فخ «السنة الإضافية» في قطاع البترول… وهل يستحق رئيس «إيجاس» تمديدا جديدا؟
بينما تظل الشركة المصرية القابضة للغازات الطبيعية «إيجاس» أحد الأعمدة الرئيسية في الااستراتيجية الجديدة لوزارةالبترول، تفرض التطورات الإدارية الأخيرة نقاشا مشروعا حول فلسفة القيادة وتداول السلطة داخل الكيانات الضخمة مثل إيجاس.
فالسؤال لم يعد مرتبطا بالأسماء بقدر ما أصبح متعلقا بالمنهج: هل يخدم التمديد الفردي بعد سن المعاش مصلحة الشركة ، أم يرسخ اختلالا هيكليا في منظومة الحوكمة؟
وتبرز المقارنة هنا بين نماذج قيادية مختلفة، مثل المهندس محمود عبد الحميد، العضو المنتدب التنفيذي الحالي، والمهندس مجدي جلال، رئيس الشركة السابق، بما يعكس الفارق بين مفهوم الاستمرارية المؤسسية وبين سياسات التمديد الفردي التي باتت محل جدل واسع داخل القطاع
.
التمديد الفردي: كلفة إدارية تتجاوز الأشخاص
من منظور إدارة الموارد البشرية الحديثة، لا ينظر إلى المد بعد سن المعاش باعتباره قرارا إداريا محايدا، بل باعتباره ممارسة ذات آثار جانبية عميقة، من أبرزها:
انسداد مسارات الترقي: كل عام تمديد لقيادة بلغت سن التقاعد هو عام يسحب فعليا من فرص الصفين الثاني والثالث، ما يخلق حالة من الإحباط المؤسسي ويغذي نزيف الكفاءات.
اقرأ أيضاً
رسالة عاجلة من ”النشرة البترولية”
حجاج كيلاني يقود وفد أنابيب البترول لتفعيل مذكرة تفاهم مع «سيمنس» وDNV وإنكسبرت إنرجي بمركز إمحوتب للإبداع
140 يوماً من الهندسية الإعلامية: ”داوود” يقود التحول الجذري في إعلام البترول
سمير رسلان.. عقل الاستكشاف الذي اعاد صياغة الطموح البترولي برؤية كريم بدوي
النهضة البترولية مستمرة.. لكن من يصلح الجناح الإداري لقطاع البترول؟
وزير البترول يبحث تعزيز فرص الشركات المصرية في مشروع نيوم بالسعودية
وزير البترول متحدثاً رئيسياً في قمة عُمان للهيدروجين الأخضر
عاملون بـ«بوتاجاسكو» يناشدون وزير البترول للتسوية الوظيفية والترقية
عاملون بوتاجاسكو يناشدون وزير البترول بالتسوية الوظيفية وترقيتهم
”أثلجت صدورنا”.. نقيب البترول يشيد بخطاب وزير البترول في اليوبيل الذهبي
اليوبيل الذهبي .. خمسون عامًا من العبور والبناء
د. مايسة أحمد تكتب : الذكرى الخمسين لعيد البترول المصري مسيرة إنجازات وريادة نحو مستقبل الطاقة
إضعاف العدالة والشفافية: التمديد لشخص بعينه يرسخ ثقافة
«الاستثناء»، وهي ثقافة تتعارض مع معايير الحوكمة التي يراقبها الشركاء الدوليون والمؤسسات التمويلية المتعاملة مع شركات بحجم «إيجاس».
تعميق المركزية: الإبقاء على القيادات القديمة في مواقع تنفيذية حساسة قد يحد من قدرة القطاع على تبني أدوات الإدارة الرقمية وأساليب العمل الحديثة التي يتقنها جيل جديد من القيادات.
بين الممارسة العالمية والمشهد المحلي
في كبرى شركات الطاقة العالمية، مثل Shell و ExxonMobil، تدار مسألة التقاعد والقيادة وفق قواعد صارمة لا تخضع للاجتهاد الفردي:
فصل الخبرة عن التنفيذ: يتم الاستفادة من القيادات المخضرمة عبر أدوار استشارية أو عضوية مجالس إدارات، دون منحها صلاحيات تنفيذية تعيق دوران القيادة.
التقاعد الإلزامي: الالتزام بسن تقاعد محدد دون استثناءات، باعتباره أحد أعمدة العدالة المهنية واستدامة المؤسسات.
في المقابل، ينظر محليا أحيايا إلى التمديد باعتباره أداة لتحقيق «الاستقرار»، بينما تشير التجارب إلى أنه قد يخلق ضغوطا إضافية على الإدارة التنفيذية، ويعقد إدارة طموحات الكفاءات الشابة داخل كيان بحجم «إيجاس».
هل يستحق رئيس إيجاس سنة أخرى؟
السؤال هنا لا يجب أن يقرأ من زاوية شخصية أو تقييم فردي، بل من منظور مؤسسي بحت:
هل تحتاج إيجاس إلى تمديد أشخاص، أم إلى تجديد منهج القيادة؟
فالمؤسسات القوية لا تقاس بقدرة أفرادها على البقاء، بل بقدرتها على إنتاج البديل، وضمان انتقال سلس للسلطة الإدارية دون اهتزاز أو فراغ.
الخلاصة: سيادة المؤسسة قبل سيادة الفرد
استمرار سياسة التمديد الفردي يبعث برسائل سلبية، مفادها أن المؤسسة غير قادرة على تجديد دمائها، وهو انطباع لا يعكس الواقع الحقيقي لقطاع البترول المصري الزاخر بالكفاءات.
إن تبني نموذج التقاعد الإلزامي أو التحول المنظم إلى الدور الاستشاري يمثل خطوة ضرورية لتعزيز الحوكمة، ودعم ثقة المستثمرين، وترسيخ صورة إيجاس ككيان مؤسسي حديث.
فقوة المؤسسة في قدرتها على التجدد، لا في تجميد مواقعها.
ورفض التمديد الفردي ليس إقصاءً لأحد، بل هو انتصار للعدالة، وإقرار بأن المستقبل يجب أن يُفتح أمام من يستحق من أجيال القيادة القادمة.

