على حماية المسار حين تعصف به العواصف وإعادة هندسة الطريق حين تتغير معادلات الخريطة فأي قيمة لانتخابات تُجرى تحت التوتر والتصعيد وأي ديمقراطية تُمارس وسط اضطرابات قد تسرق من الشعب صوته قبل أن يصل إلى الصندوق
إن تأجيل الاستحقاق اليوم ليس تأجيلاً للإرادة الشعبية بل هو حماية لها من أن تُختطف
أو تُستدرج إلى حسابات لا تمثلها
إن الشعوب الحيّة تدرك أن لحظات الصبر
قد تسبق لحظات البناء وأن الأوطان لا تُقاس بعدد الانتخابات بل بنوعيتها ونتيجتها واستقلاليتها نعم نطالب بتأجيل الانتخابات
ليبقى الوطن هو الرابح الأكبر حين تُصنع
قراراته بالعقل لا بالاندفاع وبالإدراك لا بالانفعال
إن تأجيل الانتخابات يُعد استثماراً حقيقياً
في استقرار الغد لا يُعد انسحاباً من الاستحقاق الديمقراطي بل إصراراً على أن يكون هذا الاستحقاق في موعده الحقيقي حين يكون الوطن مستعداً له بكل شروطه السياسي والأمنية