خالد مصطفى يكتب: امنيات الغد الغامض

درست الابتدائية في مدرسة الطبري ودرست الإعدادية في مدرسة ابن رشد ودرست الثانوية في مدرسة المتنبي وكانت في مدخل كل مدرسة لوحة كبيرة مرسوم عليها صورة للعالم المسلم الطبري وابن رشد وأشهر شعراء العرب المتنبي وتحت كل لوحة مكتوب نبذة عن أشهر إنجازات ذلك العالم أو الأديب من أجل أن يفتخر الطلاب لكونهم في مدرسة ذلك العالم الشهير ويكون مثالاً تحتذي به الأجيال ولا أعلم لماذا لا يتم إعادة تسمية مدارسنا بأسماء هؤلاء العلماء خاصة وأن دولة مثل الإمارات دخلت
في سباق العلوم الحديثة والذكاء الاصطناعي وتتصدر الدول العالمية في هذا المجال
كثيراً ما يحتفل العالم بإنجازات الغرب في
شتّى العلوم والمعارف وكثيراً ما يتغنّى بأسماء المخترعين والمفكرين الغربيين والذين أخذوا حقهم وزيادة في ذِكر إنجازاتهم وجعلهم مفخرة للأمم ونحن كعرب دعمنا هذه الأعمال وعظمناها وأدخلناهم إلى مناهجنا وأعطيناهم الأولوية ونسينا أنَّ تاريخنا العربيّ والإسلاميّ يزخر بالعلماء والمفكرين الذين سبقوا هؤلاء العلماء بإنجازاتهم للأسف لم نكن كالغرب منصفين في حق علمائنا بل سعينا إلى تمجيد غيرهم متناسين فضلهم على العالم
هناك مبادرة تعليمية عالمية في بريطانيا وتهدف إلى التعريف بالمنجزات العلمية والثقافية التي حققتها الحضارة الإسلامية
في العصور الوسطى اسمها معرض
الألف اختراع واختراع وهو معرض عالمي متجول انطلق من متحف العلوم في لندن
واستطاع المعرض أن يجتذب ملايين الزوار لاشهر متحف علمي في أوروبا ليقدم للزوار حقيقة أساسية وهي أن التراث الإسلامي يتبوأ مركزاً عالياً في موروث البشرية العلمي فأين نحن من ذلك مؤسسة العلوم والتكنولوجيا والحضارة البريطانية هي التي أنشأت المعرض وقد تعاونت المؤسسة مع عدد من أشهر الأساتذة الجامعيين في العالم لإنتاج معروضات تعليمية و تفاعلية يشرح فيها عن العلماء العرب والمسلمين النوابغ وعن تاريخهم حيث يحتوي المتحف على مجسمات لاختراعاتهم وألعاب ورسوم متحركة وأفلام تجذب الصغير قبل الكبير ليكون على اطلاع كامل بالحضارة الإسلامية فخلال زيارتك تشعر وكأنك تجلس
مع ابن الهيثم أو تطير إلى جانب
عباس بن فرناس أو تُتَابع مع ابن سينا عملياته الجراحية وصنع الأدوية وغيرها من الألعاب التفاعلية التي تجعلك تعيش التاريخ بأجمل مراحله حققت معارض وأفلام وكتب ألف اختراع واختراع نجاحاً كبيراً في نشر الوعي وتشجيع الاحترام والتقدير الثقافي والمتسامح بين الشعوب فكم جميل لو تم إنشاء متحف للعلماء العرب والمسلمين ويكون على رأسهم العالِم المسلم العظيم الجزري فاسمه يملأ المتاحف العالمية بينما لم يسمع إلا قلة من العرب بإسمه الجزري أدهش علماء الغرب بإنجازاته ويعتبر هذا المهندس من أوائل من فكروا ونجحوا في صنع آلات ذاتية الحركة تعمل من دون قوة دفع بشرية واعتبر البعض اختراعاته
مثل السحر ومن عجائب ذلك الزمان وقد احتوى كتابه الذي يعرف اختصارا بكتاب "الحيل" على مخططات لمائة آلة ميكانيكية وتوضيحات لكيفية صنع كل واحدة منها وقد استخدم الجزري الماء المتدفق وسيلة لتشغيل آلاته وهناك الزهراوي يُعرَف بعميد الجراحين المسلمين في الأندلس وهناك عالمة الفلك مريم الاسطرلابيه التي لم يَسمَع باسمها سوى القليل رغم إنجازاتها العظيمة والمبتكرة في علم الفلك وبفضل أفكارها وأبحاثها وعلومها استطاع العالم دراسة علم الفضاء وإذا أردنا أن نشجع أبنائنا على دراسة العلوم التكنولوجية الحديثة علينا ربطهم بالعلماء العظام و بتاريخ وإنجازات أجدادهم لنخرج جيلاً فخوراً بتاريخه ويجب على جامعاتنا تغيير طريقة تدريس وشرح المواد العلمية مثلما يحدث في معهد ماساشوستس للتكنولوجيا وجامعة هارفارد وجامعة ستانفورد وجامعة كامبريدج وجامعة إكسفورد من اجل ان نبني مستقبل الحضارة العربية والإسلامية الجديدة