الثلاثاء 4 نوفمبر 2025 11:45 مـ 13 جمادى أول 1447هـ

رئيس التحرير محمد يوسف رئيس مجلس الإدارة خالد فؤاد حبيب

رئيس التحرير محمد يوسف رئيس مجلس الإدارة خالد فؤاد حبيب

رياضة

من قلب قارة أوروبا.. المدرب السعودي سيف آل نمرة يصنع معجزة ”أبطال السعودية”

يصنع المدرب السعودي سيف ال نمره تجربة كروية سعودية فريدة في قلب أوروبا، مرتكزًا على رؤية وطنية وإصرار لا يعترف بالمستحيل. من الميادين الأوروبية إلى البطولات الدولية، يواصل المدرب سيف ال نمره كتابة فصل ملهم في مسيرة المدرب السعودي خارج الحدود عبر مشروع "أبطال السعودية"، الذي وضع اسم المملكة على منصات التتويج أمام أندية من البرازيل وإسبانيا والبرتغال وإيطاليا، ويمتلك المدرب سيف ال نمره سيرة تدريبية غنية، إذ يعمل مدربًا في شركة صدارة، ومساعد مدرب بنادي الترجي، ويحمل الرخصة التدريبية من الاتحاد السعودي والآسيوي، كما خاض تجارب معايشة داخل أندية أوروبية اكتسب خلالها خبرة فنية وإدارية واسعة، ليصبح نموذجًا للمدرب السعودي القادر على المنافسة عالميًا، وفي هذا الحوار الخاص، نفتح معه كواليس الرحلة، والتحديات، وصناعة مشروع وطني طموح نحو العالمية…

_ بدايةً… كيف وُلدت فكرة إطلاق فريق "أبطال السعودية"؟ وما اللحظة التي قررت فيها أن يحمل الفريق راية الوطن في ملاعب أوروبا؟

في البداية، التحقت ببرنامج معايشة تدريبية في احد الأندية البرتغالية ، واستمرت التجربة لمدة ثلاثة أشهر اكتسبت خلالها خبرة واسعة في العمل الفني والإداري داخل الأندية الأوروبية.

وبعد عودتي إلى المملكة العربية السعودية، تلقيت اتصالًا من النادي لإخباري عن بطولة دولية تُقام بمشاركة أندية من أربع دول: البرازيل، إسبانيا، البرتغال، وإيطاليا. وقد تم ترشيحي لتولي مهمة تدريب الفريق البرتغالي في البطولة، خاصة وأن النادي كان المستضيف لهذا العام.

لكنني اعتذرت عن قبول العرض، وأبديت رغبتي في المشاركة بفريق سعودي يمثل الوطن. قوبلت الفكرة في البداية بالاستغراب، إذ رأى المنظمون أن مشاركة فريق سعودي في بطولة أوروبية أمر صعب وغير ممكن وتقليل من إمكانيات لاعب السعودي إلا أن هذا الموقف زادني إصرارًا على خوض التحدي والإثبات.

حينها أعلنت رغبتي الواضحة:

“اسمحوا لي أن أشارك بفريق سعودي.”

ومن تلك اللحظة انطلقت فكرة تأسيس فريق أبطال السعودية.

أطلقت إعلانًا على مستوى المملكة لاختيار اللاعبين، وتم — بفضل الله — تكوين فريق يضم 21 لاعبًا سعوديًا من مختلف مناطق المملكة. وبعد موافقة النادي البرتغالي على مشاركة الفريق السعودي، تم الاتفاق على رسوم رمزية يتحملها كل لاعب مقابل تكاليف السفر والإقامة والمعيشة، حيث كانت المشاركة بتمويل ذاتي بالكامل.

تكفلت بتنظيم معسكرًا داخليًا في مدينة الدمام لتجهيز اللاعبين فنيًا وبدنيًا، وأيضًا تكفلت بالأطقم الرياضية، والإعلانات، والدعايات، والاحتياجات اللوجستية قبل البطولة وأثناءها وبعدها.

