مسجد المرسي أبو العباس” جوهرة الإسكندرية الروحانية ورمز العمارة الإسلامية
مسجد المرسي أبو العباس
إيهابحبلص
في قلب الإسكندرية، عروس البحر الأبيض المتوسط، يقف شامخًا وعلى مر العصور، معلمٌ يجسد الروحانية والجمال المعماري الإسلامي بامتياز مسجد المرسي أبو العباس ، هذا المسجد ليس مجرد مكان للعبادة، بل هو تحفة فنية تحكي قصصًا من التاريخ، وتجذب الزوار من كل حدب وصوب، سواء كانوا باحثين عن السكينة أو متأملين في روعة الفن الإسلامي.
تاريخ عريق وحضور روحاني:
يعود تاريخ المسجد إلى القرن الثالث عشر الميلادي، حيث أُقيم فوق ضريح الشيخ أحمد أبو العباس المرسي، أحد أبرز الأولياء الصالحين وشيخ الطريقة الشاذلية الصوفية في زمانه. وُلِد الشيخ المرسي في الأندلس وانتقل إلى الإسكندرية، حيث قضى حياته في العلم والعبادة، وأصبح منارةً للتقوى والزهد. وبعد وفاته، توافد الناس على ضريحه طلبًا للبركة، مما أدى إلى بناء مسجد وتوسعته على مر العصور ليصبح الصرح الذي نراه اليوم.
عمارة تأسر الألباب:
ما أن تطأ قدماك ساحة المسجد، حتى يأخذك سحر العمارة الإسلامية الأخاذ. يتميز المسجد بتصميمه الفسيح والمهيب، وتجمع عناصره بين الأناقة والبساطة في آن واحد.
* المآذن الشاهقة: ترتفع مآذن المسجد الأربعة برشاقة نحو السماء، وكأنها أصابع تشير إلى عظمة الخالق. تتميز هذه المآذن بزخارفها الإسلامية الدقيقة التي تبرز فن العمارة المملوكية والعثمانية التي طبعت الإسكندرية على مر العصور.
* القبة الكبيرة: تتوسط المسجد قبة ضخمة، تُعد تحفة معمارية بحد ذاتها، حيث تضيء أشعة الشمس الداخلة منها المكان بوهجٍ روحاني، وتضيف إحساسًا بالرحابة والقدسية.
* الزخارف والنقوش: تتزين جدران المسجد الداخلية والخارجية بالعديد من الزخارف الجصية والخشبية والنقوش القرآنية الخطية البديعة، التي تعكس براعة الخطاطين والفنانين المسلمين. هذه الزخارف لا تقتصر على كونها عناصر تزيينية، بل تحمل رسائل إيمانية وجمالية عميقة.
* المحراب والمنبر: يتألق المحراب في اتجاه القبلة بتصميمه الرائع، بينما يقف المنبر الخشبي المزخرف شاهداً على حرفية الصانع، ويُستخدم لإلقاء الخطب الدينية.
* الفناء الداخلي: يضم المسجد فناءً داخليًا واسعًا، يُعد مكانًا هادئًا للجلوس والتأمل، ويُضيف إلى سعة المسجد وجماليته.
مسجد المرسي أبو العباس اليوم:
اليوم، لا يزال مسجد المرسي أبو العباس محتفظًا بمكانته كأحد أهم المعالم الدينية والسياحية في الإسكندرية. فهو يجذب آلاف الزوار يوميًا، من المصلين والسياح على حد سواء، ليقدم لهم تجربة فريدة تجمع بين العبادة، والتأمل في التاريخ، والاستمتاع بجمال الفن الإسلامي.
إن زيارة مسجد المرسي أبو العباس هي رحلة لا تُنسى إلى قلب الروحانية والتاريخ، وفرصة للتعرف على جزء أصيل من تراث الإسكندرية الغني. إنه حقًا جوهرةٌ تتلألأ على شاطئ البحر، ورمزٌ خالد للعمارة الإسلامية في مصر.