دكتورة فاتن فتحي تكتب: نريد غاز مثل باقي المدن.. سكان ”حدائق العاصمة” يطالبون بتسعير عادل ويطالبون بتدخل الدولة
سكان حدائق العاصمة، بعد أن استلموا وحداتهم السكنية في مشروع الإسكان الاجتماعي، توقعوا أن الغاز الطبيعي — من أساسيات المعيشة — سيكون متاحًا ضمن مرافق المشروع. لكن عند التقدم للتعاقد مع مودرن جاس (الشركة المكلفة بالتوصيل) فوجئوا بأن الرسوم المطلوبة شديدة الارتفاع.
الشركة طلبت مبلغ حوالي 17,060 جنيهًا كتكلفة توصيل الغاز لكل شقة. وفي حال الدفع بالتقسيط، يصبح الإجمالي المطلوب من السكان أعلى، ويصل إلى نحو 35,000 جنيه. هذا رقم لافت مقارنة بما يُفترض أن يكون ضمن “السعر العادل” للمشروع القومي لتوصيل الغاز.
فعلى سبيل المثال، أعلنت وزارة البترول والثروة المعدنية أن الفئة المستفيدة من “المشروع القومي لتوصيل الغاز للمنازل” تدفع 5,200 جنيه فقط بعد دعم الدولة، ويمكن أن تُقسَّط على 7 سنوات بقسط شهري 62 جنيهًا مضافًا إلى فاتورة الغاز.
المفارقة بين 17,060 جنيه المفترَض دفعها في حدائق العاصمة و 5,200 جنيه — أو 62 جنيه شهريًا على 7 سنوات — في مدن أو مشروعات أخرى تعكس تفاوتًا كبيرًا. هذا التفاوت يُضعِف مبدأ العدالة ويشكك في معايير تطبيق المرافق في الإسكان الاجتماعي.
بعض الأسر أكّدت أن الأمر لم يقف عند الدفع — بعض العقارات رغم أنها سجّلت طلبات توصيل منذ سنوات، إلا أن شبكة التوصيل لا تزال غير مفعّلة، رغم أن التكلفة المطلوبة دفعها كاملة مُسبقًا. هذا أجّل حصولهم على الغاز، وجرّهم إلى بدائل أقل أمانًا مثل أسطوانات البوتاجاز، رغم ما تسببه من عبء شهري زائد وتكاليف متكرّرة.
أحد متضرري التوصيل عبّر: “دفعنا مقدم وأقساط شقة كجزء من مشروع إسكان اجتماعي، والذي كان المفروض يكون الغاز ضمن البنية، لكن اليوم يُطلب منا 17 ألف جنيه — رقم كبير جدًا على أسرة متوسطة الدخل”. آخر أضاف أن “إذا اضطررنا للبوتاجاز سندفع شهريًا أكثر مما دفعناه للتوصيل، وهكذا تظل المعاناة قائمة”.
رد فعل السكان لم يتأخّر — حيث قدموا شكاوى رسمية إلى وزارة البترول وجهاز المدينة، ورفعوا دعوى قضائية أمام محكمة القضاء الإداري، مطالبين بأن يُعاد تسعير التوصيل وفق “سعر المشروع” (5200 جنيه) الذي تضعه الدولة للفئات المستحقة، لا حسب “خدمة عملاء” منفردة بسعر مرتفع.
السكان يطالبون بتطبيق العدالة: إما أن يُعمَّم سعر 5,200 جنيه — أو يتم دفع 62 جنيه شهريًا — على كل وحدات الإسكان الاجتماعي، أو أن يتم توصيل الغاز ضمن البنية التحتية للمشروع منذ البداية دون تحميل الفرد تكلفة باهظة بعد التسليم.
السكان يرون كذلك أن الغاز ليس ترفًا بل حقًا أساسيًا، ويشددون على أن تفاوت الأسعار بهذا الشكل يُعني تمييزًا ضد من هم من محدودي أو متوسطي الدخل — وهي الفئات التي خُصّص لها هذا المشروع أساسًا.
بالنهاية .. إذا استمرت السياسة بهذا المنهى — تحميل السكان بمبالغ تفوق بنسبة 3 إلى 4 مرات ما هو مفترض — ستبقى أزمة التوصيل عنوانًا يح بطلب العدالة في مشروعات الإسكان الاجتماعي، وحتى يتحقق وعد الدولة بعيش كريم لمواطنيها والذي هو الهم الشاغل للقيادة السياسية التي تحرص دائما على مصلحة المواطنين خاصة الطبقات الفقيرة والمتوسطة.