كانت المشاركة مليئة بالتحديات والمسؤوليات، إذ كنتُ المدرب والمسؤول والأب الروحي للفريق في آن واحد لأن أولياء أمور اللاعبين كانوا على تواصل معي مباشرة.
خارج المملكة واجهنا العديد من الصعوبات، بدءًا من قلة التعاون من بعض الجهات الأوروبية، وعدم تهيئة الملاعب بالشكل المناسب، وصعوبات تنظيمية في تفاصيل بسيطة لكنها مؤثرة.

إلا أن الإصرار والعزيمة جعلانا نتجاوز كل العقبات، فمثّلنا الوطن خير تمثيل. في البداية، كان هناك استخفاف من بعض الفرق الأوروبية تجاه الفريق السعودي، لكن بعد فوزنا في أول مباراة بنتيجة ومستوى، تغيّرت النظرة تمامًا، وبدأت الفرق الأخرى تحسب لنا حسابًا حقيقيًا.

ومن المواقف الصعبة التي واجهتنا، أنه بعد تأهلنا إلى النهائي، كان من المقرر أن تُقام المباراة النهائية بعد ثلاثة أيام، إلا أننا تفاجأنا بتغيير الجدول ليصبح النهائي في اليوم التالي مباشرة، بينما كان الفريق المنافس قد لعب مباراته قبلنا بيوم كامل، ما منحه وقت راحة أطول. ورغم ذلك، تغلبنا على الإرهاق والضغوط، وتمكّنا — بفضل الله — من تحقيق اللقب ورفع اسم المملكة عاليًا.

لقد كانت بطولة مورا البرتغالية بمشاركة أندية أوروبية: من البرازيل ومن إسبانيا ومن البرتغال ومن إيطاليا، فيما كنا نحن الممثل الوحيد لمنطقة الشرق الأوسط ممثلين للمملكة العربية السعودية .

وبفضل العمل الجماعي وروح التكاتف، تمكّنا من تحقيق بطولة مورا الدولية، ليُسجَّل هذا الإنجاز باسم المملكة.

ما ميّز فريق أبطال السعودية هو أننا كنا يدًا واحدة، نعمل بروح الفريق الواحد وبإيمان عميق أن “لا مستحيل على السعودي”.

_ عندما رفضت تدريب الفريق البرتغالي وقلت "سأشارك بفريق سعودي".. ما الذي دفعك لاتخاذ هذا القرار رغم صعوبة التحدي؟

رفضت تدريب الفريق البرتغالي لأن هدفي كان تمثيل الوطن ورفع اسم المملكة. الرغبة في إثبات أن اللاعب السعودي قادر على المنافسة عالميًا كانت دافعًا كبيرًا. أي نجاح خارج الوطن يجب أن يكون باسم المملكة العربية السعودية، وليس باسم نادٍ أوروبي.

_ حضرت برامج تدريبية في أوروبا والبرازيل… ما أبرز ما اكتسبته من تلك التجارب؟

حضرتُ دورات تدريبية في أوروبا، واكتسبت خلالها معرفة واسعة بأساليب مختلفة من كرة القدم، حيث تختلف مدرسة عن أخرى في النهج والتكتيك. •المدرسة الإيطالية: تعتمد بشكل كبير على الانضباط الدفاعي والمرتدات السريعة.
•المدرسة الإسبانية: تركز على البناء من الخلف والتحكم بالكرة والاستحواذ.
•المدرسة البرتغالية: تعتمد على اللعب في العمق أو العرضيات الدقيقة.
•المدرسة البرازيلية: تركز على الإبداع الفردي، والمهارات الفنية العالية، والهجوم السريع.

من خلال هذه الدورات، طوّرت قدراتي على قراءة المباريات، وفهم أساليب اللعب المختلفة، وتطبيق التكتيك المناسب لكل موقف، مما ساهم في صقل مهاراتي الفنية والتدريبية بشكل كبير.

_ ما أهم درس تعلمته في بداياتك وما زلت تطبقه حتى اليوم؟

أهم درس تعلمته هو أن النجاح لا يأتي بسهولة وأن الإصرار والمثابرة هما المفتاح الأساسي. تعلمت منذ البداية أن كل عقبة هي فرصة للتعلم والنمو، وأن الثقة بالنفس والعمل الجاد يمكن أن تحقق ما يبدو مستحيلاً. هذا الدرس لا زلت أطبقه يوميًا سواء في التدريب أو تطوير اللاعبين.

_ كيف تصف أسلوبك التدريبي؟ وهل تركز على الجانب التكتيكي أم النفسي؟

أسلوبي التدريبي متوازن بين الجانبين التكتيكي والنفسي. أعطي أهمية كبيرة لتطوير مهارات اللاعبين من الناحية الفنية والتكتيكية، لكني أؤمن أن الجانب النفسي، مثل الثقة بالنفس والانضباط والتركيز، هو ما يصنع الفارق الحقيقي في المباريات الحاسمة.


_ برأيك، ما العنصر الأهم في نجاح المدرب: الموهبة أم الانضباط؟

الانضباط هو العنصر الأساسي في نجاح أي مدرب. الموهبة مهمة، لكنها لن تثمر بدون التخطيط، الالتزام، والانضباط الشخصي والجماعي. المدرب المنضبط قادر على توجيه الموهبة بأفضل شكل وتحويلها إلى نتائج ملموسة.

_ ما المباراة التي لا تنساها؟ ولماذا؟

المباراة التي لا أنساها هي نهائي بطولة مورا البرتغالية، حيث كان فريقنا السعودي الممثل الوحيد للشرق الأوسط. التحديات كانت كبيرة، من تغيير جدول النهائي إلى نقص الدعم المادي، وظلمٍ تحكيميٍ واضح، ناهيك عن استفزازات الجمهور البرتغالي، إذ كنا نلعب ضد نادٍ برتغالي على أرضه وبين جماهيره، لكننا تغلبنا بالإصرار والعمل الجماعي، ورفعنا الكأس باسم المملكة. هذه المباراة علمتني أن الإرادة والعزيمة تتغلب على كل الصعوبات وأن النجاح ممكن مهما كانت التحديات.

_ من هم المدربون الذين شكّلوا رؤيتك التدريبية؟

قدوتي في التدريب هم المدربون الذين يجمعون بين الانضباط الفني والرؤية الاستراتيجية، مثل بيب غوارديولا في أسلوبه التكتيكي، وكذلك المدربون الأوروبيون الذين زودوني بخبراتهم أثناء دورات التدريب في إسبانيا، البرتغال، وإيطاليا. أعجبني كيف يدمجون بين العقلية الاحترافية وإدارة الفريق بذكاء.


_ ما الرسالة التي توجهها للجيل السعودي من المدربين واللاعبين؟

النجاح لا يأتي بسهولة، بل هو ثمرة الصبر، والطموح، والاستمرارية. ضع لك حلمًا وهدفًا واضحًا، وسِر نحوه بثقة.
لا تيأس، ولا تلتفت لمن يحبطك أو يقلل من قدراتك.
لا مستحيل على السعودي.

ونحن مقبلون على استضافة كأس العالم 2034، وهي فرصة عظيمة لكل لاعب سعودي طموح أن يثبت نفسه.

_ ماذا عن خططك المستقبلية؟ وما قصة توقيع اتفاقية برشلونة؟

الحمد لله، تم توقيع اتفاقية مستقبلية مع مشرفي أكاديمية نادي برشلونة باسم SMA PLAYER، والتي سأديرها شخصيًا،وتمت الاتفاقية عبر WINSCORE، حيث ستُقام معسكرات تدريبية في برشلونة للاعبين السعوديين بمشاركة لاعبي نادي برشلونة.

تهدف هذه المعسكرات إلى: • إعداد اللاعبين وتجهيزهم للمستوى الاحترافي
• تطوير مهاراتهم الفنية والبدنية
• تزويدهم بخبرات التدريب الحديثة والمستوى الأوروبي


_ سؤال أخير.. ما الذي تقول إنه ما زلت تطمح لتحقيقه ولم يتحقق بعد؟

أطمح إلى: • تطوير منظومة تدريبية متكاملة للاعبين السعوديين محليًا ودوليًا
• تأسيس معسكرات بالتعاون مع أكاديميات أوروبية
• الوصول إلى تدريب أندية سعودية وأوروبية محترفة